رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الترهل


فى عقد الثمانينيات من القرن الماضى توقف المصريون طويلاً أمام حادث سرقة ونش عملاق كان ضمن المعدات الرئيسية المستخدمة فى مشروع مترو الأنفاق. قيل وقتذاك إن هذا الونش تستحيل سرقته، لأنه يحتاج معدات ضخمة لا يمكن توافرها لأى لص أو أى عصابة، فضلاً عن استحالة إخفائه فى أى مكان من البلاد أو استعماله فى أى مشروع آخر، لأنه الوحيد من نوعه ومعروف تمامًا لإخواننا رجال الأمن وكل سلطات الدولة.

ولكن الونش المسروق ظل مسروقًا حتى يومنا هذا، وفشلت الدولة المصرية بكل رجالها وحكومتها وسلطتها وشرطتها ومباحثها فى العثور عليه أو على سارقيه!! ولم يكن لدينا فى ذلك الحين انفلات أمنى أو ثورة أو بلطجة أو أى شىء من هذا القبيل، ولكن كان عندنا شىء اسمه «نظام مترهل»، وهو الشىء الذى ظل يتضاعف ويتعملق ويتوحش حتى وصلنا إلى ما نحن فيه الآن.

انظر سيادتك إلى حكاية أنفاق سيناء حتى تفهم جيدًا مدى ترهل الوطن الذى تعيش فيه.

كيف تسمح السلطات العسكرية والمدنية بحفر كل هذا العدد الرهيب من الأنفاق بين مصر وفلسطين المحتلة؟

كيف تمكن الفلسطينيون أو المصريون أو البدو من حفر كل هذه الأنفاق تحت أعين السلطات المصرية؟

هل سيناء هذه أرض بلا صاحب وبلا سيادة وبلا دولة؟

ألم يتفصل الزعيمان المؤمن والمزمن برفع الأعلام المصرية فوق هذه المنطقة عقب نهائى حرب أكتوبر وقام كل منهما بوضع قبلاته الكريمة على هذه الأعلام قبل رفعها؟

ألم يتفضل الزعيمان المؤمن والمزمن بتعيين محافظين لشمال وجنوب سيناء وحرصا على اختيارهما من السادة الجنرالات حتى يتمكنا من حفظ الأمن والسيادة على هذه الأرض المحررة؟

هل فشل كل هؤلاء المحافظين الجنرالات فى إدراك خطورة حفر الانفاق بين مصر وفلسطين؟

ألم يشهد أحدهم ولو بالصدفة أحد هذه الأنفاق أثناء انتقالات سيادته فى أراضى المحافظة التى يديرها؟

ألم يقرأ أحدهم فى صحف المعارضة تحذيرات تفصيلية من خطورة هذه الانفاق وتضاعف أعدادها؟ ثم ألم تتطرق مباحث أمن الدولة إلى قضية الأنفاق أثناء المذابح التى كانت تديرها ضد البدو وعناصر المعارضة السياسية فى العريش وسيناء؟

حتى المسلسلات والأفلام المخابراتية البطولية لم تتناول هذه القصة البائسة، السيدة نادية الجندى اخترقت النظام النووى فى تل أبيب ولكنها فشلت فى اكتشاف الأنفاق، والسيد محمود عبدالعزيز الشهير برأفت الهجان فشل هو الآخر فى مكافحة الأنفاق! ولم يعد أمامنا الآن سوى انتظار جزء ثان من مسلسل فرقة ناجى عطا الله يتمكن فيه الأخ عادل إمام من إغلاق كل المنافذ السرية الإرهابية بين مصر وفلسطين، ثم يتم تعيينه محافظًا وحاكمًا عسكريًا لسيناء ويرفع العلم عليها للمرة العاشرة!!

نظامنا مترهل، ويحتاج إلى ريجيم فورى أو تدخل جراحى.. الآن وليس غدًا