وصفة دوروثيا براند لتُصبح كاتبًا: تحل بالفضول وتدرب باستمرار.. وانقد نفسك بقسوة
«أرى أن هذا الكتاب غنيمة عظيمة لكل من يحب الكتابة، ومن يحب القراءة، ومن يمتهن الفن أيًا كان تخصصه، ومن يريد أن يعرف مواطن تميزه وعبقريته، ومن يريد أن يخطو خطوة جديدة فى طريق أحلامه، فرسالة الكتاب لكل الناس».
والكتاب هو «كيف تصبح كاتبًا؟» للكاتبة الأمريكية دوروثيا براند، الصادر حديثًا عن دار دون للنشر والتوزيع للمترجم أشرف توفيق الذى قال تلك الكلمات فى مقدمته للكتاب، مختصرًا الكثير من الأشياء، ومعبرًا عن أهمية الكتاب، يحاول الكتاب الإجابة عن السؤال الذى شغل بال الكثيرين كيف نكتب؟.. ومتى نتخذ قرار الكتابة؟.. وما هى الشروط المطلوبة لكى يكون العمل الأدبى جيدًا؟ وغيره، بأسلوب سهل وسلس تحاول الكاتبة تتبع الأسئلة التى تخص القراءة، لأن بدونها لا يمكن أن يصير الإنسان كاتبًا.
نراها تقول فى مقدمة كتابها:
«فالأدب يقدم الفلسفة الوحيدة التى يعرفها العديد من القراء، فهو يحدد معاييرهم الأخلاقية والاجتماعية والمادية ويعزز تحيزاتهم، أو يفتح عقولهم على عالم أكثر اتساعًا».
هنا ومنذ الصفحات الأولى تبدأ أسئلة الكاتبة التى انطلقت من السؤال الأول الذى وضعته كعنوان، فتبرز من خلال المقطع السابق اقتران الفلسفة وضرورة وجودها فى الأدب، وبالتالى ضرورة أن يقدم الأدب دور التساؤل وتقديم علامات الاستفهام التى تجعل العقول أكثر اتساعًا، ومن ثم أكثر قبولًا للآراء المختلفة حتى تلك التى تبدو غريبة.
فالكاتب «لا بد أن يتحلى بالإيمان أو الفضول لتقبل نصيحة غريبة، لا تشبه النصائح والتحذيرات التى تلقاها فى الدورات التدريبية والكتب».
أى لا بد للكاتب من السماع لكل الآراء حتى لو بدت مختلفة مع المذكور فى الكتب والمراجع، ومن ثم الصبر بشدة على تكوين المعرفة التى تؤهل الإنسان للكتابة:
«فمن تجربتى الخاصة تيقنت من أنه لا يوجد مجال فى الحياة يمكن للشخص الجاد أن يخطو فيه خطوات هائلة فى وقت قصير جدًا، فلا بد من التدريب والمثابرة والإصرار». وهذا لأن كل من اختاروا السير فى طريق الكتابة عليهم أن يأخذوا «على عاتقهم التزامًا لقرائهم بأن يكتبوا كلما سنحت لهم الفرصة، وأن يستغلوا أى فرصة لدراسة الأدب، وأن يضعوا قاعدة أساسية لأنفسهم وهى أن عليهم العمل دون انقطاع».
فالكتابة بحاجة إلى جهد وتركيز وعطاء وإخلاص شديد جدًا، إخلاص تجاه الأسئلة التى يؤمن بها الفنان والكاتب، الذى تعتبره الكاتبة أنه شخص مختلف عن المجتمع الذى يعيش فيه، ويحمل أفكارًا مختلفة عن الأفكار التى يؤمن بها من حوله.
«مثل أى فن آخر فإن الكتابة الإبداعية عملية ينخرط فيها المبدع بكل ما فيه، فيجب أن يتدفق العقل الباطن بحرية وبوفرة، مستحضرًا عند الحاجة كل كنوز الذاكرة، وكل العواطف والأحداث والمشاهد وملامح الشخصيات والعلاقات التى تم تخزينها فى أعماقه، أما الوعى فيجب أن يتحكم ويجمع ويميز بين هذه المواد دون أن يعيق تدفق العقل الباطن».
وكما على الكاتب أن يتعلم فنون الكتابة والتساؤل وغيره عليه أيضًا التعلم، بل التدرب على «الصمت الحكيم، عندما تنتهى من مسودتك الأولى المقبولة يمكنك إذا أحببت أن تعرضها للنقد والنصيحة، ولكن الحديث مبكرًا عن القصة خطأ مميت».
وعليك فى مراحل المراجعة «باختصار عليك أن تتعلم كيف تكون صديقك المخلص مرة، وتكون ناقدك القاسى والصارم والمتسامح والمرن مرة أخرى، على أن يكون كل منهما بالتناوب».
فى باقى فصول الكتاب تحاول الكاتبة معالجة أبرز المشاكل التى قد يقع فيها كل من يريد أن يصبح كاتبًا، ومن هذه الأشياء التى قد تعيق الكاتب هو الوقت، وفى الكتاب حاولت الكاتبة أن تقدم حلولًا بسيطة ومبتكرة للقارئ لكى ينظم وقته بشكل جاد.
وفى فصل بعنوان «نقد الكاتب لنفسه» تؤكد الكاتبة أنه لطالما كانت الكتابة هى فعل نقدى يسائل الأشياء، فلا بد من أن ينتقد الكاتب نفسه وشخصه ويسائل ذاته، لأن هذا سيخلق بداخله ميزة التفرد، ويبعده عن تقليد الآخرين، فتصبح دوافعه على ابتكار كل ما هو جديد موجودة باستمرار.