وزير الري: خطة لمواجهة التحديات الحالية وإدارة الموارد المائية
قال الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري، إن أسبوع القاهرة الخامس للمياه يُعد هذا العام حدثاً تحضيرياً مهماً لأنشطة المياه بمؤتمر المناخ COP 27، مما يتيح الفرصة للقاء الأشقاء من مختلف الدول والمنظمات ذات الاهتمام المشترك بقضايا المياه لتوحيد الرؤى والجهود حيال دمج قضايا المياه بملف التغيرات المناخية، وهو الأمر الذي يعكس أهمية ملف "المياه والتغيرات المناخية" كملف حيوي ومصيري للدولة المصرية وتطلعها الدائم للتواصل مع شركائها في هذا الشأن، وأن مصر تسعى من خلال تنظيم هذا الحدث المهم لتعزيز أواصر التعاون والتبادل العلمي والتقني ورفع الوعي بقضايا المياه وتشجيع الأفكار المبتكرة لمواجهة التحديات التي يواجهها قطاع المياه الذي يقترن وجوده بوجود الحياة ، مشيراً إلى إسبوع القاهرة للمياه يتبنى منذ عامه الأول العديد من الأنشطة في الموضوعات المتعلقة بالمياه والتنمية المستدامة وذلك بهدف خلق الوعي المجتمعي ومشاركة كافة الفئات في الفعاليات بدءاً من طلاب المدارس وصولاً إلى الخبراء والعلماء والسياسيين والتنفيذيين.
وأضاف، أن مصر حرصت منذ فجر التاريخ على ترسيخ وتعظيم قيمة وأهمية نهر النيل في وجدان المصريين الذين تفننوا في إدارته واتخذوا من الإجراءات ما يضمن استدامة عطاءه بالكم والكيف الذي يُعظم من الفوائد ويحد من المخاطر، حيث سلك المصريون درب آبائهم وأجدادهم في الحفاظ على المياه من خلال الإدارة المتكاملة للموارد المائية والمحافظة عليها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بما يلبي الاحتياجات المختلفة لكل القطاعات في ظل وضع مائي يضمن فقط 530 متر مكعب للفرد خلال العام مما يضع المواطن المصري ضمن دائرة الفقر المائي، مشيراً إلى اعتماد مصر بصفة أساسية على نهر النيل الذي ينبع من خارج الأراضي المصرية مما يحد من إمكانية تنمية مواردها المائية، لذا تحاول الدولة تقليل الفجوة بين الموارد المائية المتاحة والاحتياجات المتصاعدة من خلال إعادة تدوير المياه التي تمثل نحو 33% من إجمالي الموارد المتجددة، بالإضافة لاستيراد مياه افتراضية في صورة سلع غذائية لسد باقي العجز، بما يمثل نحو 56% من مواردنا المائية.
كما تمثل التغيرات المناخية تحدياً إضافياً نظراً لزيادة الاحتياجات المائية نتيجة لإرتفاع درجة الحرارة، فضلاً عن الارتفاع المتوقع لمنسوب سطح البحر مما قد يتسبب في غرق مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية فى شمال الدلتا فضلاً عن تدهور نوعية المياه الجوفية نتيجة لتداخل مياه البحر مع الخزان الجوفي وما يتبعه من آثار بيئية واجتماعية واقتصادية جسيمة تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة للتكيف مع التغيرات المناخية وتنفيذ خطة متكاملة لحماية السواحل المصرية وعلى وجه الخصوص دلتا نهر النيل، ومن هنا جاء اختيار موضوع أسبوع القاهرة الخامس للمياه وهو "المياه في قلب العمل المناخي" ليعكس تلك التحديات ويطالب المجتمع الدولي بضرورة وضع ملف تكييف قطاع المياه مع التغيرات المناخية على رأس أولويات كافة المنظمات والمؤسسات التي تعمل في مجال تغير المناخ حيث أن قضية التغيرات المناخية باتت من أهم القضايا التي تواجه الإنسان في العصر الحديث لما لها من تأثير بالغ على تغيير نمط حياته وكافة خططه المستقبلية.
وأشار الدكتور سويلم أن دول العالم النامي خاصةً فى إفريقيا وبعض الدول العربية تعاني من الفقر وانخفاض معدلات التنمية، ونقص إمدادات مياه الشرب، ونقص الكهرباء والطاقة، وعدم امتلاك القدرات الفنية القادرة على إنتاج تكنولوجيا حديثة، بالإضافة لنقص الكوادر الفنية القادرة علي التعامل مع تلك التحديات ، فضلاً عن ضعف التمويل الموجه لقطاع المياه، وغياب آليات تدعم التعاون الإقليمي العابر للحدود، الأمر الذي دفع مصر لدعوة منظمة الأمم المتحدة بضرورة أن يتضمن مؤتمر مراجعة منتصف المدة للعقد الدولي للمياه المزمع تنظيمه في نيويورك 2023 وضع تلك التحديات والحلول المقترحة لمواجهتها ضمن خطة العمل.
