رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيناء.. والأنفاق


المعلومات المتاحة حول الأوضاع فى سيناء تبدو أكثر مرارة من الحادث المأساوى الذى واجهته الحكومة المصرية بوضع خط أسود صغير على شاشات التليفزيون مع استمرار المسابقات والمغامرات والمسلسلات.

فى سيناء أنفاق يبلغ عددها كما يقال حوالى 850 نفقاً!! وهذه الأنفاق يتم من خلالها تبادل تجارى تخسر فيه مصر قدراً كبيراً من موازنة دعم الوقود وبعض السلع الأخرى، حيث يباع السولار والبنزين بالأسعار المدعمة ويعاود مليونيرات الأرض المحتلة بيعه بأسعار أخرى لمواطنيهم ويحققون من هذه التجارة السوداء ملايين الدولارات. ويقول الفلسطينيون أنفسهم إن تجارة الأنفاق خلقت ما بين خمسمائة وألف مليونير وملياردير فى الأرض المحتلة ويقولون أيضاً إن هذه الفئة من مليونيرات السوق السوداء يستحيل السيطرة عليها من جانب حكومة حماس أو أى حكومة فلسطينية وطنية أخرى، ويقول الخبراء السياسيون فى فلسطين نفسها إن السلطة الوطنية لا تستطيع إغلاق الأنفاق أو منع التجارة وبالتالى لا يمكنها التحكم فى نقل الأسلحة أو عصابات الإرهاب من فلسطين لمصر والعكس! فى سيناء أيضاً مناطق شاسعة منزوعة السلاح بأمر معاهدة كامب ديفيد، ولا يستطيع الجنود والضباط المصريون مكافحة الإرهاب أو حتى الدفاع عن أنفسهم لأن المسموح به هناك مجرد أسلحة بدائية لا تكفى لردع إخواننا لصوص الغسيل، أو النشالين أو سائر فئات المجرمين الدرجة العاشرة، هذه المناطق لا تخضع فعلياً للسيادة المصرية رغم العلم المصرى والمحافظ المصرى ونقاط الشرطة المصرية. كل هذه المعالم السيادية ليست سوى أمور رمزية قد تشبه نظيرتها الفعلية فى الشكل ولكنها لا تقوم بمهامها فى الجوهر. السيادة فى سيناء لمخابرات إسرائيل ومصالح إسرائيل وبنود المعاهدة المشئومة فكيف إذن يدافع جنودنا عن أنفسهم؟ سكان سيناء ليسوا تابعين للدولة المصرية بقدر ما هم تابعون لسلطة مشايخ القبائل وهؤلاء المشايخ يبحثون عن مصالحهم ومصالح ذويهم قبل الانخراط فى المنظومة الوطنية المصرية وفى أعقاب المعاهدة كان أبناء قبائل سيناء يقارنون علناً بين أحوالهم فى ظل الاحتلال وأحوالهم فى ظل النظام المصرى ويتحسرون على مكاسبهم التى ضاعت بعد رحيل إسرائيل!! فى اليوم الرابع من أيام ثورة يناير تم فتح السجون المصرية وإطلاق سراح كل معتقلى فلسطين والقاعدة وحماس والجماعات الإسلامية الإرهابية وحزب الله وعادوا جميعاً إلى بيوتهم فى نفس اليوم ومنهم الرئيس المصرى الحالي!! فكيف إذن نتعجب من وقوع حادث إرهابى فى سيناء، وكيف نندهش إزاء تفجير خط الغاز فى سيناء للعشرين أو الثلاثين مرة دون أن تتمكن السلطات المصرية من تعقب الجناة أو حتى معرفتهم؟ قلنا أيام السادات إن سيناء فى حاجة لتنمية بشرية عاجلة وشاملة ولكن النظام المصرى حولها لمنتجعات سياحية يرتع فيها المليونيرات وحولهم من كل جانب حشود الفقراء والتعساء وعصابات الإرهاب والتطرف الدينى والتهريب والمخدرات وكل أنواع الإجرام. قالوا إن سيناء فى قبضة المخابرات المصرية آمنة مطمئنة ولكن كل الأحداث الإرهابية كانت ومازالت تقع بعد أيام من تحذيرات رسمية توجهها مخابرات إسرائيل مثل مواطنيها من رواد سيناء! فكيف نفهم هذا الأمر بالغ الخطورة وكيف نقول إن سيناء مصرية رغم كل هذا اللبس والالتباس كارثة سيناء لا يمكن اختصارها فى إسرائيل أو حماس أو الإرهاب الدينى أو الإخوان أو حتى كامب ديفيد، ولكنها قضية واسعة النطاق ينبغى أن يستخدم فيها عقولنا وليس عواطفنا وإلا تحولنا كلنا إلى بهائم فى حظيرة تملكها وتديرها الصهيونية العالمية عبر وكلاء من مصر وفلسطين ولبنان وكل الأمة العربية والإسلامية العظمى