رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا قيمة لمعروف قال فاعله: أنا فعلته

مقولة عنوان المقال تنسب للكاتب الكبير الراحل نجيب محفوظ، الذي يضيف عليها: " نعرف الموت أنه معني من المعاني، أما إذا هل ظله من بعيد، فتدور بنا الأرض، ومع ذلك فستتوالى طعنات الألم بعدد ما نفقد من الأحباء وستموت أنت أيضًا مخلفًا وراءك الآمال".
ويوضح ذلك الرجل العظيم مقولة أخرى على هذا النحو: "السيئون في حياتنا نعمة، فلولاهم لم نعرف قيمة الرائعين".. ويواصل: "والحياة فيض من الذكريات تصب في بحر النسيان، أما الموت فهو الحقيقة الراسخة".
وعن المعاناة والتعب قال الأمير الشاعر: "المعاناة لديها جانبها من الفرح، واليأس له نعومته، والموت له معنى" ويضيف " بعضهم يهديك الحب دون أن تهديه أي شىء، وبعضهم يهديك الألم بعد أن تهديه كل شىء".
ونصيحته القصيرة الغامرة وفي الأذهان ساهرة تقول: "إذا تشابه حضورك مع غيابك ارحل.  وأجمل ما في الحياة قلب تحكي له كل شىء".. على أي حال أريد هنا أن قول: "أحيانًا يكون أقوى إنجازاتك بالحياة هو أنك ما زلت بقوتك العقلية وما زلت تتعامل بأخلاقك مع أنك محاط بكمية لا تحصي من الحمقي"!
لذا فإن أكثر الأشياء وجعًا أن يظلمك أحدهم جهرًا ويعتذر لك سرًا، والعين التي تمتلئ بك لن تنظر لغيرك حاضرًا كنت أو غائبًا، ودعونا نتأمل كيف نزخرف أهواءنا بكلمات التقوى المضيئة، وكيف نداري حياءنا بقسمات الوحي الإلهي.
فأي علاقة لي بنواياك الحسنة حين تكون أفعالك سيئة ولا شأن لي بجميل روحك ما دام لسانك مؤذيًا، وكيف تعيشان في مدينة واحدة ويفصل بينكما ما يفصل بين السماء والأرض؟
ونصيحتي "لا تخبروني عمن يكرهني أو يتكلم عني، اتركوني أحب الجميع وأظن أن الجميع يحبونني. وعندما تتكاثر المصائب يمحو بعضها بعضًا وتحل بك سعادة جنونية غريبة المذاق، وتستطيع أن تضحك من قلب لم يعرف الخوف".
والنصيحة الغالية "عندما تقابل أحدهم ويحكي لك عن خيبته بالناس، فهو يبعث لك برسالة معناها: أرجوك لا تكن منهم!، فهذه هي الحياة أن تتنازل عن متعتك الواحدة تلو الأخرى حتى لا يبقي منها شيء وحينئذ تعلم أنه قد حان وقت الرحيل.
نحن أيها القراء في مسرح كبير، الجميع ممثلون، يقولون كلامًا جذابًا فوق الخشبة ويتهامسون بكلام آخر وراء الكواليس، هكذا الجميع من القاعدة حتى العلالي.

نعود مرة أخرى لكلام العظيم نجيب محفوظ الذي يقول: "لا تجزع فقد ينفتح الباب ذات يوم تحية لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطموح الملائكة".. ويواصل: "إن أقصى درجات السعادة هو أن نجد من يحبنا فعلًا، يحبنا على نحو ما نحن عليه أو بمعنى أدق يحبنا برغم ما نحن عليه".
ويستطرد أستاذنا الجليل نجيب محفوظ، "وطن المرء ليس مكان ولادته ولكنه المكان الذي تنتهي فيه كل محاولاته للهروب" ، ويوضح: "لا قيمة لمعروف قال فاعله: أنا فعلته"، ولا تفوته هذه العبارة "السيئون في حياتنا نعمة فلولاهم لم نعرف قيمة الرائعين".
نعم هذه بعض من أقوال ذلك الرجل العظيم والحكيم الذي عاش دنيانا ورحل، ولكن يظل فكره منارة لعقولنا وجوهرة في حياتنا إذا ما أحسنا استخدامها. لتحيا مصر آمنة بقادتها وشعبها من الطفولة للشيخوخة حتى إذا ما استطعنا أن نضيف إلى الحكم الأمينة الصادقة، فيكفينا تذكرها ليس فقط في العقول أو القلوب، ولكن في مسيرة الحياة وتسليمها لأجيالنا القادمة بكل فخر وحياء وشوق ووفاء وعاشت مصر أبية مكرمة للأجيال القادمة.