رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الرومانسية الحديثة».. كيف غيَّرت التكنولوجيا مفاهيم الحب عبر الزمن؟

الحب
الحب

تجعل التكنولوجيا حياتنا أسهل، إذ نستطيع، خلال وقت قصير، إنجاز الكثير من الأمور التى كان أجدادنا يستهلكون سنوات لتحقيقها.. ومن بين تلك الأمور البحث عن شريك الحياة، فقد تغيرت طرق التعارف بين الشباب والفتيات كثيرًا خلال السنوات الماضية، كما تغيرت طبيعة العلاقات الرومانسية بشكل جدير بالرصد. «كيف غيرت التكنولوجيا الحب؟» حاول الكاتبان الشهيران عزيز أنصارى وإريك كليننبرج، الإجابة عن هذا التساؤل، خلال كتابهما «الرومانسية الحديثة»، الذى نستعرض أسباب نجاحه، بالتزامن مع عيد الحب العالمى «الفالنتين».

يقول الكاتبان إن الحب ضرورة بيولوجية، فهو مثل الماء والطعام، ويساعد المخ على العمل بشكل أفضل، وأكدا أن التعبير عن المشاعر يسهم فى تحسين الحالة المزاجية، والتصدى للمشكلات المرتبطة بالصحة العقلية.

وبحسب الكتاب، مع التطور التكنولوجى فى عصرنا الحديث تغيرت مفاهيم الرومانسية، فقديمًا كان ساعى البريد يلقب بـ«صاحب البهجة والسعادة»، لأنه كان السبب الأول لتطور علاقات الحب قديمًا، خاصة فى أوقات الحروب.

الكثير من السعادة كان يحملها «البوسطجى» بحقيبته المحملة بجوابات العشق، التى تضم سطورًا مليئة بالكلمات الرقيقة والرومانسية، ومع الوقت ظهر التليفون، فاستطاع الأحباب لأول مرة التواصل صوتيًا دون الاضطرار للقاء فعلى على أرض الواقع، قد تمنعه ظروف ما.

وفى العصر الرقمى، نجد أن المواعدة عبر الإنترنت أصبحت الطريقة الأسهل التى يبحث بها الشباب عن الحب، فقد أصبح من الشائع أن يجد الشباب الحب عبر الإنترنت، لكنهم أيضًا يواجهون عقبات لم يواجهها أجدادهم يومًا ما.

أكد مؤلفا الكتاب أن بعض مشاكل العصر الحديث فريدة من نوعها، وأوضحا: «منذ عقود، عرف الناس الحب على أساس القرب والتواصل وجهًا لوجه، ولكن الآن لدينا الحرية فى العثور على الحب فى أى مكان فى العالم، باستخدام تطبيقات مثل Tinder وBumble وHinge، ما يعنى أن الشباب أصبحوا ينظرون إلى الزواج بشكل مختلف عن الأجيال السابقة». 

وفيما تُظهر الأبحاث أن تركيزنا على الحب والعاطفة يصنع حياة أكثر سعادة، فإنه يجعل أيضًا حياة المواعدة أكثر إرهاقًا، فمن خلال المواعدة عبر الإنترنت لدينا القدرة على مقابلة مئات أو آلاف الأشخاص الذين لم نكن لنلتقى بهم شخصيًا فى الحياة العادية.

وتطرق مؤلفا الكتاب إلى رحلة البحث عن شريك الحياة بشكل أعمق، وقالا: «من المحتمل أن تكون الطريقة التى التقى بها أجدادك مختلفة كثيرًا عن الطريقة التى قابلت بها زوجتك أو التى ستقابل بها زوجتك المستقبلية، فلقد غيرت التكنولوجيا الجديدة معنى الرومانسية».

أجرى عزيز أنصارى عدة مقابلات مع أشخاص فى دار للمسنين فى نيويورك، وشارك كبار السن الكاتب قصصهم الرومانسية.

لاحظ «أنصارى» بعض الخيوط المشتركة خلال مقابلاته، وكان أحدها أن أكثر من ثلث كبار السن هناك أكدوا أنهم التقوا أزواجهم فى منزل خلال طفولتهم، ومع التقدم فى العمر كان اللقاء الأول فى السيارات والطائرات والقطارات، وصولًا إلى الهواتف الذكية، فيمكنك مقابلة أى شخص فى العالم، لذلك من غير المرجح أن يتزوج الناس بأشخاص من مسقط رأسهم، الأمر الذى جعل البحث عن الحب أمرًا سهلًا فى عصرنا الحالى.

أوضح عزيز أنصارى وكليننبرج عددًا من الآداب التى يجب التحلى بها عند المواعدة عبر الإنترنت: «ضع فى اعتبارك آداب السلوك، مع صياغة رسائلك النصية بعناية والاهتمام بكل حرف يكتب فيها».

وأضافا: «عندما يتعلق الأمر باختيار الشريك المثالى، فمن المهم أن نفهم أنه لا يوجد شىء اسمه الكمال، فلا تقلل من معاييرك، ولكن لا تكن صعب الإرضاء أيضًا». 

بحلول عام ٢٠٠٧، أصبح إرسال الرسائل النصية فجأة هو الشكل الأكثر شيوعًا للاتصال مع الآخرين، وزادت تطبيقات مثل WhatsApp وFacebook Messenger من خيارات الرسائل النصية للعديد من الأشخاص. 

وقال مؤلفا الكتاب: «يمكن أن تؤدى الرسائل النصية إلى تبادل إصدار الأحكام، أو مشكلات فى التواصل إذا كان أحد الطرفين لا يعرف قواعد الكتابة بشكل سليم، كما أن الرسالة النصية قد تكون غير قادرة على نقل المشاعر بشكل دقيق، فكثير من الناس يسيئون فهم رسائل تصلهم».

يناقش عزيز أنصارى علاقة والديه الناجحة، التى استمرت ٢٥ عامًا، ويشير إلى أنه لم يكن لديهما خيارات متعددة مثل الآن عندما كانا يتواعدان.

وتطرق المؤلفان إلى أنه فى عصر التكنولوجيا، أصبحت الخيارات متاحة للجميع، الأمر الذى سهّل فكرة الحصول على شريك الحياة، من خلال تحديد المكان وإرسال رسالة نصية للتعبير عن حبك للطرف الآخر، لكن مع وجود العديد من الخيارات المتاحة، قد يكون من المحير معرفة متى يمكن لشخص ما أن يتناسب بسهولة مع حياتك ويصبح شريكًا لك، فليس الأمر محيرًا فحسب، بل قد يكون أيضًا مخيفًا عند التفكير فى الاستقرار. 

فى النهاية، توصل مؤلفا الكتاب إلى أن الشباب فى عصرنا هذا يميلون إلى وضع جزء كبير من تفاصيل حياتهم على وسائل التواصل الاجتماعى، الأمر الذى أسهم بشكل كبير فى الافتقار إلى فن التواصل الاجتماعى مع الآخرين، فمن الأفضل أن تبقى متفتحًا وتتذكر أن حياة الشخص على الإنترنت يمكن أن تكون مختلفة كثيرًا عن الحياة الحقيقية.

الصدق هو مفتاحك للوصول إلى الحب، هذا ما أكده الكاتبان، كما عليك أن تفكر فى الانطباع الذى ستتركه قبل أن تضغط على إرسال.