رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأعمدة البيضاء


ظهرت الصحف المصرية المستقلة صباح الخميس الماضى بالعديد من الأعمدة الخالية من مقالات أصحابها، وقيل إن هذا النفر من الكُتَّاب قد اتخذوا موقفًا موحدًا ضد تقييد حرية الصحافة والإعلام، وأنهم لهذا السبب قرروا عدم الكتابة حتى يخجل أصحاب القرار

من قرارهم ويقرروا عودة حرية الصحافة إلى ما كانت عليه قبل الأعمدة البيضاء!! خيبة أخرى جديدة تضاف لمئات الآلاف من المواقف الخائبة التى تصر عليها النخبة الليبرالية التعسة فى هذا البلد! فى عهد حسنى مبارك كان إخواننا اليساريون والليبراليون يجمعون التوقيعات النخبة ورفض جرائم النظام مثل تزوير الانتخابات والتعذيب والطوارئ وغيرها، وكانوا يواجهون نظامًا لا يعترف بالمواطن حامل البطاقة الانتخابية الحمراء ويهدر صوته ويزور الانتخابات بأكملها، ولا يعترف بالمواطن البرىء حامل بطاقة الرقم القومى ويقوم الضابط بتمزيق البطاقة وإلقاء القبض على صاحبها بدعوى التحرى!! فهل مثل هذا النظام كان بوسعه الاعتراف بتوقيعات الرافضين أو الغاضبين؟ وفى العهد الحالى يعود السادة النخبويون إلى ممارسة نفس هذه العادة الغبية فيمتنع بعضهم عن الكتابة وكأن الناس سوف يثورون ثورة عارمة حين يشترى أحدهم الصحيفة فلا يجد مقال حمزاوى أو سلماوى أو الأخ زكى جمعة!! الصحف المصرية تشتم رئيس الجمهورية وأسرته وأقاربه وأعوانه كل يوم دون أن يمنعهم أحد، فأين إذن تقييد حرية الصحف التى يتحدثون عنه الآن؟ وهل بوسع أحد من الصحفيين أو الإعلاميين أن يتحمل كل هذه الشتائم والاتهامات دون أن يحاول الدفاع عن نفسه ولو بوضع ضوابط قانونية تفصل بين النقد القائم على معلومات حقيقية وبين الكلام المرسل الذى ينال من سمعة الناس دون ظل من الحقيقة؟ هل هذا حرام؟ وهل يفيدنا فى الوقت الراهن أن نحشر الصحف ووسائل الإعلام بأقصى قدر ممكن من الشتائم البذاءات والاتهامات ضد كل من يختلف معنا فى الرأى والمصالح والتوجهات؟ وإن كنا نرفض حاليًا تعيين وزير إعلام ينتمى إلى جماعة الإخوان، فلماذا لا ننتظر ما سوف يفعله هذا الوزير ثم نرفضه إن كان ضد مصالح البلاد؟ ولماذا لا نترك هذه المعركة الهامشية إلى معركة أهم نطالب فيها بإلغاء وزارة الإعلام نفسها وتحويل كل الصحف ووسائل الإعلام إلى هيئات مستقلة لها ما لها وعليها ما عليها وفق قواعد وقوانين وأعراف النظام العام ودستور الدولة؟ وإن كان جانب كبير من الناس يقبل ما يفعله ويقوله ويدبره أشخاص مثل عكاشة وبكرى وغيرهما بدعوى تحقيق توازن بين أنصار الدولة المدنية وأنصار الدولة الدينية، فهل معنى ذلك أن نواصل ذلك العبث حتى يتحول إلى حرب أهلية بين جماهير عكاشة وشباب الإخوان؟ ألن تحترق البلاد بأكملها تحت وطأة حرب حمقاء من هذا النوع. ألن تتحول مصر كلها إلى بلد أحمق عبثى لو آلت بزعامتها إلى مثل هؤلاءالناس الذين يديرون معارك فى غاية الغباء والضحالة ويزعمون الدفاع عن مدنية الدولة؟ هل الدولة المدنية معناها شتيمة الإخوان بسبب أو بدون سبب؟ هل الدولة المدنية معناها ضرب رئيس الوزراء بالأحذية وهو يصلى بالناس فى أحد المساجد؟ هل الدولة المدنية معناها شتيمة رئيس الدولة وإهانته طوال اليوم مهما كانت درجة اختلافنا معه؟ أى شخص عاقل يرفض الدولة الدينية بالضرورة، ولكنه يرفض أيضًا تحويل الوطن إلى مسخرة نتبادل فيها الشتائم والاتهامات والضرب بالجزم!! أفيقوا يرحمكم الله، إن كان الإخوان شياطين فنحن لسنا الملائكة