وفي هذا السياق، أعلن الدكتور سويلم عن وثيقة عمل (نداء القاهرة) والتي تهدف لتشجيع كافة الدول على تسريع وتيرة تحقيق الأهداف الأممية وتعتبر نقطة الانطلاق لإعداد مبادرة خاصة بندرة المياه يتم تقديمها لمؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة منتصف المدة.
وفى كلمته، أضاف الدكتور سويلم أن ندرة المياه تحتم على الدولة المصرية أن تبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق متطلبات التنمية لأكثر من 105 مليون مصري يعيشون على الأراضي المصرية، ولذلك تنادي القاهرة بضرورة إعداد برنامج محدد يوجه للدول التي تعاني من الندرة المائية لشحذ الجهود الدولية لمساندة تلك الدول في مواجهة الندرة المائية في ظل التحديات الناجمة عن تأثير التغيرات المناخية، مشيراً إلى تعهد الدولة المصرية بالعمل على الحد من تأثيرات التغيرات المناخية على قطاع المياه، حيث تقوم وزارة الموارد المائية والري بتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال المياه، حيث يجري العمل على تأهيل آلاف الكيلومترات من الترع، لإعادة الترع لوظيفتها الأساسية وهي توصيل المياه للمزارعين بالكمية وبالجودة المناسبة للري وفي التوقيت المناسب للنبات، كما تم تنفيذ مشروعات كبرى في مجال معالجة وتدوير المياه ، مثل محطة معالجة المياه في بحر البقر والتي تم نهوها بطاقة 5.60 مليون م٣/ يوم لتحويل الأراضي الصحراوية في شمال و وسط سيناء إلى أراضي زراعية خضراء منتجة، كما يجري تنفيذ محطة معالجة المياه بالحمام بطاقة 7.50 مليون م٣/ يوم ضمن مشروع الدلتا الجديدة، حيث تهدف مشروعات معالجة المياه إلى استصلاح مساحات جديدة من الأراضي الزراعية اعتماداً على مياه الصرف الزراعي المعالجة وتُعد مثالاً للإدارة الرشيدة للمياه في مصر، كما تُعتبر نموذجاً لمشروعات التنمية الشاملة التي توفر الآلاف من فرص العمل.
علاوة على ذلك، تقوم الدولة المصرية بالعديد من الإجراءات لوضع قضايا المياه على رأس أجندة العمل المناخي سواء من خلال إسبوع القاهرة الخامس للمياه أو من خلال فعاليات المياه المزمع تنظيمها تحت مظلة مؤتمر المناخ القادم COP27، بهدف الخروج بتوصيات للإسراع من إجراءات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية ووضع الخطط المستقبلية لتقليل الانبعاثات وتوفير التمويل اللازم لمشروعات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، حيث ستقوم مصر بطرح مبادرة دولية للتكيف بقطاع المياه خلال المؤتمر بالتعاون مع العديد من الوزارات المصرية والشركاء الدوليين، تشتمل على محور لرفع كفاءة استخدام المياه من خلال ترشيد الإستخدامات، وتحث على أهمية الاتفاق على السياسات وآليات التعاون في كافة الأنشطة المعنية بالمياه، والربط بين أجندتي المياه والمناخ بما يُسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأكد أن تعزيز التعاون في مجال المياه العابرة للحدود يعتبر أحد أولويات الدولة المصرية فى إدارة مواردها المائية حيث يحظى التعاون الثنائي والإقليمي مع دول حوض النيل بأولوية كبرى، فعلى المستوى الثنائي تدعم مصر مشروعات التنمية بدول حوض النيل من خلال مشروعات تنموية تعود بالنفع المباشر على مواطني الحوض كحفر آبار المياه الجوفية، وإزالة الحشائش في المجاري المائية، وسدود حصاد مياه الأمطار فضلاً عن برامج رفع القدرات البشرية.
وأضاف أنه على الصعيد الإقليمي تتولى مصر رئاسة مشروع إقليميًا مهم تحت مظلة المبادرة الرئاسية لتنمية البنية التحتية بإفريقيا بريادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإنشاء خط ملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، حيث يهدف المشروع لدعم التكامل الاقتصادي في حوض النيل من خلال رفع مستوى التبادل التجاري والسياحي ونقل البضائع والأفراد بوسيلة نقل رخيصة نسبياً وآمنة.