رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد عبلة: على الفنانين أن تكون لديهم آلياتهم للوصول للناس

محمد عبلة
محمد عبلة

يعد محمد عبلة واحدًا من أبرز الفنانين التشكيليين المصريين، والذي تحصّل مؤخرًا على وسام جوته في مجال الفن، نتيجة لما أنجزه التشكيلي الذي يعبر عن بيئته.

 

محمد عبلة ليس مجرد فنان تشكيلي محترف للفن، لكن يمكن وصفه بمحترف التعبير عن صوت الناس وآمالهم وقضاياهم، كأبرز التشكيليين في عالمنا العربي الذي طوع ووظف الفن لخدمة الناس، وساهم بمعرفته وفنه في تقديم صورة إيجابية عن عالمنا العربي في دول الغرب، كما قدم ما يزيد على 40 معرضًا تشكيليًا في مختلف دول العالم، ونجح عبلة في أن يكون الفنان الوحيد في العالمين الدولي والعربي الذي يشارك في كتابة دستور وطنه، عن رحلة عبلة في الفن والحياة يدور هذا الحوار:

ماذا عن وسام جوته.. كيف تلقيت الخبر؟

لاشك كانت سعادتي كبيرة بتلقي خبر حصولي على وسام جوته، خاصة أنه الوسام الأبرز عالميا الذي تمنحه ألمانيا لغير الألمان، وتاريخه يقرب إلي ما يزيد على 70 سنة، إلى أن جانب أنه حصل عليه العديد من الأسماء الكبيرة في العالم منهم فرويد على سبيل، ولكن قلة من الفنانين هم من حصلوا عليه على مستوى العالم، وكنت أول فنان عربي يحصل عليه.

 

 هل ثمة شروط معينة للحصول على وسام جوته؟

كانت الأسباب الرئيسية هو أن فني وما أقدمه هو تعبير أول عن بيئتي، وما يميزني هو صناعة الجسر بين مصر والخارج، فقدمت ما يقرب من 40 معرضا خارج مصر، وقد شاركت في العديد من القضايا السياسية المطروحة والتي شغلت الرأي العام المصري، وأني الفنان الوحيد في مصر والعالم العربي الذي كتب دستور بلده، هذه أشياء غير متكررة وغير شائعة، وهذه الإيجابية غير مرتبطة بمصر فقط، فقد درست في النمسا والسويد وألمانيا، عقب أحداث 11 سبتمبر، ووصم الإعلام الغربي "الإسلام والمسلمين بالإرهاب" خرجت تطوعا أمارس دوري كفنان في نقل صورة حقيقية للإسلام في مدارس ألمانيا.

 

 سافرت بداية لأداء منحة في إسبانيا ولم تعجبني الدراسة هناك، فخرجت إلى ألمانيا وقدمت أول معرض لي هناك ونجاح المعرض شجعني أن أقيم هناك بعض الوقت وأشتري مرسم، وأسافر بشكل دوري لكل هذه المناطق.

المحرر خالد حماد مع الفنان  محمد عبلة 

  هل يعيش الفن التشكيلى فترة انتعاش؟

 هناك شباب كتير، ومنافذ المعرفة  أكثر من الماضي بكثير، ففرص المعرفة  أصبحت متاحة، إلى جانب أن عدد الفنانين التشكيليين أصبح في زيادة ملحوظة.

 

هل هذا الانتعاش الذي أشرت إليه خلق مدارس وجماعات فنية جديدة؟

ليس بالضرورة أن هذا الانتعاش وهذه الحالة قادرة على خلق حالة، خاصة أن الفن طريق طويل، ويحتاج إلى الوقت، وأن انتباهنا لحالات فنية فردية أو جماعية قد يأتي متأخرا نموذج النظر إلى ما قدمه سيف ولي وغيره.

 كنا نعاني من غياب أماكن للعرض حتى فترة الثمانينيات، ولا يمكن أن نستعجل على فرض أحكام  بالجودة خاصة أن الفن يحتاج  إلى الوقت. يجب الإشارة إلى أن العديد من الجاليريهات تفرض رؤيتها وتفرض ذائقتها، وهذا لا ينفي أن مع الوقت يبقى لدى الفنانين رؤيتهم الخاصة التي يفرضها ويقدمونها عبر منجزها.

