رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«لا تكن الضحية».. كاتب أمريكى يشرح طريقة استعادة الشخص الثقة بالنفس

الثقة بالنفس
الثقة بالنفس

«أرواحهم مسممة، لذا لا يستطيعون رؤية النعم فى الحياة».. هكذا وصف عالم النفس والكاتب الأمريكى الشهير ستيف مارابولى، من يعانون من متلازمة «شخصية الضحية»، فى إطار توضيح الأزمات التى تواجهها تلك الشخصية وكيفية التحرر من ذلك القيد.

وبحسب موقع purposefairy للتنمية الذاتية، الذى سلط الضوء على هذه المشكلة، ففى مرحلة ما من الحياة، يجبر كل شخص على أن يفعل شيئًا ضد إرادته، فلقد مر كل إنسان بوقت عصيب شعر فيه بالإهانة أو بالخيانة بطريقة ما، وعانى الكثير منا من فقدان أحد أفراد أسرته، أو حتى فقدان الصحة، وكان البعض منا ضحية للعنف، فى المنزل أو فى المدرسة أو فى الحياة، لكن بينما يتمكن البعض من التعامل مع الألم وجلد الذات والغضب والشعور بالذنب، يرى البعض الآخر أنفسهم ضحايا، فتتشكل لديهم عقلية الضحية.. وفى كثير من الأحيان لا يدرك الناس أنهم يتصرفون كضحية.

وأوضح الموقع أن رؤية نفسك كضحية لا يعنى بالضرورة أنك تعرضت للإيذاء الجسدى أو النفسى، فإن الضحية هى الشخص الذى يعتقد أن شيئًا ما أو شخصًا ما يتحكم بحياته خارجيًا، ويرى الضحايا أنهم عاجزون أمام أنفسهم، ويعتقدون أن العوامل الخارجية تتحكم فى حياتهم، ويشعرون بأنهم مجبرون على القيام بأشياء ضد إرادتهم، وتجدهم دائمًا كثيرى الشكوى، ويقولون إن العالم كله ضدهم، ويوجهون اللوم لغيرهم على كل ما يحدث فى عالمهم.

ويمكن رؤية عقلية الضحية فى جميع مجالات حياتنا؛ فى العلاقات الشخصية مثلًا، عندما يضطر بعض الضحايا للتخلى عن أولوياتهم وتطلعاتهم وأحلامهم ورغباتهم، وحينها يفقدون احترام الذات والثقة بالنفس.

ومثال على ذلك، يمكن أن نتخيل رجلًا تخلى عن وظيفة أحلامه لإرضاء أحبائه، وعادة يشعر هذا الرجل بالاستياء والغضب من عدم التقدير، وبدلًا من محاولة السيطرة على حياته، سيشتكى من الطريقة التى يتعامل بها الناس معه، وبهذه الطريقة سيصبح الضحية فى روايته.

وفى الحياة اليومية كذلك يمكن أن نلاحظ وجود شخصيات الضحية، على سبيل المثال، قد تطلب خدمة صغيرة من أحد الزملاء، فنجانًا من القهوة مثلًا، وهنا سيشعر من يقتنع بأنه بالظلم والإهانة، لمجرد طلب خدمة بسيطة منه.

لكن فى الواقع، لقد طُلب منه خدمة، وعليه أن يختار، إما أن يقول: «أنا آسف، أنا لا يمكننى جلب القهوة لك»، أو يمكنه القول إنه مشغول جدًا أو يمكنه القول إنه نسى.. فهناك طرق عديدة للرد، ولكن من يعيش دور الضحية، يختار تغذية مشاعر سامة فى داخله.

وغالبًا ما يدعى هؤلاء أن الناس يستغلونهم، فالشخص الذى لديه عقلية الضحية لديه عادة الشكوى من كل شىء، على سبيل المثال، يقول إنه مجبر على العمل مع مدير رهيب، ويبرر التأخير عن العمل دائمًا بأن «حركة المرور سيئة».

وفى الأغلب يذهب صاحب عقلية الضحية إلى شخص آخر للشكوى والتنفيس عن غضبه بقصص درامية عن رئيسه الوقح والمتغطرس، أو عن صديقه الأنانى الذى لا يمنحه التقدير المناسب. 

