رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المملكة السعيدة والجمهورية الجديدة

الإثنين المقبل، ٢٠ مارس، هو «اليوم العالمى للسعادة»، وفيه تُصدر الأمم المتحدة تقريرًا سنويًا، يتضمن ترتيبًا للدول الأكثر سعادة، تحتل مركزيه الأول أو الثانى، عادة، مملكة الدنمارك، التى نحتفل، هذا العام، مع شعبها الصديق، بمرور ٦٥ سنة على بدء التمثيل الدبلوماسى بين البلدين.

بدأ التمثيل الدبلوماسى بين مصر والدنمارك، سنة ١٩٥٨، أى بعد خمس سنوات من إعلان جمهوريتنا الأولى. وبعد عقود من الود والتقدير المتبادلين، شهدت الثمانى سنوات الماضية نقلة نوعية فى العلاقات الثنائية، وجرى توسيع نطاق التعاون فى مجالات النقل البحرى والطاقة الجديدة والمتجددة والهيدروجين الأخضر، التى تضعها دولة ٣٠ يونيو، أو جمهوريتنا الجديدة، على رأس أولوياتها. ومع الاستثمارات الضخمة، التى أقامتها شركات دنماركية عملاقة فى مصر، يجرى تنفيذ مشروع مشترك لتحويل محطة الحاويات بشرق بوسعيد إلى محطة عالمية محورية، إضافة إلى مشروعات أخرى لإنتاج وتزويد السفن بالوقود الأخضر، استكمالًا، أو تعزيزًا، لتوجه البلدين نحو إنتاج الطاقة النظيفة، ومواجهة تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة.

فى هذا السياق، زارت القاهرة، أمس الأول الإثنين، للمرة الأولى، ميتا فريدريكسن، رئيسة وزراء الدنمارك، واستقبلها الرئيس عبدالفتاح السيسى بقصر الاتحادية، وعقد معها جلستى مباحثات منفردة وموسعة، جرى خلالهما تناول أبرز مجالات التعاون الثنائى، وجهود تنمية العلاقات الإفريقية الأوروبية، وتعزيز الاستثمارات الدنماركية فى مصر. كما ناقش الجانبان تطورات الملفات الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خاصة تداعيات الأزمة الأوكرانية وما تفرضه من تحديات اقتصادية غير مسبوقة، واتفقا على ضرورة التعاون لمواجهة تغير المناخ، وعلى استمرار التنسيق المشترك لمتابعة تنفيذ نتائج المؤتمر الأممى، كوب ٢٧، الذى استضافته مدينة شرم الشيخ، فى نوفمبر الماضى. ولدى تبادل وجهات النظر بشأن آخر تطورات قضية «السد الإثيوبى»، توافق الطرفان على أهمية التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم لتسوية هذه القضية.

قبل انضمامها، سنة ١٩٧٣، إلى الاتحاد الأوروبى، شاركت المملكة السعيدة، سنة ١٩٤٩، فى تأسيس «مجلس أوروبا»، الذى يضم، الآن، ٤٧ دولة، من بينها دول الاتحاد الـ٢٧، ودول آسيوية جغرافيًا، وأوروبية سياسيًا واجتماعيًا. ومع أن مصر ليست عضوًا فى هذا المجلس، أكدت «فريدريكسن» أن الدولة المصرية شريك حيوى للقارة الأوروبية فى تحقيق الاستقرار الإقليمى والدولى، وفى مواجهة الإرهاب وتغير المناخ والهجرة غير الشرعية، مشيدة بجهود مصر فى هذه الملفات المهمة، وبتحمّلها ما تفرضه هذه الجهود من أعباء.

بعد هاتين الجلستين، ترأست رئيسة وزراء الدنمارك، مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، جلسة مباحثات موسعة، مساء أمس الأول الإثنين، وشهدا التوقيع على تمديد اتفاقية التعاون القطاعى الاستراتيجى فى الطاقة حتى سنة ٢٠٢٥، وهى الاتفاقية التى تم توقيعها فى يوليو ٢٠٢٠، لتسريع وتيرة التحول الأخضر، ودعم مصر فى الوصول إلى استخدام الطاقة المتجددة بنسبة ٤٢٪ من إجمالى إمدادات الطاقة.

يقل عدد سكان مملكة الدنمارك عن ٦ ملايين نسمة. وعليه، كان طبيعيًا أن تعرب «فريدريكسن» عن تقديرها للجهود التى تبذلها الحكومة المصرية فى دولة يزيد تعدادها على ١٠٠ مليون نسمة، لافتة إلى معدلات البطالة المنخفضة، نسبيًا، التى حققتها مصر، برغم كل التحديات القائمة، ومشيرة إلى جهودها الحثيثة لتحقيق التنمية وتأمين إمدادات الغذاء والطاقة ومواجهة التضخم والتغير المناخى ومكافحة الإرهاب، و... و... وكرّرت إعرابها عن تقديرها للجهود، التى يبذلها الرئيس السيسى والحكومة المصرية فى هذه المهمة الشاقة، وأيضًا للدور الذى تقوم به مصر فى تحقيق الاستقرار الإقليمى والدولى وإحلال السلام فى القارة الإفريقية.

.. وتبقى الإشارة إلى المملكة السعيدة، التى تتنافس مع فنلندا على المركز الأول فى قائمة الدول الأكثر سعادة، تتنافس معها أيضًا على تصدّر مؤشر «محو الأمية الإعلامية»، الذى تعدّه مبادرة السياسات الأوروبية التابعة لـ«معهد المجتمع المفتوح»، ويقيس قدرات الدول على مواجهة الشائعات المضللة، والأخبار الكاذبة، وفوضى المعلومات، التى تغذى الخلافات بين الدول والانقسامات داخل المجتمعات.