 

حدثنا عن المراحل الأولى التي دفعتك لاختيار مسار الفن التشكيلي بدءًا من دراسته وصولا لاحترافه؟

في مصر هناك أشياء كثيرة تتم بالصدفة، والصدفة وحدها التي جعلتني أقابل مدرس رسم في مرحلة الابتدائية فخرجت من تلك المرحلة بلقب فنان المدرسة في  مراحل التعليم الأساسية الإعدادي وثانوي .وفي المرحلة الثانوية بدأ اهتمامي وشغفي بالفنانين العالميين، وبدأ تكويني المعرفي والفني تتسع دوائرة لتكون لي بصمتي الخاصة وطريقتي.

 

 يبدو أن تقليد كبار الفنانين مرحلة أساسية فى حياة أي فنان ماذا عنها فى رحلة محمد عبلة؟ 

 التقليد جزء رئيسي ومهم في حياتنا اليومية، ولم تكن في المراحل المبكرة أي موانع لأن تذهب في هذا الاتجاه، فقد رسمت لبيكار وغيره كثيرا، ومع الوقت والمعرفة جاءت الموانع.

 

 هل هناك عمل فنى تمنيت أن ترسمه؟

 لا؛ وذلك لأن هناك العديد من الأفكار الكثيرة التي أعمل عليها، في رأيي ليس هناك لوحة كاملة، وبطبيعة الحال على الفنان أن يقدم  وعيه وأفكاره ورؤيته وعالمه  بطريقته وبصمته هو .

 

 الوحيد في العالم العربي الذي كسر فكرة نخبوية الفن بالالتصاق بالناس؟

 أنا رجل أعيش بين الناس، ولا أعرف غير ذلك وغالبا ما أتلكك على معرفة الناس، ودائما ما أعتقد أن توظيف الفن  شيء ملح وضروري، وهذا ما فعلته في مشاريع قديمة منها ما رعتها مؤسسة الجزويت "فقد فعلنا هذا في منطقة الفجالة" وقد جاء ذلك بمشاركة الناس واشتباكهم وتفاعلهم مع الفن.

 

هل لدى محمد عبلة فكرة لمشروع تجميل مصر؟

 هذا حلم أي فنان أن يشارك في تجميل صورة وجه مصر، في الماضي كان الأمر بسيطا وغير معقد، وكان يتم بشكل مبسط ودون تعقيد.

 في رأيي أن المثقفين ينبغي أن يكون لديهم آلياتهم للاشتباك وتقديم رؤيتهم، وستجد العديد من التجارب الناجحة والتي يقدرها الشارع ويشتبك معها بحب وتفهم، منها تجربة  الفنان محسن عبدالوهاب، وشرف لأي فنان أن يسهم بدوره في مشروع  يحمل عنوان تجميل وجه مصر.

 

ماذا عن معرض سيزيف؟

هذا المعرض  يتحدث عني وعن أهم المحطات والأشياء التي حدثت لي، بتوثيق كتابات كبار النقاد والفنانين  مثل بيكار والرزاز وغيرهم، إلى جانب أنه يأتي للتأكيد على أن محمد عبلة لا ييأس.

 

 وتعود تسمية المعرض إلى تمثال سيزيف الذي قمت بنحته، ووضع في مساحة عامة في مدينة فالسروده شمال ألمانيا عام ١٩٩٣ بعد فوزه في مسابقة عامة، واستقر في مكانه حتى الآن. تقول نورا عبلة منسقة المعرض: "لا يخفى على أحد أن التمثال يرمز لشخصية محمد عبلة ولحياته بأكثر من طريقة، فهو يجسد رحلتي الفنية وتوقي الدائم لإيجاد طرق إبداعية جديدة للتعبير عن أفكاري.

 

فمنذ وصولي إلى ألمانيا في بداية عام ١٩٧٨، لم يتوقف عبلة عن محاولة استيعاب الثقافة الغربية وطريقة الحياة في الغرب، مع تأكيده الدائم على هويته كفنان شرقي مصري. كنت دائمًا أقول من المستحيل أن تهب نصف حياتك فقط للفن، بل عليك أن تهب الفن حياتك كلها، وجسدت مقولتي على أفضل ما يكون: فحياتي فني، وفني حياتي.

 

ويسلط المعرض الضوء على رحلتي، ويقدم فرصة للزوار للغوص في حوار بين أرشيف الشخصي ومجموعة مختارة من أعمالي.