رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أول زيارة خارجية لتشارلز!

إلى «أقرب وقت ممكن، حتى يتم الترحيب بجلالته فى ظروف تناسب العلاقات الودية بين البلدين»، طلب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون تأجيل زيارة تشارلز الثالث، ملك بريطانيا، إلى باريس، التى كان من المقرر أن تبدأ اليوم، الأحد، بعد أن شهد، يوم الخميس، أسوأ أعمال عنف، منذ أن بدأت المظاهرات الرافضة لاعتزام الحكومة الفرنسية إصدار قانون يرفع سن التقاعد من ٦٢ إلى ٦٤ سنة، دون تصويت برلمانى.

زار «تشارلز» فرنسا ٣٣ مرة، منذ ولادته. لكن الزيارة المؤجلة كان من المفترض أن تكون هى أول زيارة خارجية له، بعد اعتلائه العرش. وكان القصر الملكى، قصر باكنجهام، قد أعلن، منذ ثلاثة أسابيع، أن الملك، وزوجته كاميلا، سيتوجهان إلى فرنسا ثم ألمانيا من ٢٦ إلى ٣١ مارس، فى أول زيارة دولة إلى الخارج، «احتفاء بالعلاقات» بين المملكة المتحدة وهذين البلدين، وتثمينًا للتاريخ والثقافة والقيم المشتركة. 

أدق تفاصيل الزيارة جرى الترتيب لها منذ ذلك الوقت، بدءًا من تخصيص وزارة الداخلية الفرنسية ١٢٠٠ عنصر أمن لحمايته، ووصولًا إلى رفع سقف السيارة التى سيتنقل بها لكى يتناسب مع القبعات التى ترتديها زوجته، و... و... والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن الاجتماع، الذى استمر يومًا كاملًا، فى قصر الإليزيه، بين الرئيس الفرنسى، وريشى سوناك، رئيس الوزراء البريطانى، فى ١٠ مارس الجارى، كان أول لقاء قمة ثنائية، يجمع قادة البلدين، بعد خمس سنوات، شهدت خلافات مرتبطة باتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، ومشاحنات بين ماكرون وبوريس جونسون، رئيس الوزراء الأسبق، ثم مزيدًا من تدهور العلاقات فى فترة ليز تراس القصيرة، التى رفضت فيها أن تحدد ما إذا كان الرئيس الفرنسى صديقًا أم عدوًا!

حسب العرف، تتم جميع الزيارات الرسمية الخارجية للملك وأفراد العائلة الملكية، بناءً على نصيحة الحكومة. وكان من المفترض أن تكون زيارة تشارلز الخارجية الأولى إلى مصر، لحضور قمة المناخ، أو الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى استضافتها مدينة شرم الشيخ، فى نوفمبر الماضى، غير أن صحفًا ووسائل إعلام بريطانية، من بينها جريدة الـ«صنداى تايمز»، ذكرت، فى أول أكتوبر، أن ليز تراس، رئيسة الوزراء السابقة، «أمرت» الملك بعدم حضور القمة، وردّ قصر باكنجهام، بأن «تراس» نصحت الملك، بعد أن طلب هو النصيحة. 

قيل وقتها إن رئيسة الحكومة السابقة رأت أن قمة المناخ ليست الحدث المناسب، لتكون أول زيارة خارجية للملك. مع أن الأخير كان يبدى اهتمامًا بقضايا البيئة، وكثيرًا ما شدّد على خطورة التغيرات المناخية على الكوكب وحياة البشر. والطريف، أن «تراس» لم تكمل شهرًا فى منصبها، ثم كانت أول زيارة خارجية يقوم بها ريشى سوناك، رئيس الوزراء، التالى والحالى، إلى شرم الشيخ، ليشارك فى قمة المناخ. وعلى هامشها، استقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتبادل معه الرؤى بشأن الملفات ذات الاهتمام المشترك. واتفق الزعيمان على تدعيم أطر التعاون الثنائى، وتكثيف الحوار المتبادل بين البلدين الصديقين خلال الفترة المقبلة.

المهم، هو أن استطلاعًا للرأى أظهر، الخميس، أن ٨٧٪ من الفرنسيين مع تأجيل زيارة الملك البريطانى. كما أكد برلمانيون وسياسيون أن الزيارة تأتى فى ظروف غير مناسبة، واستنكروا أن يقيم الرئيس ماكرون حفلًا باذخًا للضيف فى قصر «فيرساى»، بينما يعانى غالبية الفرنسيين من الغلاء والقلق على مستقبلهم. وتداول مواطنون، على شبكات التواصل الاجتماعى، صورًا لأكياس القمامة المتكومة على أرصفة باريس، متسائلين عن أضرار الصورة السلبية، التى ستنقلها وسائل الإعلام، خلال الزيارة، للعاصمة الفرنسية!

.. وأخيرًا، قال مكتب الرئيس الألمانى، فرانك- فالتر شتاينماير، فى بيان أصدره أمس الأول الجمعة، إن زيارة ملك بريطانيا إلى ألمانيا، ستمضى قدمًا كما كان مقررًا. ما يعنى أن برلين، المتوقع أن يصلها تشارلز وزوجته، الأربعاء المقبل، ستكون هى أولى محطاته الخارجية، بعد اعتلائه عرش المملكة البريطانية!