رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«السلاح السرى للإخوان».. تفاصيل اختراق المجتمع المدنى على يد الإرهابيين

السلاح السرى للإخوان
السلاح السرى للإخوان

هناك العديد من الدراسات والأبحاث، وصدر الكثير من المؤلفات العلمية حول تنظيم جماعة الإخوان، إلا أن كتاب «السلاح السرى للإخوان» الصادر عن المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، الذى يقع فى ٣٣٤ صفحة من القطع الطويل، كان مختلفًا تمامًا عما صدر، فقد تناول الكتاب جميع التفاصيل التى تكشف التنظيم منذ بدايته حتى هذه اللحظة، واختراق المجتمع المدنى من خلال نخبة من الباحثين والأكاديميين المتميزين فى مصر وخارجها.

وأوضح الكتاب أن اختراق تنظيم الإخوان المجتمع المدنى، سواء فى الدول العربية أو الدول الغربية، كان السلاح الحقيقى للتنظيم، خاصة أن التنظيم يستخدم الآليات الأنسب لكل دولة، بما يجعل هذا الاختراق أشبه بالتسلل التدريجى، مما يعوق اكتشافه أو رصد تأثيره، أى أن الآليات التى اتبعها الإخوان لتحقيق هذا الاختراق كانت مختلفة، وقد أثبتت ذلك التطورات المختلفة التى مرت بها جماعة الإخوان منذ بدايتها حتى الآن.

وأكد الكتاب أن المجتمع المدنى كان ركيزة أساسية ساعدت التنظيم فى البقاء والاستمرار خلال الانتكاسات الكبرى التى مر بها، ليس فى الدول العربية فقط، وإنما الدول الغربية أيضًا، والأهم من هذا أن المجتمع المدنى قد يكون المنفذ الممكن للجماعة لتستمر وتعيد لملمة شتاتها الحالى، والذى أضعف الجماعة بلا شك لكنه لم يقض عليها.

وينقسم الكتاب إلى ثلاثة أبواب، يهتم الباب الأول بالجانب النظرى فى عمل الإخوان، وهو بعنوان «الإخوان والمجتمع المدنى»، ويوضح الأبعاد التأصيلية لرؤية الإخوان للمجتمع، من خلال فصلين.

بينما جاء الباب الثانى بعنوان: «الإخوان والمجتمع المدنى فى الدول العربية»، وكما يظهر من اسمه، فقد تناول عدة حالات دراسية فى المنطقة العربية، باعتبارها من أهم دوائر حركة الإخوان، وكان من الطبيعى أن تكون البداية مع دولة المنشأ مصر.

الباب الثالث كان معنونًا بـ«الإخوان والمجتمع المدنى فى الدول الغربية»، فيتبع نفس المنهجية فى دراسة وتحليل كيفية الإخوان للمجتمع المدنى فى بعض الدول الغربية، التى يتمتع فيها الإخوان بقدرة على التأثير حالت دون تعريفهم كتنظيم إرهابى رغم ما مارسوه من عنف واضح بعد عام ٢٠١٣، ليس فى مصر وحدها ولكن فى العديد من الدول التى يظهرون فيها بشكل مباشر أو يعملون من خلال حركات أخرى تنتمى للإسلام السياسى.

وكان من ضمن فصول هذا الباب: «الحفاظ على البقاء»، ويتناول الفصل مراحل متمايزة لوجود الإخوان فى مصر، وطبيعة انتشارهم فى المجتمع المدنى بقطاعاته المختلفة، وبالفعل يظهر أن هذا الانتشار كان أهم عوامل بقاء التنظيم فاعلًا فى مصر رغم الانتكاسات الكبرى التى شهدها ويشهدها.

ويقدم كتاب «السلاح السرى للإخوان.. اختراق المجتمع المدنى» أجوبة وافية لعدد من التساؤلات المحورية المتعلقة بكيفية توظيف تنظيم الإخوان للمجتمع المدنى، الذى أدركوا ‏مبكرًا أن اختراقه والتغلغل فيه هو ما يوفر لعناصر التنظيم الانتشار طوال الوقت والتأثير المستمر، ويلقى الكتاب الضوء على التطبيقات المختلفة لهذا التوظيف، كما يُظهر تجذر مبدأ استغلال المجتمع المدنى فى فكر الإخوان.

وقال الكتاب: «أثبتت التطورات المختلفة التى مرت بها (جماعة الإخوان المسلمين)منذ بدايتها حتى الآن، أن المجتمع المدنى كان ركيزة أساسية ساعدتها فى البقاء والاستمرار خلال الانتكاسات الكبرى التى مرت بها. وأكدت حركة الجماعة أن اختراق المجتمع المدنى منهج إخوانى أصيل، ليس فى الدول العربية فقط، إنما فى الدول الغربية أيضًا». 