ويسأل أصحاب شخصية الضحية دائمًا «لماذا؟»، وتكثر الأسئلة: «لماذا أنا؟ لماذا الناس أشرار جدًا؟ لماذا لا يعطينى الرئيس علاوة؟ لماذا تركنى؟»، بينما لا يحاولون البحث عن إجابات لهذه الأسئلة، بل يعذبون أنفسهم ويشعرون دائمًا بالشفقة، وهو ما يعزز هويتهم كضحية فقط.

والسؤال الذى يجب أن يسألوه لأنفسهم هو: «لماذا حدث هذا الآن؟ ماذا يمكننى أن أتعلم من هذا الموقف؟ وكيف يمكننى تجنب ذلك فى المستقبل؟».

وهناك مزايا وهمية لأصحاب عقلية الضحية، فهم يعتقدون أنهم سيحصلون على الاهتمام والتعاطف والدعم حينما يبدون بذلك المظهر، وسيستطيعون التنصل من المسئولية، فكوننا ضحية يعطينا عذرًا لشرح ظروف حياتنا.. إنها مبرر لحقيقة أننا لم نحقق شيئًا، فنستمر فى التفكير فى أن الآخرين أوقفونا، ولم يروا إمكاناتنا، وغيرها من المبررات.

وأوضح الكاتب الشهير طرق التحرر من عقلية الضحية والعيش بثقة، قائلًا: «لتكون قادرًا على التخلى عن عقلية الضحية، يجب أن تتخلى عن الفوائد السلبية التى تجلبها لك هذه العقلية، يجب أن تعلم أيضًا أن إنشاء نمط جديد من التفكير والسلوك يستغرق وقتًا وجهدًا وعدم الراحة، وعندما تبدأ فى التغيير لأول مرة، قد تشعر بعدم الاستقرار وعدم الأمان والضعف. لكن عليك أن تمر بهذه الفترة إذا كنت تريد استعادة السيطرة على حياتك وتغييرها».

كما نصح الكاتب هؤلاء بالتحرر من آلام الماضى: «للتغلب على عقلية الضحية، يجب أن تطلق الألم من كل تلك التجارب السابقة، المدفونة بعمق فى الداخل، أنت بحاجة إلى التخلص من المشاعر السلبية، مثل الخوف والذنب والكراهية والغضب والشفقة على الذات، إنها تبقيك فى الأسر وتعيد تأكيد هويتك كضحية».

وتابع: «اغفر لمن جرحك، فإن التسامح لا يعنى تبرير تصرفات الآخرين، ولكنه عمل داخلى بحت للتخلى عن المشاعر المؤلمة، فعندما تسامح ستكون حرًا، وعليك تحمل مسئولية حياتك بالكامل، فالشىء الرئيسى الذى عليك القيام به لاستعادة القوة هو تحمل المسئولية عن المشاعر والأفكار وردود الفعل التى تختار تجربتها، واعلم أن الشكوى والتعاسة واللوم لا يحل مشاكلك، فكر فيما يمكنك القيام به شخصيًا واتخاذ الإجراءات اللازمة».

وأكمل: «لا بد أيضًا من تغيير المفردات الخاصة بك.. غيّر الكلمات التى تجعلك تشعر وكأنك ضحية فى حياتك، على سبيل المثال، لا تقل (آمل فى أن يحدث ذلك)، بل قل (سأفعل)، وبدلًا من (لا يوجد مخرج)، قل (أعرف أن هناك طريقة وسأجدها)، وبدلًا من (لا أستطيع) قل (سأحاول).. وتعلم أن تقول (لا)، فغالبًا ما يواجه الأشخاص الذين لديهم عقلية الضحية صعوبة فى قول (لا)، ولكن عليك التفكير فى الأمر دائمًا واختيار القرار الصحيح الذى يجعلك تشعر بالرضا لا بالتذمر، ولا بد من أن تغير تركيزك، فبدلًا من قول (ليس لدى أو أشعر بالظلم) قل (لدى نقاط قوة علىّ استغلالها) واحتفظ بمفكرة، مع سرد كل شىء جيد فى حياتك واكتبه واشعر بالامتنان تجاهه».