كاهن «كليفلاند وأوهايو» يكشف لـ«الدستور» أسرارًا من حياة البابا شنودة (حوار)
البابا شنودة الثالث كان يحب الفقراء والمساكين ويسد كل احتياجاتهم
كان يصلي من أجل سلام الكنيسة في فترة التحفظ عليه عام 1981
كان يأكل العيش والدُقة فقط في أسبوع الآلام
البابا لم يضع قاعدة «لا طلاق إلا لعلة الزنا»
تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في 17 مارس 2023، بالذكرى الحادية عشرة لرحيل البابا شنودة الثالث، البطريرك الـ117 من بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فيما تتأهب للاحتفال بمئوية ميلاده في 3 أغسطس 2023.
وبالتزامن، أجرت "الدستور" حواراً مع القمص ميخائيل إدوارد ميخائيل، كاهن الكنيسة القبطية في كليفلاند الأمريكية، الذي جمعته مع الأنبا شنودة الثالث علاقة محبة وذكريات لا تنسى، والذي تتلمذ على يديه منذ عام 1964، وإلى نص الحوار:
في البداية نريد أن نعرف كيف تعرّفت على البابا شنودة الثالث؟
أنا القمص ميخائيل إدوارد ميخائيل كاهن كنيسة مارمرقس الرسول بكليفلاند وأوهايو. تعرّفت على البابا شنودة الثالث عندما كان أسقفًا للتعليم من خلال حضور محاضراته في الكاتدرائية المرقسية عام 1964.
من خلال قربك للبابا.. كيف لمست قوة ذاكرته؟
البابا شنودة الثالث كان يتمتع بقوة ذاكرة فريدة من نوعها وعندما كان يحكي أمامنا قصصاً معينة أومواقف مع الآخرين حدثت لعشرات السنين كان يحكيها بدقة كبيرة حسبما حدثت بالأرقام والأشخاص وكان يكررها في أوقات مختلفة وكانت تسير بالدقة والمطابقة في كل المرات.
كواليس زيارات البابا إلى الخارج؟
كان قداسته يتميز بالاهتمام بالجماعات والأفراد وإنشاء الكنائس والأديرة مع مراعاة وضع المصريين والاهتمام بنجاحهم في كل المجالات.
كيف رأيت علاقة البابا شنودة برؤساء الخارج عندما أصبح بطريركًا؟
كان قداسة البابا شنودة الثالث يهتم بزيارة الملوك والرؤساء والمحافظين والعمد وكان يهتم بالحديث عن مصر والمصريين وعن وطنيته وعن توطيد العلاقة بين هذه الدول ومصر.
وكيف نمت الخدمة في المهجر والولايات المتحدة في عهد البابا؟
عندما رسم البابا في 14 نوفمبر 1971 كان في المهجر كنيستان في كندا وكنيستان أيضًا في أمريكا وكنيستان في أستراليا، وحتى نياحته في 17 مارس 2012 أصبح لنا أكثر من 30 كنيسة في كندا و100 كنيسة في أمريكا و25 كنيسة في أستراليا.
ماذا عن علاقته بالمصريين في الخارج؟
كان قداسته يشجع المصريين بالخارج لزيارة وطنهم الأصلي في مصر وكان يتحدث عن مصر وأصالتها وكيف يجب أن يحافظوا عن القيم والأخلاقيات المصرية الأصيلة.
ما الذى تعلمته من البابا شنودة خلال قربك منه؟
تعلمت منه محبته للجميع بصرف النظر عن دينهم وجنسيتهم والبذل والتضحية للكل كما كان يهتم بالجماعات والأفراد على حد سواء وكان يظهر للجميع كيف يكونون أمناء في علاقاتهم مع الله وفي المجتمع ومع كل الناس بلا تفرقة.
اكشف لنا الجوانب الخفية في شخصية البابا شنودة؟
البابا شنودة الثالث كان يحب الفقراء والمساكين وكان يسد كل احتياجاتهم.
حدثنا عن الفترة الأخيرة في حياة البابا شنودة الثالث
لقد زارنا قداسة البابا في كليفلاند 32 مرة من عام 1977 وحتى عام 2012 وقد زرت قداسته قبل نياحته بحوالي شهر وكان متألمًا جدًا ولكن استمر في خدمته وفي حرصه على إلقاء المحاضرة التي كانت الأخيرة قبل نياحته بأيام قليلة وكان متمتعًا بذاكرته القوية وحبه للجميع.
من هي الشخصيات المؤثرة في حياة البابا؟
أبرز الشخصيات التي أثرت في حياة البابا شنودة الثالث هم السيدة العذراء مريم ورئيس الملائكة ميخائيل والأنبا أنطونيوس والأنبا بيشوي ومن الشخصيات المعاصرة الشماس إسكندر حنا والأرشيدياكون حبيب جرجس والقديس ميخائيل إبراهيم.
كان للبابا شنودة تأثير على شخصيتكم فما أبرز المواقف الذي جمعت بينكم؟
كان قداسة البابا له تأثير كبير على شخصيتي فمنذ أن عرفت قداسته من عام 1964 أثناء حضوري الإكليريكية وتتلمذت على يديه من سنة 1968 إلى عام 1972 واستمرت في هذا حتى نياحة قداسته وأكثر ما تأثرت به محبته وعلمه وحكمته وحسن معاملته مع الكل وكيف كان يحب الفقراء والمساكين وكان يقول عبارته المشهورة «الله يحب الذين يعملون معه تكون يديهم فرطة أي أن يكونوا أسخياء في العطاء».