ويقدم الكتاب من خلال فصوله المتعددة إجابة للسؤال عن كيفية توظيف الإخوان للمجتمع المدنى، الذى أدركوا ‏مبكرًا أن اختراقه والتغلغل فيه هو ما يوفر لعناصر التنظيم الانتشار طوال الوقت والتأثير المستمر، ويلقى الضوء على التطبيقات المختلفة لهذا التوظيف، كما يُظهر تجذر استغلال المجتمع المدنى فى فكر الإخوان، وكيفية اعتباره سبيل الجماعة لتستمر وربما لملمة شتاتها الحالى.

فى كتاب «السلاح السرى للإخوان»، يتناول بعمق الأدوات المتنوعة للتنظيم الدولى للإخوان لاختراق المجتمع المدنى والسيطرة على النقابات والجمعيات الأهلية تحت ستار النشاط الخيرى والتنموى لتحقيق أهدافه فى مناطق مختلفة من العالم، مستغلًا فى ذلك منابر المساجد لدورها الكبير فى توجيه المجتمعات.

وتطرق الكتاب إلى محاولات الإخوان استخدام المجتمع المدنى المصرى كأداة للتغلغل فى المجتمع وحشد التأييد والتجنيد وإثارة الانقسامات بين الطبقات، وكيف تتم إعادة النظر فى هذه الآلية، وفقًا للمرحلة التاريخية التى تمر بها الجماعة.

فإن هذا الكتاب يهدف إلى تعميق المعرفة بتنظيم الإخوان المسلمين، ويطرح زاوية جديدة للاهتمام البحثى بالتنظيم، آملًا أن يحقق الهدف منه ويكشف عن مكمن قوة التنظيم بما يحفز الوعى العام بضرورة العمل على تقليص هذه القوة، وتحجيم نفاذ الإخوان للمجتمع المدنى فى كل مكان.

وأوضح الكتاب أن التنظيم الإخوانى الإرهابى يمثل الأكثر خطورة من بين التنظيمات المنتمية للإسلام السياسى، لما يحمله من تعدد فى آليات تنفيذ أهدافه، المستندة إلى أيديولوجية متكاملة الأركان، أى تجمع بين الفكر وبرنامج عمل لتنفيذ هذا الفكر، وبرنامج العمل هذا أو منهج حركة الجماعة، هو مصدر ما تمثله من تهديد للدول التى تكون بها، ولا يقتصر هذا القول على العقد الأخير الذى انكشف فيه عنف الجماعة وإرهابها، لكن هذه الخطورة التى تمثلها تنبع بشكل أساسى من بداية نشأتها، وما أعلنه مؤسس الجماعة «حسن البنا» عن مجال عملها باعتباره «الحد الفاصل بين الدعوة والسياسة».

وهذا يعنى أن جماعة الإخوان تستهدف الوصول للدولة وللمجتمع معًا، حكم الدولة وطاعة المجتمع، أى الدعوة الدينية للإسلام، كما يراه ويفسره الإخوان، والسياسة من أجل الوصول للحكم، بزعم تطبيق تفسيرهم للدين، وفى سبيل هذا الهدف تبنى التنظيم منهجًا مرنًا، يتبع من خلاله العديد من الاستراتيجيات والأدوات التى قد تبدو متناقضة فى الأحيان، بما يناسب السياق الزمانى والمكانى لهذا الفرع أو ذاك.

ولأن فكر الجماعة قائم على التدرج والمرحلية فى تحقيق هدفها الأكبر «الوصول للحكم»، فهى تستهدف أن يكون لها تأثير واضح ومستمر، ولذلك فهى تعتمد على أدوات متنوعة، أبرزها «العنف» الذى يظهر بشكل مباشر فى بعض الأحيان ويكمن فى أحيان أخرى.

وأشار الكتاب إلى أن تنظيم الإخوان استطاع تأسيس شبكة قوية فى المجتمع المدنى البريطانى، تعد من أقوى شبكاته فى أوروبا، وتمتد قوة تأثيرها لدعم مصالح الإخوان فى الفروع الأخرى، وقد ظهر هذا التأثير بوضوح بعد ثورة يونيو ٢٠١٣، التى أسهمت فى غض طرف كثير من الدول والمنظمات عما قام به التنظيم من أعمال عنف وإرهاب فى مصر ودول أخرى.

وما زالت شبكات الإخوان فى بريطانيا تؤمن تمويل التنظيم بعد أن ارتبطت بهيكل الاقتصاد هناك، والأمر لا يتوقف على التمويل، بل ربما توفير مجال حركة واسع لعناصر التنظيم يعد من أبرز مظاهر قوة شبكاته فى بريطانيا.

إن القضاء على فرص عودة تنظيم الإخوان للتأثير أو استئناف نشاطهم الإرهابى، لا يتوقف على نجاح المواجهة الأمنية لهم فقط، بل يتطلب مواجهة انتشارهم فى المجتمع المدنى، وهذه المواجهة تتطلب جهودًا مختلفة تهدف لمحاصرة مراكز اختراقهم للمجتمع المدنى فى دول تواجدهم، وكشف أهدافهم، لعل هذا يضيف للوعى خطورة تأثيرهم، ويجردهم من هذا السلاح السرى الذى يعد القدرة الكامنة للتنظيم التى مكنتهم من الاستمرار فى مراحل سابقة.