ما هي حدود التنازل المسموح بين طرفي العلاقة؟ استشاري علاقات أسرية تُجيب
قالت الدكتورة ريهام عبدالرحمن، استشاري العلاقات الأسرية والطب النفسي، إن الحياة الزوجية السليمة بين الرجل والمرأة تبدأ من خلال الاحترام والتقدير المتبادل لمشاعر كلاهما، خاصة أمام الأبناء فلا يكون هناك تجريحا أو نقدا أو لوم أو سخرية لاذعة، لأن هذا للأسف الشديد يؤثر على الحياة الزوجية وعلى علاقة الزوجين بكونهم قدوة أمام أولادهم.
احترام الزوجين مساحة الخصوصية
وتابعت في تصريحات خاصة لـ “الدستور”، مؤكدًة على ضرورة احترام الزوجين لمساحة الخصوصية، فكل إنسان له مساحة من الأمان ولخصوصية، ويجب على كل طرف احترام هذه المساحة، فتعطي الزوجة فرصة لزوجها أن يزور أصدقاؤه وتحترم هذه المساحة، كما يساعد الزوج زوجته أن يكون لها أصدقاء وعمل وهواية، مما يخلق نوع من أنواع افتقاد الطرف الآخر، فكلا الزوجين، عندما يكون عند كل منهم مساحة من الخصوصية، وأوقات انشغال، يزيد من الشغف والافتقاد للطرف الآخر
ولفتت استشاري العلاقات الأسرية، إلى أن من ضمن الأشياء التي تبني علاقة سليمة بين الزوج والزوجة، عدم وجود طرف ثالث يتدخل في المشكلة، وهنا يبدأ التوافق النفسي بينهما في الأمور الخاصة بهما، لأن دخول الأطراف الأخرى قد يزيد من تفاقم المشكلات الزوجية.
الحوار والنقاش البناء بين الزوج وزوجته
وأوضحت “عبدالرحمن” أن من ضمن الأشياء التي تبني العلاقات السليمة أيضا هو "التفاهم" فلابد من وجود الحوار والنقاش البناء بين الزوج وزوجته، فيحرصون على توفير حتى نصف ساعة في اليوم ليجلسوا سويا لتبادل أطراف الحديث، مُشيرًا إلى أنه حتى يحدث النقاش الهادف بين الزوجين، فلابد من اختيار التوقيت والمكان المناسب.
وكشفت أن تحلي الزوج والزوجة بالذكاء العاطفي وفهم ملامح كل منهم وقت الغضب والانفعالات، واحترام كل منهم لهذه الملامح ، مثلا عند مجيء الزوج من عمله لابد أن تقدره الزوجة، ففكرة تقدير الطرف الثاني والعطاء له دون أن يطلب، من الأشياء التي تجعل هناك "تنازلا مسموحا" ما بين الطرفين، ولكن مع تجنب التضحية السلبية خاصة "للمرأة"، فلا تعطي على حساب صحتها النفسية وسعادتها، لأن ذلك يزيد من سعادة الأسرة.
وتابعت: “التغافل من أجل الود ما بين الطرفين، في بعض الأحداث والمشكلات التي ممكن أن تحدث داخل الحياة الزوجية، فعلى الزوجين تغافل هذه المشكلات من أجل بقاء الود، لأن في معظم الأحوال كسب القلوب أولى من كسب المواقف، خاصة بين الزوج والزوجة”.
وأشارت إلى أن التنازل المسموح به يبدأ من التفاهم ومعرفة الحقوق والواجبات وفهمها، مما يساعد على التنازلات السليمة والصحية ما بين الأطراف، فتكون العلاقة أشبه بالمد والجزر، معقبة: مثلا في الوقت اللي الزوجة تشد فيه، الزوج يرخي والعكس، كما أن التنازل في الزيارات الأسرية مطلوب، وذلك حفاظا على رصيد الحب في قلب الزوج.
إدارة الغضب داخل الحياة الزوجية
ولإدارة الغضب داخل الحياة الزوجية، أكدت استشاري العلاقات الأسرية على ضرورة معرفة أن الحياة الزوجية لا تسير على وتيرة واحدة من السعادة والرضا، ولكنها دائما تتطلب معرفة الإنسان بالصعوبات التي قد تواجهه وأن يكون مستعدا لها، وتابعت: “من المهم أيضًا ليكون هناك إدارة للغضب داخل الحياة الزوجية، أن يتم معرفة الضغوط النفسية التي تحيط بالإنسان، سواء ضغوط العمل أو ضغوط العلاقات والأعباء المادية الملقاة على عاتق الزوج والتي تجعله دائما عصبي”.
وأضافت أن هذه التنازلات من الضروري ألا تأتي على حساب كرامة الإنسان، من عنف زوجي وإيذاء بدني ونفسي من ضرب وسخرية، وتصمت الزوجة من أجل الأبناء، مؤكدة أنه في بعض الأمور لابد من وضع خطوط حمراء، فلابد من الوقوف ووضع حدود للأمر، إما عن طريق اللجوء لأهل الخبرة من مرشدين أسريين، أو تحكيم أحد من الأهل يكون ذو حكمة في حل مثل هذه الأمور.
وكشفت أن المرونة والتحلي بالصبر في الحياة الزوجية، تجعل الزوجين يفهمان بعضهما البعض، وهو تحت بند التنازل لحدوث المحبة والتلاحم بينهما، متابعة: “أنا دائما ضد التنازل الذي يأتي على كرامة وجرح مشاعر الزوج أو الزوجة، مثل التحكم والسيطرة الشديدة وبعض أنماط الشخصية النرجسية المرضية أو الاضطرابات النفسية للشخص الأناني أو البخيل”.
واختتمت: “من الأفعال السليمة التي تحافظ على الحب والاحترام بين الزوجين، هي شكر الطرف الآخر وثناؤه ومدحه لتحقيق التوافق النفسي والتراحم والتقدير بين الزوجين”.