رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«البيزنطية» في تذكار القديس بوليكابروس: استشهد عام 155

جان ماري شامي
جان ماري شامي

تحتفل الكنيسة البيزنطية اليوم بتذكار القدّيس الشهيد في رؤساء الكهنة بوليكربوس أسقف إزمير، وهو أسقف أزمير وتلميذ القدّيس يوحنا الحبيب، كالقدّيس اغناطيوس "الحامل الله" جاء روما في عهد أسقفها البابا انيكيطا (155-166) في شأن تاريخ عيد الفصح. استشهد في مثل هذا اليوم من شهر شباط سنة 155.

جاء في أعمال استشهاده: "قال الوالي لبوليكربوس: "إلعن المسيح". فأجاب بوليكربوس: إنَّ لي ستّاً وثمانين سنة اخدمه، ولم يُسئ إلي في شيء. فكيف أجدّف على ملكي ومخلّصي؟ أني مسيحي". وكان الشهيد يفيض شجاعةً وحبوراً، والنعمة تشعّ من محيّاه، حتى إن الوالي نفسه أخذه العجب. عندئذٍ قام الجمع كله، يهوداً ووثنيين، وأخذوا يهتفون في ثورة غاضبة: "ذلك هو معلم آسيا، وأبو المسيحيين، وهدّام آلهتنا. فليحرق بوليكربوس حيّاً". فزجّ الشهيد في النار. وإذ لم تمسّه بأذى، اندفع الجمع نحو الجلاد وطلبوا منه إن يطعنه بخنجره. ففعل. وتدفّق من الطعنة سيل من الدماء أطفأ اللهيب. وكان ذلك في اليوم الثالث والعشرين من سنة 155 في زمن ولاية ستاسيوس كوادراتوس، وملك ربنا يسوع المسيح الأبدي، له المجد والإكرام والعظمة، والعرش الذي لا يزول من جيل إلى جيل، آمين".

 وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: عندما استدار الربّ، حدّق إلى بطرس. عندها، أدرك بطرس ما قاله للتوّ، فتاب وبكى...؛ انفجر بالبكاء والتزم الصمت... نعم، إنّ الدموع هي صلوات صامتة تستحقّ الغفران بدون أن تطلبه. وبدون أن تدافع عن نفسها، تحصل على الرحمة... قد تعجز الكلمات عن التعبير عن الصلاة، لكنّ الدموع لا تفشل قطّ؛ فالدموع تعبّر دائمًا عمّا نشعر به، في حين أنّ الكلمات يمكن أن تبقى عاجزة. لذا، امتنع بطرس عن اللجوء إلى الكلام: هذا الكلام الذي دفعه إلى الخيانة وارتكاب الخطيئة ونكران إيمانه. لقد فضّل الإقرار بخطيئته من خلال الدموع، إذ إنّه أنكر يسوع بواسطة الكلام.

فلنتمثل بجوابه للربّ عندما سأله هذا الأخير ثلاث مرّات: "يا سِمْعانُ بنَ يونا، أَتُحِبُّني أَكثَرَ مِمَّا يُحِبُّني هؤلاء؟". لثلاث مرّات، كان جوابه: "نَعم يا رَبّ، أَنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّكَ حُباًّ شَديداً". عندها قال الربّ: "اِرْعَ خِرافي"، وتكرّر ذلك لثلاث مرّات. عوّضت هذه الكلمة عن ضلاله السابق. فذاك الّذي أنكر الربّ ثلاث مرّات، اعترف به ثلاث مرّات. ثلاث مرّات أذنب، وثلاث مرّات حصل على النعمة بواسطة حبّه. لاحظوا إذًا المكسب الذي جناه بطرس من دموعه!... قبل أن يذرف دموعه، كان خائنًا؛ وبعد أن ذرفها، تمّ اختياره كراعٍ. وذاك الّذي أساء التصرّف، أوكلت إليه مهمّة قيادة الآخرين.