رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عام جديد يبدأ الأحد وينتهى فى يوم السبت حاضنًا ليوم الجمعة

إنها مصادفة نادرة قد لا تتكرر، حين يبدأ العام المقبل ٢٠٢٣ فى يوم الأحد، وهو ذات اليوم الذى يحتفل فيه المسيحيون بمولد السيد المسيح وينتهى العام فى يوم السبت، حاضنًا ليوم الجمعة، إنها ليست صدفة تاريخية فحسب بل أيضًا رسالة إعلامية عالمية تدل على الاحترام الواجب المتبادل بين مسيحى العالم ومسلميه، وبينهما اليهود، حيث إن الديانتين تمثلان الجزء الأكبر من الكرة الأرضية.
ولو راجعنا الديانات السائدة عالميًا والأكثر تواجدًا فى الشرق الأوسط بترتيبها التاريخى، اليهودية فالمسيحية فالإسلام، ومواعيد العبادة الثلاثية تبدأ بالجمعة فالسبت ثم الأحد، وشاء القدر أن يبدأ العام الجديد بيوم الأحد وينتهى بيوم السبت وكأن الرسالة تقول لنرفع أعيننا إلى السماء وإلى الأقربين حولنا تحت غطاء من التحاب والود والتقدير، دون تعصب يتعب حامليه، ودون التفات إلى الخالق الذى بكلمته كون العالم، ومن وما عليه فى شتات الأرض، حيث تعددت اللغات، وصاحبها تعدد فى الديانات، ويبقى العنصر الوحيد المشترك وهو الإنسانية بمفهومها الواضح المرتبط بالإنسان، الذى خلقه وحفظه وشكله فى اللون واللغة والأعراق، وبقى العامل المشترك الذى يحمله كل الخليقة البشرية وهو الإنسان.
والإنسانية ليست مقتصرة على أتباع الديانات المتقاربة، بل تشمل العديد من بشر يختلفون فى اللون وفى اللغة، ولهم ما يتصورونه معبودهم أمن حجر أو من ذهب، لكنه يبقى تمثالًا أو خيالًا.
والقارئ له الحق أن يتساءل: ولماذا إثارة هذا الموضوع فى هذا التوقيت؟ والرد البسيط أنها مناسبة نهاية عام بكل ما تركه من حلو ومن مر فى حروب دامية، وعداوات عاتية ونزيف من دماء غالية، وبداية عام جديد التحمت الأيام الثلاثة مع النهاية، وكأنها صوت يدوى فى كل ركن من أركان الكرة الأرضية، وشاء الخالق أن يضع العالم فى شكل كرة لا تعرف لها أركانا هندسية، تشتت لغاته وتعددت ألوانه، وتباعدت اتجاهاته، ولم يتعلم درس بلبلة اللسان عندما فكر أهله فى بداية الخليقة أن يشابهوا الخالق فى صورة آفاق البناء التى ظن أنها تناطح السماء، فباين ألسنتهم حتى فشلوا فى التعبير والتواصل، فبلبل الخالق ألسنتهم ففشلوا فيما ظنوا أنهم قادرون على ما تخيلوه.
وهنا يأتى السؤال: وماذا لنا أو علينا فى خليقة الخالق مصور الكرة الأرضية بكل من وما عليها، إنها رسالة مهابة وعبادة واعتزاز لكينونتنا وقدراتنا ليتحد العالم مع اختلافاته اللغوية والعقيدية، ونتحد من أجل نهضة سلمية، فيها يتساوى الأغنياء نزولًا وكرامة مع غيرهم، سواء فقراء كانوا أم أعيان علماء، أو بسطاء، نتحد معًا لنزع كل فتيل مدخن يتجه نحو آخرين فى صورة عدوان أو احتلال أو فى كراهية، ونبذ لكل من هو آخر، وليتبادل قادة دول العالم أغنياء كانوا لإخوتهم فى الإنسانية لا سيما فقيرهم قبل الأغنياء، وحكماء عالمنا قبل البسطاء، وليكن شعارنا «الجميع أبناء وبنات الخالق الأوحد، معًا سنبنى ما تهدم ومعًا سنوقف القتال من أى ركن فى كرتنا الأرضية، ومعًا نمد يد العون سندًا وعضدًا للفقراء منا قبل الأغنياء والضعفاء فينا قبل الأقوياء، حتى تصبح الأرض ومن عليها كرة ذهبية ليست لإغاظة الفقراء والبسطاء بل لنحقق أحلام أطفالنا فى عالم كرة ذهبية وليست فقط إنسانية، عالم لا يجوع فيه مخلوق كان، وتسقط الكراهية وروح العدوان ويحل الحب والسلام والبنيان».
عزيزى القارئ قد تظن أن ما كتب نتيجة أحلام وأوهام، فلنرفع عيوننا إلى السماء حيث الخالق الأعظم الذى به نستطيع أن نكسر القيود، ونسقط الظنون والكراهية وروح العدوان ليحل الحب والسخاء والبذل والعطاء فى كل ركن كان فى دولة ولها منا كل احترام ومعها نمد يد العون لمن فى حاجة مهما بعدت المسافات أو ابتعدت العلاقات لنطرح الماضى الأليم والحقد الأثيم، ومعًا نصنع المستحيلات لعالم طال انتظاره فيرفع الاسم بعنوان عالم السلم والأمان لكلمة على كرتنا الأرض وليكن الشعار: تحيا كرتنا الأرضية فى كل ركن منها.