رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قافلتا الأزهر والأوقاف: السلام الحق يقتضي حسن التعايش والتكافل والتراحم

قافلة الأزهر والأوقاف
قافلة الأزهر والأوقاف

انطلقت قافلتان دعويتان مشتركتان بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى محافظتي البحر الأحمر والمنيا، اليوم الجمعة  20 يناير، وتضم كل قافلة عشرة علماء خمسة من علماء الأزهر الشريف، وخمسة من علماء وزارة الأوقاف، ليتحدثوا جميعًا بصوت واحد حول موضوع "ادخلوا في السلم كافة".. السلام النفسي والمجتمعي والدولي.

وأكد علماء الأزهر والأوقاف أن السلام غاية إنسانية نبيلة، وقضية راسخة في الفكر الإسلامي، فالإسلام دين السلام، وربنا (جل وعلا) هو السلام، ونبينا (صلى الله عليه وسلم) نبي السلام، وتحية المسلمين في الدنيا والآخرة السلام، والجنة هي دار السلام، وتحية أهل الجنة في الجنة السلام، حيث يقول الحق سبحانه: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً"، ويقول سبحانه: "هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ"، ويقول سبحانه: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"، ويقول (جل وعلا): "تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ"، ويقول تعالى: "لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ"، ويقول (عز وجل): "دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ".

- المسلم الحق يحقِّق السلام مع نفسه وينشره في مجتمعه

كما أكدوا أن المسلم الحق يحقِّق السلام مع نفسه، وينشر السلام في مجتمعه، وفي العالم أجمع، فالسلام النفسي يجعل الإنسان يعيش في جوٍّ من السكينة والطمأنينة، ومحبة الخير للغير، وسلامة الصدر، فلا يحقد، ولا يحسد، ولا يغش، ولا يخون، وتراه مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر، حيث يقول الحق سبحانه: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "المُؤْمِنُ يَأْلَفُ ويُؤْلَفُ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ)، ويقول (عليه الصلاة والسلام): "إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللَّهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ".

وأوضحوا أن المسلمَ الحقَّ منضبطٌ في معاملاته مع الناس جميعًا على اختلاف معتقداتهم، يعتقد بأن فلسفة السـلام في الإسلام تنبع من أنه دين يعدل بين الناس جميعًا في الحقوق وفي الواجبات، ويؤمن بقبول الآخر والمختلف، حيث يقول الحق سبحانه: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ"، ويقول سبحانه: "لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ"، ويقول تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"، أي: لتتعارفوا وتتعاونوا وتتكاملوا، فتُصان الدماء في المجتمع، وتُحفَظ الأعراض والأموال، ويعيش المجتمع في مناخ من العدل والوفاء، فيتوفَّر الأمن والاستقرار، وتتحَقَّق التنمية والرخاء والازدهار، ولا أدلَّ على أهمية تحقيق السلام المجتمعي من "وثيقة المدينة" التي أبرمها نبينا (صلى الله عليه وسلم) مع يهود المدينة، حيث تُعَدُّ هذه الوثيقة أفضل أنموذج في تاريخ البشرية للعيش الإنساني السلمي المشترك، والسلام بين أبناء المجتمع الواحد على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم، في إطار من الإنسانية الراقية، والمواطنة المتكافئة، ونشر قيم الرحمة والتكافل والتعاون والتسامح.

فمما لا شك فيه أن تحقيق السلام العالمي مطلب إنساني ووطني، وضرورة حضارية راسخة، وأصل ثابت عمَّق الإسلامُ جذورَه في نفوس الناس، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ"، فقد وجّه النبي (صلى الله عليه وسلم) حديثه إلى الناس جميعًا، لا إلى المسلمين وحدهم، كما أنه (صلى الله عليه وسلم) قدَّم إفشاء السلام على إطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام؛ تأكيدًا على مكانة السلام وأهميته للبشرية قاطبة، لينعموا معًا بالأمن والسعادة، ويحرصوا جميعًا على نشره في الأرض، فالسلام يقتضي الحرص على تحقيق الأمن والأمان، والحفاظ على الأوطان، ديننا دين البناء والتعمير لا الهدم ولا التخريب ولا الفساد ولا الإفساد، فالله (عز وجل) لا يحب الفساد ولا المفسدين، والسلام الحق يقتضي حسن التعايش والتكافل والتراحم؛ لننعم معًا بالسلام والأمن والأمان.