رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كاثرين جراهام.. السيدة التى أنهت حكم نيكسون بـ«فضيحة ووترجيت»

كاثرين جراهام
كاثرين جراهام

ربما لا توجد امرأة كان لها تأثير أكبر على ريادة الأعمال فى القرن الماضى أكثر من كاثرين جراهام، التى عملت رئيسة لصحيفة «واشنطن بوست» الشهيرة بين عامى ١٩٦٣ و١٩٩١، فى وقت كان يُعتقد فيه أن النساء غير مناسبات لمثل هذه الأدوار القيادية، لكنها أثبتت بجدارة أن النساء يمكنهن قيادة العالم بخفة وحزم.

قادت «كاثرين» هذه المهمة خلال واحد من أكثر المواسم اضطرابًا وصعوبة التى يمر بها أى عمل تجارى على الإطلاق، وواجهت معارضة قوية من كل جانب، من الموظفين، وأعضاء مجلس الإدارة، وحتى من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

لكن معتقداتها وسماتها الشخصية أوصلتها إلى حيث تريد أن تذهب تمامًا، تلك المعتقدات والسمات التى يمكن لأى طموح استغلالها والاستفادة منها لمساعدته فى القيادة والاستمرار فى مشروعه الريادى.

وكان كل ما احتاجته «كاثرين» خلال هذه الفترة العصيبة لأن تكون قوية، هو الثقة فى النفس، والاستعداد للتحمل، والشعور بالصواب والخطأ، وهو ما جعلها تدير واحدة من أنجح الصحف العالمية.

إذا عدت إلى الوراء ونظرت إلى التاريخ، فليس سرًا أن كاثرين جراهام ولدت ميسورة الحال، وأن والدها كان ذكيًا جدًا من الناحية المالية، وجمع ثروة كبيرة من نواحٍ كثيرة، وبالتالى نشأت فى رفاهية، ولا يمكن ربط قصتها بسرد من الفقر إلى الثراء.

هذا لا يعنى أن كل شىء كان سهلًا أو سلسًا، ففى عام ١٩٦٣ انتحر زوج كاثرين جراهام، وبعد أن كانت على موعد مع منصب قيادى فى صحيفة «واشنطن بوست»، لم يعترف المجلس المحافظ المكون من ذكور فقط بسلطتها، حتى بعد أن أصبحت أول امرأة فى قائمة «٥٠٠ Fortune» فى التاريخ الأمريكى.

طوال الستينيات وأوائل السبعينيات كانت الصحيفة على وشك الانهيار، وهددت الإضرابات العمالية من الداخل، وتكتيكات التخويف من الوكالات الخارجية، بإغراق الصحيفة فى أزمات لا حصر لها، وفى إحدى المرات خرب اتحاد العمال آلات الشركة، وضرب موظفًا بريئًا، ثم أشعل النار فى إحدى المطابع، وهو ما كان يشكل تحديًا كبيرًا للتعامل مع مثل هذه الكوارث.

استمعت «كاثرين» إلى نصيحة الشاب وارين بافيت، الذى يعد أحد أكثر المستثمرين ذكاءً على الإطلاق، وهذه النصيحة من أكثر النصائح التى أثرت فيها، وهى: «إذا كنت تريد أن تكون ناجحًا فعليك أن تكون على استعداد للمراهنة على نفسك».

تمامًا كما كانت الشركة تقدم ملفًا للاكتتاب العام، تلقت الصحيفة مجموعة من الوثائق الحكومية المسروقة، سأل المحررون «كاثرين» عما إذا كان بإمكانهم النشر، على الرغم من أمر المحكمة بمنع نشرها، استشارت محامى الشركة، شاورت المجلس، ورغم أن الجميع نصحها بتجنب ذلك، قررت المضى قدمًا ونشرتها، فى قرار لم يسبق له مثيل.

فى عام ١٩٧١ دخلت «واشنطن بوست» فى شراكة مع «نيويورك تايمز»، وقررت إصدار واحد من أكثر التقارير الصحفية المدوية فى القرن العشرين فيما يتعلق بالحرب فى فيتنام، كان هذا القرار حافزًا لنشر «فضيحة ووترجيت» فى عام ١٩٧٢، ما ساعد بشكل فعال على إنهاء فترة الرئيس نيكسون فى منصبه، وإعادة تشكيل الأفق السياسى الأمريكى.

كاثرين جراهام كانت قادرة على القيادة خلال هذه الأزمات المختلفة، لأنها فهمت واعتقدت بشكل أساسى أنه حتى عندما تصبح الأمور صعبة، تابع وانشر.

تعرضت لانتقادات شديدة من أقوى المنظمات فى البلاد، من الكونجرس، ووكالة المخابرات المركزية، ومكتب التحقيقات الفيدرالى، ومن البيت الأبيض، ومن مكتب الرئيس نفسه.

لكنها راهنت على نفسها وقررت النشر على أى حال، وكانت هذه الجرأة فى مواجهة الشدائد هى التى عززت إرثها ومنحتها القوة لقيادة شركتها، كما فعل القليل من قادة الأعمال من قبل أو بعد ذلك.