رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"صبحى الشارونى".. المرجعية المتكاملة للحركة الفنية

"صبحى الشارونى نجم ساطع من نجوم النقد الفني القلائل الذين يتصفون بالجدية والموضوعية فيما يتناولون، لا يدخر جهدًا فى سبيل "الإتقان" سواء فيما يصدر عنه من أعمال فنية أم فيما يجود به قلمه من بحوث وتحليل ونقد وتأريخ وتوثيق، فضلًا عن أنه أكبر مرجع متكامل للحركة الفنية في مصر منذ نشأتها حتى اليوم وإصداراته ثمرة جهد خارق وعشق عارم وبحث شاق انقطع له المؤلف سنين وسنين حتى نال عن كتابه الأخير درجة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة حلوان ولا غنى لمحبي الفنون التشكيلية عن مطالعته بإمعان وأناة فموضوعه رغم طرافته وحسن اختياره غير مسبوق..".
هكذا كان يرى ويكتب المفكر والمؤرخ والوزير الأهم والأروع تاريخيًا لوزارة الثقافة الجنرال الدكتور "ثروت عكاشة" عن رحلة عطاء وإبداع الفنان والناقد الفني "صبحي الشاروني"..
لقد دفعني إلى كتابة تلك المجموعة من المقالات لرصد تاريخ وعبقرية عطاء مجموعة عظيمة من رموز النقد الفني في مصر والعالم العربي على صفحات جريدتنا الغراء "الدستور" المعنية بقضايا الإبداع والتنوير إلى حد أرى تصنيفها كجريدة ثقافية تنويرية بديعة.. ولعل تلك المقالات تسهم في الرد الطيب والمقنع على من يتهمون الحركة النقدية بالتراجع أو الاستعلاء، بل ومن يرون ظلمًا أن انتشار بعض ملامح القبح في الشارع المصري قد يعود إلى تراجع الحالة النقدية!!
يُعد دور صبحي الشاروني كركيزة هامة وأمينة  في دنيا الحركة التشكيلية، فهو الموثق بحرفية وانتماء لتفاعلات وفعاليات تلك الحركة.. ولعل كتابه الجميل "متحف في كتاب" من أهم ما صدر عن الفنون الجميلة المصرية فى سنين عمله الأخيرة.. ففيه توثيق لأعمال أكثر من ستين فنانًا مصريًا..
لقد عمل "الشاروني" كأستاذ منتدب لتاريخ الحضارة وتاريخ الفن والتذوّق بكليات الفنون الجميلة والتربية بجامعات عدة، وقد أقام العديد من المعارض داخل مصر وخارجها، من بينها: روائع الفن القبطى بأكاديمية الفنون الجميلة المصرية في روما 1987، ثم انتقل إلى المركز الثقافي المصري بباريس في السنة نفسها من 16 حتى 26 يوليو، كما أقام معرضه الرابع عن البناء بالطين في واحة سيوة القديمة ضمن مهرجان الفن الشعبي المصري الذي نظمه بيت ثقافات العالم بباريس طوال فبراير 1988، ومن بين معارضه المهمة معرضه السادس عن مقابر "الهو" بقاعة أتيلييه القاهرة عام 1990..
وقد تجاوزت مؤلفاته خمسة وعشرين كتابًا عن الفنانين التشكيليين والحركة التشكيلية في مصر، من بينها مؤلفاته عن الفنانين التشكيليين: عبدالهادى الجزار، رمسيس يونان، صلاح عبدالكريم، صلاح طاهر، الأخوين سيف وأدهم وانلي، حسين بيكار، تحية حليم، مصطفى أحمد، السيد القماش، بجانب مؤلفاته في التأريخ فى الفنون التشكيلية مثل: الفنون التشكيلية – 1981، الفن التأثيري – 1982، 77 عامًا مع الفنون الجميلة في مصر – 1985، هؤلاء الفنانون العظماء ولوحاتهم الرائعة – 1986، 80 سنة من الفن بالاشتراك مع رشدى إسكندر وكمال الملاخ – 1991 "موسوعة" الفنانون الشباب في مصر من خلال معارض الصالون السنوي الخمسة الأولى، المركز القومي للفنون التشكيلية – 1994، فنون الحضارات الكبرى – 1995، متحف فى كتاب ــ  1998، النحت في مائة عام مع آخرين – 2005، كما صدر له عن الدار المصرية - اللبنانية "موسوعة الفنون الجميلة المصرية.. في القرن العشرين" التي ضمت عددًا تجاوز الـ144 فنانًا، بترتيب تاريخ الميلاد، وكانت تلك الموسوعة خلاصة جهد متواصل لتوثيق حركة الفنون الجميلة المصرية، استمر منه على مدى أكثر من ثلاثة عقود..
