رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكرى سجودهم للمسيح.. من هم المجوس؟

الكنيسة
الكنيسة

تحتفل الكنيسة المارونية في مصر برئاسة المطران جورج شيحان بذكرى سجود المجوس للطفل يسوع.

والمجوس كلمة فارسية تعني "كهنة" رتبتهم بين الحاكم والشعب في بلاد مادي وفارس. وكانوا خدمة دين زرادشت وكانوا معروفين بلباسهم الخاص وسكناهم المنفرد عن بقية الناس. ومن جملة وظائفهم أنهم ابقوا النار على مذبح أرمزد وقاوموا شر أهريمان. وقد عبدوا العناصر الأربعة: النار والماء والتراب والهواء. ولكن جلّ عبادتهم انحصرت في النار وكان من جملة عاداتهم أن لا يحرقوا أجساد الموتى ولا يدفنونها في التراب بل كانوا يضعونها على سطوح المنازل فتأتي الغربان وجوارح الطير وتأكل لحومها. وكانوا علماء الأمة الفارسية يعلمون الفلسفة وعلم الهيئة وغيرهما من العلوم المعروفة حينئذ. ويظهر من قصة متى. أن هذه الطغمة كانت معتبرة في أيام ولادة المسيح. ولا نعلم من أي البلاد أتى المجوس إلا انه يرّجح انهم عرفوا عن إتيان المسيح من اليهود المتشتتين وكانوا هم باكورة الوثنين الداخلين إلى الكنيسة المسيحية وقد أقيم عيد ظهور المسيح للأمم الواقع في السادس من شهر يناير (كانون الثاني) تذكارًا لزيارتهم. 

وبهذه المناسبة ألقت الكنيسة عظة احتفالية قالت خلالها: سجود الملوك: أقوياء هذا العالم أَحنوا رؤوسهم أمام مهدٍ وضيع لطفل. أتوا بذَهَبٍ وبخورٍ ومرٍّ من الشرق؛ كان في قلوبهم قلق، وعلى ثيابهم غبار الطرق التي سافروا فيها ليلاً، وقد قادهم النّجم إلى ههنا. "أَينَ مَلِكُ اليهودِ الَّذي وُلِد؟ فقَد رأَينا نَجمَه في المَشرِق، فجِئْنا لِنَسجُدَ لَه". مضت مئات السنين على ذلك الحدث، سار خلالها العديد من النفوس في طرقات الأرض مثل المجوس من الشرق، وباستمرار ما زالوا يسألون وهم يمرّون: "أَرأيتم مَن تُحِبُّه نَفْسي؟" هي أيضاً نجمة من نور تلك التي وهي تضيء طريقنا، تقودنا إلى تواضع مذود، وتُظهِر لنا ما أخرجَنا "خارج أسوار المدينة". إنّها تُبَيّن لنا إلهاً يفتقر إلى كلّ شيء بالرّغم من أنّه سيّد كلّ الأشياء. تُظهِر لنا أنّ خالق نور الشمس وحرارتها يعاني من البرد؛ وترينا أنّ الذي أتى إلى العالم بسبب حبّه للبشر قد نُسي من قِبَلِهم.

الآن أيضاً، كما في ذلك الحين، هناك نفوس تسعى إلى الله... للأسف، لا يستطيع الجميع إيجاده؛ لا ينظر الجميع إلى النجم الذي هو الإيمان. فإنهم لا يجرؤون على أن يغامروا على هذه الطرقات التي تؤدّي إليه، وهي التواضع، نكران الذات، التضحية، وفي أغلب الأحيان الصليب...

تلك الليلة، عندما كنت في الجوقة تذكّرت، عن غير قصد، أيّام طفولتي، بيتي، والملوك، لكنّ ثوبي الرهبانيّ كان يقول لي شيئاً آخر: كالمجوس، أنا أيضاً جئت أبحث عن مذود. أنا لم أعد طفلاً يجب إعطاؤه لُعَباً: الأحلام هي الآن أكبر وليست من هذه الحياة. أحلام العالم، مثل لعب الأطفال، تمنح السعادة عندما ننتظرها، ولكن بعد ذلك لا تضحي كلّها إلّا ورقاً مقوّى فقط. أحلام السماء - حلم يدوم مدى الحياة ولا يُخيِّب بعد ذلك. كم كانت عودة المجوس سعيدة، بعد رؤيتهم الله! أنا أيضا سوف أراه، إنّها ليست سوى مسألة انتظار قليل. سوف يأتي الصباح قريباً، ومعه النور. كم ستكون صحوة سعيدة!