صف لنا مشاعر البابا شنودة فى فترة التحفظ عليه بالدير وكيف كان يحدثك عنها
في فترة التحفظ عام 1981 كان قداسته في صلاة ويصلي من أجل سلام الكنيسة وكان فرحًا بعودته إلى حياة الخلوة والرهبنة التي لم يتركها وقد بنى الكاتدرائية بدير الأنبا بيشوي وكتب 14 كتابًا وألقي كثيرا من المحاضرات على رهبان الدير وكان يتابع أمور الكنيسة وقد أرسل قداسته لى تهنئة شخصية من الدير بمناسبة حصولى على الماجستير والدكتوراه من إحدى الجامعات في ولايه أوهايو.
كنت مقربًا من البابا شنودة فكيف كان البابا يدير خلافاته مع خصومه؟
كان قداسته محبًا للجميع حتى الذين كانوا يخاصمونه أو يختلفون معه في الآراء وكان يكسبهم بمحبته وحكته ولباقته ورقته.
ما أسباب خلاف البابا شنودة مع الأنبا غريغوريوس ومتى المسكين؟
كان قداسته يرد عن رأي الكتاب المقدس والكنيسة في الموضوعات التي صار عليها خلافات ولا يتعرض للأشخاص ولكن يرد على الموضوعات وقد زار قداسته أبونا متى المسكين أثناء مرضه.
ما طقوس البابا فى أسبوع الآلام؟
كان قداسته في أسبوع الآلام يصوم أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء وكان يأكل فقط عيش ناشف ودقة ومن يوم الخميس العهد إلى ليلة العيد كان يصوم صومًا انقطاعيًا بدلاً عن أي شيء.
هل وضع البابا شنودة «بروتوكولًا» خاصًا للكرسى البطريركى فى عهده؟
لم يضع البابا بروتوكولاً خاصَا للكرسي البطريركي في عهده ولكنه أضاف كثيرًا للكرسي البطريركي من خلال علمه ودقته ومحبته وبذله وتضحيته ووجدنا نلقبه بأثناسيوس القرن العشرين والواحد والعشرين.
ما الإرث الأجتماعي والسياسي الذي تركه البابا شنودة من وجهة نظرك؟
الإرث الاجتماعي والسياسي الذي تركه قداسته أن المجتمع المصري والكنسي صار أكثر تماسكًا وترابطًا فقد لقبه الكثيرون بـ«بابا العرب»، أما عن الإرث السياسي فكان قداسته سياسيًا بل كان وطنيًا.
هل أخطأ البابا شنودة حين وضع القاعدة «لا طلاق إلا لعلة الزنا»؟
لم يضع البابا قاعدة «لا طلاق إلا لعلة الزنا»، لكن هذا تعليم السيد المسيح في الكتاب المقدس وأصر البابا على هذا التعليم الكتابي «وأقول لكم من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بإحدى فيزني والذي يتزوج بمطلقة يزني».
حدثنا عن لجنة البر في عهد البابا شنودة
كان قداسته يجتمع في لجنة البر الاهتمام بالفقراء والمساكين كل يوم خميس في القاهرة ومرة كل أسبوعين بالإسكندرية، وقد حضرت معه مرتين أثناء زيارتي إلى مصر وكان يصرف أكثر من 70 ألفًا في المرة الواحدة وكان يهتم بالعرائس وكان يسد كل احتياجاتهم كما كان يهتم بالمرضى وكل الذين في ضيقة أو مشكلة.
ما أبرز الأزمات التى واجهتها الكنيسة في عهده؟ ولماذا كان يلجأ إلى الدير عند حدوثها؟
أبرز الأزمات التي واجهتها الكنيسة في عهده حادثة حريق كنيسة الخانكة والزاوية الحمراء وكنيسة القديسين والكشح وكان قداسته يذهب إلى الدير للصلاة وترك الأمور في يد الله وكان دائمًا يردد «الذي يبني يصعد لأعلى والذي يهدم ينزل لأسفل ونحن نبني لكي نصعد لأعلى».
كيف تلقيت نبأ وفاة البابا شنودة الثالث؟
كان من أصعب الأيام التي مررت بها في حياتي ولم أحزن على أي إنسان مثلما حزنت على فراق قداسته ولكن كنت أتعزى بتعليمه وقد كتبت 4 كتب عن أقوال قداسته.
لماذا أوصى البابا شنودة بأن يدفن في دير الأنبا بيشوي؟
كان قد طلب دفن قداسته في دير الأنبا بيشوي هو رغبة الأنبا صرابامون رئيس دير الأنبا بيشوي الراحل وقد وافق قداسته على طلبه وكتب وصيته وكان شاهدًا لها نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والأنبا صرابامون.
كيف ارتبط بدير الأنبا بيشوي؟
ارتبط قداسته بدير الأنبا بيشوي ارتباطًا وثيقًا فقد بني قداسته مقره البابوي في الدير وكان يقضي فيه أكثر من يومين كل أسبوع وبنى مبان كثيرة للمؤتمرات ولضيافة رؤساء الكنائس وسيمنار الآباء المطارنة والأساقفة وفي فترة التحفظ بني الكاتدرائية وقد اهتم بالرهبان وقد تضاعف عددهم مرات كثيرة في عهده وعن علاقته بالأنبا صرابامون كان نيافته يعترف عند قداسته وكان نموذجًا للابن المطيع لقداسته في كل شيء وقد أحب قداسته الأنبا صرابامون محبه عميقة لاتضاعه ومحبته وخضوعه الكامل.
حدثنا عن البابا شنودة كصمام أمان للوطن خاصة في الأحداث الطائفية مثل الكشح ونجع حمادي؟
كان قداسته صمام الأمان للوطن خاصة في الأحداث الطائفية مثل الكشح ونجع حمادي إذ كان يسعى من أجل السلام وحل الأمور بطريقة حكيمة وكان يذهب للدير للاعتكاف والصلاة من أجل سلامة المجتمع والكنيسة.