رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإعلام والظهير السياسى للرئيس


لا يستطيع أى حاكم مهما أوتى من قوة أن يتجاهل دور الإعلام لأنه فى النهاية الوسيط بينه وبين الجماهير، فلم تعد العلاقة الاستثنائية التى كانت بين الحاكم والجماهير فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى والمعروفة بـ «الكاريزما» هى العامل المؤثر فى جماهيرية وشعبية الحاكم أو العكس وحل محلها الإعلام، ورغم أن بعض وسائل الإعلام لا تعبر بصدق عن الرأى العام ولكنها تعمل وفق سياسة تحريرية موجهة بشكل أو آخر.

من هنا يصبح الإعلام سواء كان رسمياً أو خاصاً عموما هو رمانة الميزان فى المرحلة المقبلة، خاصة أن الأحزاب المصرية التى يتجاوز عددها الـ 92 حزباً قد فشلت فى أن تؤثر خلال الانتخابات الأخيرة لأسباب كثيرة ليس هنا المجال لشرحها، الأمر الذى يتطلب تكتل القوى الحزبية واختزال هذا العدد الضخم فى 5 أحزاب قوية تؤثر بإيجابية وقادرة على حشد قواعدها لتشكل ظهيراً شعبياً منظماً أو دعونا نقول ظهيراً سياسياً.

وحتى يتحقق ذلك الحلم يظل الإعلام صاحب اليد الطولى فى تشكيل الرأى العام والتأثير على توجهاته، ومن هنا يمكن أن تتحدد ملامح الإعلام المصرى فى الجمهورية الثالثة فى أنه سيحل محل الأحزاب فى تشكيل القاعدة المكونة لآليات الحراك السياسى، ومن هنا نجد أن دور الإعلام فى الجمهورية الثالثة سيكون مختلفاً عن إعلام الجمهورية الأولى التى امتدت من عام 1952 حتى 2011 وإعلام الجمهورية الثانية التى لم يقدر لها الاستمرار سوى عام واحد انتهى فى 30 يونيو 2013. وأتصور من خلال متابعاتى لتصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الحملة الانتخابية أن الرجل متفهم تماماً لدور الإعلام، وأنه يأمل أن ينتقل الإعلام من مرحلة التصارع الفكرى إلى مرحلة العصف الفكرى ففى الحالة الأولى هو مثل صراع الديكة أو حوار الطرشان ويسفر عن لا شىء، وفى المرحلة الثانية وهى المطلوبة فى العهد الجديد يسفر عن الإتيان بأفكار جديدة لبناء المجتمع، بعبارة أخرى يؤدى الإعلام دوراً إيجابياً وعليه تحتاج القنوات الفضائية أو الإعلام المرئى إلى البحث عن أشكال برامجية جديدة ومبتكرة تختلف عن الأشكال التقليدية التى ملها المتلقى من خلال ما يسمى «التوك شو»، حيث أصبح من الضرورى الاهتمام بالأشكال التفاعلية بين الوسيط الإعلامى والمتلقى والتركيز على الرسائل والتقارير الحية من مواقع الأحداث ويساعد على ذلك التطور الكبير فى مجال تقنيات البث المباشر.

ولاشك أن ارتباط الحرية الإعلامية بالمهنية من الأمور الضرورية التى يجب أن تصبح سمة مهمة من سمات عهد الرئيس السيسى وأنا واثق أنه لن يسمح بغير ذلك لأن فيها الضمان لنجاحه فى عبور التحديات المتمثلة فى مجموعة الملفات الشائكة التى ستكون على مكتبه فى الرئاسة، ومن الأهمية بمكان أن تسهم وسائل الإعلام فى تقديم البدائل لصانع القرار أو على الأقل إلقاء الضوء على جوانب هذه الملفات وترصد حركة استعادة المجتمع لآليات تعافيه ويدق الإعلام ناقوس الخطر لو حاد المجتمع عن طريقه الطبيعى فى كل المجالات.

يبقى القول إن للإعلام دوراً أساسياً فى تحسين صورة مصر فى ذهنية الآخر خارج الحدود أى من الضرورى تفعيل رسالة الإعلام الخارجى بشكل يتكامل مع إعلام الداخل فى حماية صورة مصر من أى تشويه.

من هنا يجب اتخاذ الخطوات العملية لتفعيل المواد المتعلقة بالإعلام فى دستور 2014 ومن بينها إنشاء المجلس الوطنى للإعلام، تمهيداً لإلغاء وزارة الإعلام وانتقال سلطاتها إلى اتحاد الإذاعة والتليفزيون الشريك الرئيس مع الإعلام الخاص فى تشكيل هذا المجلس وبدء عمل نقابة الإعلاميين!!

■ رئيس قطاع الأخبار السابق