رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحذيرات كنسية من الملابس غير اللائقة والعارية في الاحتفال بعيد الميلاد

كنسية
كنسية

حذرت صفحة «إيماننا الأرثوذكسي القويم» المنبثقة عن كنيسة الروم الأرثوذكس، وتخاطب لأبناء الكنيسة الناطقين بالعربية في الوطن العربي، في بيان لها من الانخراط في أجواء لا تليق أثناء الاحتفال بعيد الميلاد المجيد الذي تحتفل به الكنيسة اليوم.

مثل ارتداء الملابس غير اللائقة أو العارية أو الافتخار بالخطية، وقالت الصفحة في بيانها إنه: «لقد أعلن فرح السماء بأهل الأرض، وكشف الله عن حبه الكبير لنا، إذ أرسل ابنه الوحيد مولودا من العذراء مريم، وصار إنسانا مثلنا ليألهنا ويصّيرنا على مثاله أبناءا لله وورثة معه في مجده الأبديّ». 

هذا هو فرح السماء بالخلاص الذي أعدّ لأهل الأرض وهذه هي البشارة السعيدة التي حملتها الملائكة للبشر وتقول لنا اليوم: إني أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، إنه قد ولد لكم اليوم في مدينة داوود مخلصٌ، هو المسيح الرب! وهذه لكم علامة تجدون طفلا مقمطا ومضجعا في مزود، فالمجد لله في العلى وعلى الأرض السلام في الناس الذين سرّ بهم الله.

الكل يعرف معنى هذه البشارة على أنها إعلانٌ لولادة المخلص في مغارة بيت لحم ، و أن المخلص ولد والسلام حل على الارض ، والناس في المسرة . ولكن أيها الإخوة ، هل وقفنا مرة نتأمل هذه البشرى السماوية الواعدة بالفرح والسلام لكل البشر !؟ ألم يراودكم السؤال عن أين هو هذا الفرح وهذا السلام الذي حلّ في العالم !؟، أي سلام ومسرة عاشها البشر منذ ولادة المسيح حتى اليوم ؟ ونحن نعلم أنه منذ اليوم الأول لولادة الرب يسوع قامت المؤامرات من الحكام ورؤساء اليهود لقتله ، خوفا من أن ينتزع منهم سلطة أو منصبا أو زعامة دنيوية . أي سلام حلّ على أمهات مدينة بيت لحم والجوار، وهن يرون أطفالهن يذبحون على أيدي الجنود بسبب هذا المولود في مغارة بيت لحم !

أي سلام هذا !؟ والشعوب في حروب وتقاتل منذ آدم وحتى يوم  القيامة !؟ أي سلام حلّ وفي مجتمعاتنا وأناسٌ يموتون من كثرة الطعام وآخرين تخنقهم الحسرة  ويقتلهم الجوع

أي سلام  نبشر به العالم اليوم ، ! والخطيئة عند الناس مفخرة ، والخلاعة ميزة تحضر وإعلانات التلفزة تنتهك حرمة بيوتنا ، وتعرض علينا مستلزمات العيد من على أجساد نساء شبه عاريات ! 

لقد ولد الرب يسوع ليكون عونا للبائسين ، ونصيرا للمظلومين . وكان جليس الفقراء والمعوزين . وأما اليوم ، فقد سرقوا من العيد روح العيد وسلامه، وحولوه إلى كابوس للفقراء ، وقهرا للمحتاجين, والكثيرون يرجونه لو يتخلف عنهم لهذا العام، كي لا يختنقون قهرا وحسرة وهم يرون الأموال تهدر على زينة الشوارع وأسوار المنازل والكنائس والمؤسسات . وفي عيونهم حسرة على فضلات موائد الميسورين وهي تلقى مع النفايات . والآذان تصمّ عن سماع أنين المتألمين ، وعيونٌ لا تبصر أن في كل مدينة وقرية وشارع ، أكثر من مسيح جائع وعريان ، ومريض يشتهي هذا الذي تدوسه أقدام الساهرين والمخمورين ، المحتفلين لمولد إله الرحمة والمحبة ! .

لن يحل سلام المسيح فينا، مالم نحقق بقية البشارة التي أعلنها الملاك لنا حين قال للرعاة : أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب 

بمعنى أنه سيكون لكم فيما بعد . السؤال إذا متى ؟ وكيف ؟ نحصل على هذا الفرح ؟ يجيبنا الملاك قائلا :{ عندما تذهبون أنتم إليه ، وتجدونه ، إبحثوا عنه لتجدوه !. أين نجده وكيف نعرفه ؟ أجاب الملاك :{ هذه لكم علامةٌ ، تجدونه طفلا ملفوفا بأقمطة ومضجعا في مزود}.

يا إخوتي : هذه هي الخطوة الأولى التي علينا أن نخطوها لندخل في سلام المسيح وهي أن ننطلق من ماضينا لنبحث عن المسيح في الحاضر من حياتنا . أن نبحث عنه في مغارة حياتنا المظلمة . أن نبحث عنه في كل شارع وبيت. وفي وجه كل إنسان لا نألفه . إنه يرتدي أقمطة الفقر. نتقزز منه، وقد نراه مرميا ومضجعا في مكان لا نرضاه لأنفسنا ! .

