رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يوسف نبيل يروي تفاصيل رواية «صوفيا بتروفنا» ليديا تشيكو فسكايا

يوسف نبيل
يوسف نبيل

يروي الكاتب الروائي والمترجم  يوسف نبيل تفاصيل رواية "صوفيا بتروفنا" والتي تصدر قريبًا عن دار الرافدين للنشر والتوزيع  للكاتب ليديا تشوكوفسكايا.

 يقول الكاتب الروائي والمترجم يوسف نبيل لـ"الدستور" إنه في شتاء 1939 كتبت ليديا تشيكوفسكايا هذه الرواية التي تدور أحداثها عن حملة التطهير الستالينية في 1937، لأعوام طويلة ظلت هذه الرواية القصيرة حبيسة دفتر واحد صغير. 

لم تستطع الكاتبة أن تحتفظ بهذا الدفتر في منزلها الذي تعرض للتفتيش لأكثر من مرة، واحتفظت به الكاتبة لدى أحد أصدقائها، قبل اندلاع الحرب العالمية بشهر واحد اضطرت الكاتبة إلى مفارقة لينينجراد والذهاب إلى موسكو لإجراء عملية طبية.

وتابع نبيل: “بقي صديقها في لينينجراد، لم تستطع الكاتبة العودة إلى لينينجراد في أثناء الحرب، ومات صديقها هناك جوعًا إثر الحصار الرهيب الذي ضربته القوات الألمانية حول المدينة، قبل موته بيوم واحد فقط أعطى الدفتر لأخته وأخبرها أن تعيده إلى ليديا تشيكوفسكايا إذا كُتبت لهما الحياة”.

وأشار نبيل إلى أن: “عاد الدفتر فعلًا إلى الكاتبة، ومات ستالين. استطاعت الكاتبة أن تنسخ الرواية. قرأها بعض الأصدقاء وأشادوا بها، أخيرًا أرسلتها إلى إحدى دور النشر عسى أن تنال الموافقة على النشر”.

وأضاف نبيل: “نال الكتاب كل الموافقات اللازمة، حتى إن ليديا تشيكوفسكايا كتبت مقدمته فعلًا كما طلبوا منها، ووقعت العقد، ونالت 60% من أجرها قبل النشر بحسب التعاقد، أخيرًا، وقبل النشر مباشرة، رفضت كبيرة المحررين هناك نشر الكتاب، وقد اشتهرت بمناصرتها للنظام الستاليني، قررت الكاتبة مقاضاة دار النشر، حيث أن الكتاب نال كل الموافقات اللازمة وتم توقيع العقد. طالبت الكاتبة بحقها في تلقي الأجر كاملًا”.

وأوضح نبيل: “بالرغم من عدم تعاطف المحكمة مع مادة الكتاب في حد ذاتها فإنها حكمت لصالح ليديا تشيكوفسكايا، وأرسلت دار النشر بقية الأجر لها فعلًا، أما عن نشر الكتاب، فلم يكن للمحكمة دور في هذا”.

وانتقلت مخطوطة الكتاب من يد ليد، وعبرت الحدود، ونُشِرت كاملة لأول مرة في باريس بعنوان: “المنزل المهجور”، ثم نُشرت في أمريكا ثم أخيرًا في روسيا على جزأين في مجلة "المجلة الجديدة"، ولم تُنشر في روسيا في صورة كتاب إلا في عام 1988.

وأكد نبيل على أن  "تُعد هذه الرواية القصيرة من الكلاسيكيات الروسية المهمة المكتوبة عن فترة التطهير التي مات ضحيتها ملايين الروس، وتبدو طريقة كتابة الرواية خادعة بعض الشيء. في البداية قد يشعر القارئ أنها تفتقر إلى الجاذبية، حيث تتسم بلغة بسيطة بعيدة تمامًا عن الزخرفة والمجاز والصور الشعرية، رويدًا رويدًا يجد القارئ نفسه قد تورط بنعومة، من دون أن يدري، في أحابيلها، حتى يصل إلى نهايتها الكابوسية.

وأشار إلى أن: “ترصد الرواية في الأساس تأثير الكذب على المجتمعات، قالت الكاتبة ذات مرة إنها أرادت أن تُبين كيف يمكن تسميم شعب بأكمله بالأكاذيب مثلما يمكن أن تتعرض قوات عسكرية للتسمم بالغاز، اختارت الكاتبة نموذجًا صعبًا على المستوى النفسي: نموذج الأم، لتُبين كيف يمكن للدعايا الأيدولوجية حينما تحيط بالمجتمع كاملًا وتزرع الهلع في نفوس الناس بدرجة مخيفة، أن تشوه حتى أقوى المشاعر الفطرية كمشاعر الأم. تقدم لنا الكاتبة عبر بطلتها الروائية نموذجًا مخيفًا للمواطن السوفييتي في تلك الحقبة، والصراعات النفسية التي ينخرط فيها حينما يجد الأيدولوجيا التي عبدها تختطف منه أفراد أسرته، ولا يصدق عينه”.

وختم نبيل: “تمتلئ الرواية بتفاصيل الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت: الشقق المشتركة وعلاقات العمل، كما تعرض لنا تفصيلًا الإجراءات البيروقراطية المعقدة التي واجهتها الأسر التي فقدت ذويها في حملة التطهير. كل هذا يقدم لنا توثيقًا حيًّا لهذه الفترة، ولكن بالإضافة إلى أهمية الرواية التوثيقية، ثمة أهمية أدبية كبيرة أيضًا لها، حيث تقدم الكاتبة درسًا في الاختزال الروائي واعتصار الكلمات واستخدام أبسط العبارات لخلق رواية جيدة ومحكمة”.