رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمين مجلس كنائس مصر: جميع القيادات الكنسية فى غاية الإخلاص لعقائدهم ولا محو لأى عقيدة لصالح أخرى

الدستور تحاور الأب
الدستور تحاور الأب يسوع يعقوب

- البابا تواضروس هو بابا الكنائس المصرية كلها وفى ظل وجوده سنتمكن من تحقيق الكثير من الإنجازات

- عدم الوعى هو العدو اللدود للعمل المسكونى أو الوحدة بحسب المصطلح الدارج

- شاركنا فى وضع مشروع قانون الأحوال الشخصية.. وهناك باب منفصل لكل كنيسة فى القضايا الخلافية

يلعب مجلس كنائس مصر، الذى جرى إنشاؤه قبل ١٠ سنوات، دورًا رئيسيًا فى التقريب ولم شمل الكنائس المصرية بمختلف مذاهبها وأفكارها وتوجهاتها، بما يضمن تحقيق مصلحة الأقباط ووأد الفتن والتأليف بين القلوب.

وقال الأب يشوع يعقوب، أمين عام المجلس، والعميد المُساعد لكاتدرائية جميع القديسين الأسقفية بالزمالك، إن الهدف من إنشاء المجلس ليس تذويب العقائد ولا الانتصار لصالح عقيدة على حساب الأخرى، ولكن إيجاد مساحة للحوار والتقريب بين وجهات النظر بين القيادات الكنسية.

وأضاف فى حواره لـ«الدستور»، أن الرئيس عبدالفتاح السيسى استهل عهده بالتأكيد على مبادئ المواطنة الحقيقية من خلال حرصه على مشاركة الأقباط أفراحهم وأحزانهم وزيارة كنائسهم والحديث معهم حديث الأب مع أبنائه.

وأشار إلى أن أكبر عدو للأقباط هو عدم الوعى، محذرًا من خطورة نشر الشائعات، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعى، وصنع الفتنة فى سبيل الحصول على تفاعل.

■ بصفتك أمينًا لمجلس كنائس مصر، ما تقييمك لأوضاع الأقباط فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى؟

- هناك العديد من الأمور الإيجابية التى لا يمكن حصرها، أبرزها اللجنة المُشكلة بمعرفة مجلس الوزراء لتقنين وتوفيق أوضاع الكنائس والمبانى الخدمية، إضافة إلى صدور قانون بناء الكنائس الموحد.

الرئيس السيسى استهل عهده بالتأكيد على مبادئ المواطنة الحقيقية، من خلال حرصه على مشاركة الأقباط أفراحهم وأحزانهم وزيارة كنائسهم والحديث معهم حديث الأب مع أبنائه.

والحقيقة أنه لم يسبق لنا أن عايشنا رئيسًا يدخل الكنائس ويصافح الأقباط يدًا بيد، ويهنئهم بأعيادهم ويؤسس أكبر كاتدرائية فى مصر بجوار أكبر مسجد فى العاصمة الإدارية.

ونحن نطمع فى مزيد من التسهيلات التى تتعلق بإجراءات بناء الكنائس، والعمل على استثمار المواهب والطاقات القبطية فى المراكز المتقدمة ببعض المؤسسات، ونثق أن ذلك سيأتى تباعًا فى عهد الرئيس السيسى.

■ ما مدى استجابة الكنائس للمبادرات الرئاسية؟

- استجابة واسعة جدًا، فرأينا الكنائس تشارك فى قمة المناخ، وتستجيب حاليًا لمبادرة «اتحضر للأخضر» بإطلاق حملات زراعة الأشجار، كما حثت جميع الأقباط على الاطمئنان على صحتهم بالتجاوب مع حملة «١٠٠ مليون صحة».