يا إخوتي : عبثا تبحثون عن إلّهكم ولن تنظره بين الغيوم ، لأنه على الأرض بينكم في كل حين  . إنه عند كل تائب يستريح ، ومع كل سجدة خاشعة ينهضنا بيديه، ومع كل شمعة نتشفع بها لقديس، وكل لقمة نطعمها لجائع أوكأس ماء نقدمه لعطشان ، أو لباس نستر به عريان ، أو بسمة  نزرعها في قلب بائس . هذا هو إلهنا يا إخوتي . تعالوا لنفرح بالعيد كما يريد صاحب العيد ، أن نهجر كل ما ألصق بالعيدمن وثنية  تنتعش من جديد وتسرق من العيد معاني الميلاد ، من توبة  ومصالحة  وسلام  مع الله . 

أيها الأحبة : يبدو المسيحيون اليوم أسرى عادات وتقاليد وثنية أبادتها الكنيسة منذ نشأتها، وعلمّنا القديسون أن التبذير وصرف المال على زينة الطرقات والمنازل حرامٌ ، ما دام هناك في المنازل إخوةٌ لنا جياع ٌ معوزون . وعلى الطرقات  عراة ٌ وبائسون ، علينا أن نرفع عن العيد وشاح الوثنية التي تغزو حياتنا المسيحية ، وأن ندرك أن ما أسموها شجرة الميلاد ، لا علاقة للميلاد بها أبدا  ، وما هي إلا عبادة  وثنية عرفت في أوروبا قديما  وقبل المسيحية ، ولكنهم أعادوها إلينا بلباس جديد . 

إن إكرام إلهنا ومخلصنا العظيم ليس بأن نتذكره كل عام  ، ولا بأن نعيد تمثيل حدث ولادته في مغارة في البرية وبين البهائم،لأننا رفضنا إستقبال أمه لتلده في بيوتنا. 

إن المغارة تذكرنا بخطيئة اقترفناها منذ ألفي عام . والغريب هو في أن الناس تحتفل بإعادة تمثيل الجريمة كل عام وتتفاخر بها. إن أزياء العيد والزينة ، أنستنا مقاصد الله من ولادته بيننا. و(بابا نويل) سرق من أطفالنا وجه يسوع ، وصار هو الحدث  وحلم الطفولة . 

يا أحباء يسوع : لن نعرف السلام في نفوسنا ، مالم نتمم ما قاله الملاك للرعاة:

{ إذهبوا وجدوه ! إنه ملفوفا  بأقمطة  ومضجعا في مزود}.

سلامنا يتحقق عندما نلتقي يسوع ونجده ونعيده الى حياتنا ، ليقيم في قلوبنا وأفكارنا ومشاعرنا ويصير هو ملكنا ونسجد عند قدميه، ونقدم له الهدايا، من توبة وتواضع  ومحبة  لا تعرف الغش أبدا  . هذه هي الذكرى التي تحتفل بها الكنيسة  اليوم ، ذكرى ولادتنا الجديدة مع الطفل الإلهي لننموا به يوما بعد يوم  بالمعرفة والنعمة امام الله والناس .

يا إخوتي : هل لاحظ أحدكم أن إنجيل العيد اليوم ، محوره المجوس ، وليس ظروف ولادة الطفل الإلهي ؟! فإنجيل الميلاد سمعتموه الأحد الماضي، في أحد نسب يسوع لأن الكنيسة تعي وتركز على جوهر وأبعاد بشارة الملائكة للرعاة ، وعلى معنى العيد الحقيقي. ولتقول لنا اليوم:

إذ أردتم أن تحتفلوا لميلاد المسيح ؟ فالمسيح ولد ،! وانتهى الموضوع ،والوقت يسبقكم . والفرح الحقيقي هو بأن تقوم أنت إليه ، أن تبحث عنه وتجده وتدعوه إلى بيتك وحياتك . أي فخر لك وأي فرح تقيم؟! وربك ومخلصك وملكك يضجع في مغارة حقيرة  ؟!. المسيح ولد وأنت في غفلة عنه ، فبماذا تفرح ؟! . فرحك أيها الإنسان وفخرك هو في أن تسرع  إليه وتستضيفه في بيتك, والمكان اللائق الذي هيأته له . عندها فليكن فرحك عظيما  جدا . ويحق لك عند ذلك أن تعلق الزينة في بيتك والشوارع لأنها تكون صورة عن عالمك الروحيّ الذي يتربع عليه ربك وإلهك ملكا  على الدوام . فالمسيح ولد فماذا نقرر الآن ؟؟ وكيف سنمضي ما تبقى لنا من العمر. أرجو الرب أن يشرق علينا أنوار نعمته ويصير هذا الخامس والعشرون من هذا الشهر، تاريخ صحوة لنا وعودة  الى الينابيع التي ارتوى منها القديسون. 

عندها يصير عيد الميلاد هذا عيد ولادة كل  منا ولادة  جديدة  ، لا من أب وأم ، ولكن من الروح القدس . وإذا أدركنا كم هو مشتاقٌ إلينا ، وكم نحن عطاشٌ إليه ، عندها يظللنا نجم الرب  وتقرع أجراس العيد ، ويجعلنا الرب كما قال داوود النبي : كالشجرة المغروسة عند مجرى المياه التي تعطي ثمرها في أوانه وكل ما تثمره ينجح. 

وهكذا أنتم أيها الأحبة لتصر حياتكم كالشجرة المثمرة  بالفضائل ، ويزينكم الرب بنعمه وينير حياتكم بضياء وجهه البهيّ . 

إذهبوا كالملائكة وبشروا العالم بأن المسيح ولد فينا اليوم . ليكون لكم السلام ومسرة الله في كل حين .