وفي هذا السياق كتبت عن إنجازاته ثريا درويش: صبحي الشاروني.. موسوعة ثقافية فنية.. يجيد التعامل بلغة الحروف والكلمات بنفس قدرته على اللعب بالخطوط والألوان وتسخير عدسات الكاميرا الشقية لرصد أغرب وأصعب القضايا الاجتماعية والثقافية التي تهم الإنسان المصري وتراثنا الحضاري العريق، وتتميز جميع أعماله بقيمها الإبداعية الرفيعة المستوى واستخدام التقنيات الحديثة، بانوراما الشاروني متعددة الاتجاهات تجمع بين الغريب والعجيب وتتبنى الدفاع عن أهم القضايا الفنية وإلقاء الضوء عليها متخذًا من الكاميرا سلاحه الأول في الدفاع عن أدق الموضوعات التي لا ترصدها سوى عين فنان مثقف..
أما الناقد الراحل إبراهيم عبدالملاك فكتب عنه في مجلة صباح الخير قائلًا: صبحي الشاروني.. أحد أعمدة الحركة التشكيلية.. وأحد حراس الصدق والانتماء.. وربما يكون هو الوحيد بيننا الذى وثق للحركة الفنية كل خطواتها ولم يترك عملًا فنيًا تمثالًا أو لوحة أو .. أو .. إلا وصوره ودونه ووصفه.. ولعل كتابه الجميل متحف في كتاب من أهم ما صدر عن الفنون الجميلة المصرية في السنوات الأخيرة.. ففيه توثيق لأعمال أكثر من ستين فنانًا مصريًا والصورة عند صبحي الشاروني ليست لقطة كاميرا وإنما هى حب للعمل المبدع.. تحية للإنسان الفنان المؤرخ.. ومن فرط اهتمامه تبدو صورة العمل ناطقة بقيمة الأصل،
وقال عنه إمام حامد: الدكتور صبحي الشاروني عبقرية فريدة تجمع بين الفن والنقد – الفن صدق.. وثقافة.. وتجربة.. ورسالة.. وبدون هذه الأساسيات والدعائم والأولويات – فالنتيجة لا فن على الإطلاق هذا الدرس كان محور حديث للفنان التشكيلي والناقد الكبير الدكتور صبحي الشاروني الذي يشغل النقد الموضوعي مساحة كبيرة من اهتماماته ويضفي الكثير من العمق والفكر الجاد على آرائه ورؤيته الثاقبة في مجال النقد الفني..
تخرج الشارونى من كلية الفنون الجميلة قسم النحت عام 1958 بالقاهرة وحصل على الماجستير عام 1979 والدكتوراه في ( فلسفة الفنون الجميلة ) 1994..  
وقد هجر النحت من أجل ممارسة النقد وليس لأنه بحسب تعبيره لا يستطيع خدمة سيدين في نفس الوقت فأصدر أكثر من 19 كتابًا عن الفن التشكيلي المصري محاولًا الوصول برموزه إلى العالمية وقد نال عن مجهوداته النقدية جائزة الدولة للتفوق ونوط الامتياز من الطبقة الأولى وقد كتب عن معظم الفنانين المصريين حامد ندا نجم الفن المعاصر وعبدالهادى الجزار فنان الأساطير..
ورحلته الطويلة مع النقد زادته كما قال تمسكًا بها لأنها أثبتت له احتياج الواقع التشكيلي المصري وفنانيه لكتب ومطبوعات تقدم الفن وفق منهج اجتماعي يربط بين المؤثرات المحيطة بالفنان وبين طبيعة انتاجه الإبداعي وتمنح الصورة الاولوية ولا تركز على الكلمة كأداه تواصل رئيسية مع القارئ.. 
والشاروني تولى رئاسة تحرير الكتب العشرة الأولى في سلسلة دراسات في نقد الفنون الجميلة التي أصدرتها جمعية النقاد بالتعاون مع هيئة الكتاب..

  • عمل الشاروني صحفيًا بدار الجمهورية للصحافة (ناقد فني بجريدة المساء منذ تأسيسها 1959)..
  • عمل مراسلًا من القاهرة لمجلة "فنون عربية"، عمل أستاذًا منتدبًا لتدريس تاريخ الفن كلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية 1933/1994 كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا من 1994 حتى 1996، تولى الإشراف على الكتب الخمسة الأولى فى سلسلة وصف مصر من خلال الفنون التشكيلية عن هيئة الاستعلامات.