■ وكيف تنظر لجهود البابا تواضروس الثانى؟ وبمَ تصفه؟

- هو بابا الكنائس المصرية كلها، ويتمتع بفكر مسكونى منفتح على الآخر ويتمتع بثقافة عالية ويتمتع بملكة الحوار، وأصلى أن يحميه الله، ونحن فى ظل وجوده سنتمكن من عمل الكثير بفضل إيمانه بالحوار والعمل الجماعى.

■ ما رؤيتكم لمجلس كنائس مصر خلال فترة توليكم منصب الأمين العام؟

- توليت الأمانة العامة فى ١١ فبراير ٢٠٢٣، ولكننى توليت منصب الأمين العام المُشارك عن الكنيسة الأسقفية بالمجلس لمدة ست سنوات مُتصلة، ونظام المجلس ينص على أنه تتولى كل كنيسة من الكنائس الخمس الأمانة العامة للمجلس لمدة عامين، وبدأنا بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ثم الكنيسة الإنجيلية، ثم الكنيسة الكاثوليكية، ثم كنيسة الروم الأرثوذكس، ثم حان الدور على الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية فى أمانة المجلس.

والحقيقة أن بلوغى منصب الأمين المُشارك فى هذه السنوات الست، منحنى الخبرة والخلفية الكافية، التى تعتبر خير معين لى فى تدبير شئون المجلس خلال فترة تولى شئون الأمانة العامة، لذا سأعمل جاهدًا على الحفاظ على الثمار التى نمت فى السنوات العشر الماضية، والعمل على رسم خطة متكاملة لمضاعفة الثمار فى جميع اللجان بإذن الله.

■ نعلم أن فكرة مجلس الكنائس خرجت من رحم الكنيسة الأسقفية، بمقترح عرضه المطران منير حنا على قيادات الكنيسة الأرثوذكسية، فما سبب تأخر تولى «الأسقفية» أمانة المجلس؟

- الإجابة عن هذا التساؤل تنحصر فى ثلاث نقاط، الأولى أن قداسة البابا الأنبا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، وعلى الرغم من أن كنيسته لها الأغلبية العددية فى مصر، فإنه حرص كل الحرص على تساوى جميع الكنائس الخمس فى التمثيل والمسئوليات، وبدأ الأمر من طاولة اللقاءات، فقد جاءت خُماسية لتسع الكنائس الخمس فى محبة حقيقية دون تمييز.

النقطة الثانية أنه إن كانت كل كنيسة لها تولى الأمانة العامة لمدة عامين، إلا أن ذلك لم ولا يعنى تهميش الكنائس الأخرى، وذكرت مُسبقًا أننى توليت منصب الأمين المُشارك لمدة ست سنوات، حتى فى اللجان الداخلية والرئيسية والفرعية، فالكنائس لها ممثلوها ومقرروها بشكل عادل.

النقطة الثالثة أن روح المسيح التى هى روح وديعة ومتضعة تعم وتسود المجلس ولقاءاته حتى يخرج ثمرًا مرضيًا أمام الله أولًا، ويعم بالخير على المجتمع المصرى، ونجد أن الكتاب المُقدس ينص على مبادئ تحرص على تطبيقها الكنائس الخمس، بما فيها الأسقفية مثل «وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِى الْكَرَامَةِ». (رو ١٢: ١٠)، وأيضًا «إِذَا أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَكُونَ أَوَّلًا فَيَكُونُ آخِرَ الْكُلِّ وَخَادِمًا لِلْكُلِّ». (مر ٩: ٣٥).

■ ما النفع الذى يعم على الكنائس من إنشاء المجلس الموحد؟

- يُعد مجلس كنائس مصر حُلمًا لطالما حلم به الأقباط على مدار سنوات سابقة، ونشكر الله على تجسيده وتمثيله على أرض الواقع منذ ١٠ سنوات، ولعل السبب فى ذلك هو أن المجلس يعتبر ملمحًا رئيسيًا من ملامح «وحدة الكنائس»، وهى شهوة فى قلب المحبين لله منذ أن بدأت الانقسامات عام ٤٥١م.

ولنا أن نرتكز جميعًا على مبدأ أنه «لا مفر من المسكونية ولا بديل عن التنوع»، لأن العمل فى وحدة يعطى قوة، وهذه القوة فى ذاتها تعطى مساحة أوسع فى مواجهة التحديات التى تواجه الكنيسة المصرية بكل طوائفها، والرب نفسه يقول «لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِى فَهُنَاكَ أَكُونُ فِى وَسْطِهِمْ». (مت ١٨: ٢٠).

■ فيمَ تقصد تحديدًا بذكرك مصطلح «الوحدة»، هل هى وحدة عقدية كما يُروج عبر منصات التواصل الاجتماعى؟ أم أن لها وجهًا آخر؟

- بالطبع لا، فوحدة الكنائس المصرية داخل المجلس ليس تماثلًا أو ذوبانًا عقديًا أو وحدة عقيدية، ورغم مرور ١٠ سنوات على إنشاء المجلس، إلا أنه لم نر أن كنيسة تركت معتقداتها لصالح كنيسة أخرى، إذن فالإجابة هُنا أن هذه الوحدة ليست عقدية، فكل كنيسة لها استقلاليتها العقدية والطقسية.

والمجلس أعطى مساحة كُبرى للتعاون والتناغم بين الكنائس الخمس، وصنع أمورًا مُشتركة بينها تساعد فى أن يعم الخير الكنيسة المصرية ككل والمجتمع المصرى كذلك، فمثلًا فى ملفات مثل ملفات المرأة والشباب، ما يُقدم من مشروعات وأفكار مبتكرة يستفيد منه كل المشاركين من الكنائس الخمس، مما يسمح لهم بالعودة وتطبيق ما تعلموه فى كنائسهم، سواء كانت هذه الكنائس فى المدن الكبيرة أو فى القرى النائية.

كما أنه فى لجنة الرعاة والكهنة هناك مؤتمر يُنظم سنويًا يشارك به ما يقارب الـ٢٠ راعيًا من كل كنيسة، نتحدث خلاله عن الوحدة الحقيقية التى لا تجور على العقيدة والإيمان، مما يثمر عملًا مسكونيًا مُرضيًا لجميع الأطرف، فيخرج الراعى مستنيرًا وواعيًا بعمل المجلس ليعاونه فى ذلك العمل بنقل هذه الرؤية إلى شعبه.

■ هذه الوحدة تواجه عراقيل، فما أبرزها؟ وكيف تخططون للتغلب عليها؟

- عدم الوعى، هو العدو اللدود للعمل المسكونى أو الوحدة بحسب المصطلح الدارج؛ لأن هُناك بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعى الذين لا دراية كافية لهم بالمجلس ولا طريقته فى العمل المسكونى، يخرجون بكل أريحية، وهم على منابر واهية داخل منازلهم، يروجون أمورًا لا أساس لها من الصحة، فيتسببون فى إثارة البلبلة وصنع الفتنة.

فأنا أتخيل أن أحدهم يجلس فوق أريكته ويكتب عبر صفحة يتابعها عدد كبير من الأقباط أن هناك اتفاقًا عقديًا بين كنيستين، أو أن تصرفًا مُعينًا للأنبا فلان أو المطران فلان له دلالة أن هناك ذوبانًا للعقيدة داخل عقيدة أخرى، وهو ما يعقبه آلاف التعليقات السلبية التى تحدث شحنًا لا حاجة له.

فى حين أن السبيل الوحيد لمواجهة هذه الأمور، هو أن يعرف الأقباط ويثقون أن لا محو لأى عقيدة لحساب عقيدة أخرى، وأن جميع القيادات والممثلين للكنائس فى غاية الإخلاص لعقائدهم، ولنا أن نستمع للمصطلح الرائع الذى كان دائمًا ما كان يتبناه مثلث الرحمات البابا شنودة الثالث، الذى كان يقول عن الكنائس الأخرى «الكنائس المتنوعة».

■ كيف يتعامل المجلس مع البعض من مثيرى هذه الفتن عبر «السوشيال ميديا»؟ وهل هناك عقوبات؟

- لا توجد عقوبات، ولكن نصيحتى للجميع بالتواصل مع رئيس الكنيسة أو ممثلها فى المجلس لاستيضاح الأمور.

■ بالعودة لمجلس كنائس مصر.. ما التحديات التى تعوق العمل؟

- كانت جائحة فيروس كورونا أكبر تحدٍ من التحديات التى واجهت المجلس منذ إنشائه، وذلك بسبب وقوف الاجتماعات والنشاطات، كما أن المشغولية لا سيما الرعوية للقادة والممثلين تعتبر أيضًا تحديًا، فمن الصعب أن تختار موعد اجتماع يناسب جميع قيادات الكنائس أو ممثليها.

ونواجه هذه التحديات بعمل تجديد للدماء والفكر، من خلال تغيير المسئولين كل أربع سنوات، مما يحمى المجلس من الركود ويمنحه أكبر مساحة للإبداع والابتكار.

■ كيف يُدار المجلس وكيف يُمول؟

- للمجلس لجنته التنفيذية التى تتكون من ممثلى الكنائس الخمس تجتمع بشكل ربع سنوى لبحث أهم الملفات المستجدة، كما أن هُناك لجنة مالية مسئولة عن مسألة التمويل التى تعتبر قناتها الرئيسية هى اشتراكات الكنائس الأعضاء، وهناك عمومًا ١٣ لجنة أبرزها لجان الرعاة والشباب والمرأة.

■ هل هناك بصمة للمجلس فى المجتمع المصرى؟

- بالطبع، وإن كان ذلك لا يحدث فى هيئة مشروعات تنموية ضخمة، لأن كل كنيسة من الكنائس الخمس تحرص كل الحرص على تقديم ما فى طاقة يدها للوطن الغالى من مدارس ومستشفيات وخلافه، إلا أنه على سبيل المثال حينما يناقش المجلس مسألة الانتحار أو الإجهاض أو الإلحاد ويخرج بنشرة عن الأسباب المؤدية له وكيفية التعامل معها، فذلك حتمًا يؤثر بالخير على المجتمع.

ويجب أن نراعى أن العمل المسكونى حتى نشعر به وبثماره على أرض الواقع يلزمه الوقت، ولا يمكن أن نتنبأ به بل نصلى أن يجعله الله فى الوقت الأنسب وفق مشيئته، كما أن الدورات التدريبية التى تُمنح تأتى لخدمة المصريين عمومًا دون التمييز، فنحن نخدم الإنسان.

■ على أرض الواقع هل للمجلس بصمة فى وضع مسودة أو مشروع قانون الأحوال الشخصية؟

- بكل تأكيد، فاللجنة القانونية للمجلس والمكونة من ممثلى الكنائس هى التى وضعت القانون، الذى سيخرج فى هيئة قانون يوحد بين الكنائس بالنسبة للمسائل المتفق حولها، مثل الخطبة والزيجة، ويحتوى بداخله على أبواب منفصلة لكل كنيسة فى القضايا الخلافية، مثل الانفصال والمعروف باسم الطلاق.

■ ومتى يخرج القانون إلى النور؟

- دورنا ككنائس انتهى بتسليم مسودة مشروع القانون إلى البرلمان، وسنتدخل فى حال وردت لنا أى طلبات بالتعديل أو تفسير أمر غامض أو حل الالتباس.

■ بالنسبة لقانون الزى الكهنوتى.. هل تم فتح مجال للنقاش داخل المجلس حول ذلك القانون؟

- إلى الآن لم يحدث.. وإذا تم فللكنيسة الأسقفية «الكاسوك» الذى يرتديه رجال الكنيسة.