رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«الدستور» تحقق فى حرائق دور العبادة: هل تتحول أجهزة التكييف إلى خطر على الأرواح؟

حريق الكنيسة
حريق الكنيسة

قبل أيام وقرب الساعة التاسعة صباحًا، وقع حادث مأسوى بمحيط منطقة إمبابة فى الجيزة، حين اندلع حريق هائل بكنيسة «أبوسيفين»، وعلى الفور انتقلت قوات الحماية المدينة وقيادات وزارتى الصحة والداخلية لموقع الحادث، ومستشفى العجوزة وإمبابة العام، للاطمئنان على مصابى الحريق والتضامن مع أسر الضحايا.

بعد وقوع الحادث أعلنت وزارة الداخلية عن أن الحريق نشب بسبب ماس كهربائى مصدره «تكييف» بالدور الثانى بمبنى الكنيسة، حيث يوجد عدد من القاعات المخصصة للدروس الدينية. ونتيجة الماس اشتعل «التكييف» وتطايرت النيران وتكونت كمية كثيفة من الدخان الخانق كانت السبب الرئيسى فى ارتفاع عدد الإصابات والوفيات.

«الدستور» تحقق فى أسباب حدوث الحرائق داخل دور العبادة، للإجابة عن سؤال: هل تمثل مبردات الهواء أو «التكييفات» خطرًا داهمًا على الأرواح؟ أم أن هناك أسبابًا أخرى؟ وما اشتراطات الأمان الواجب توافرها لتأمين حياة المترددين على الدور والعاملين؟.

عامل بمسجد: باب واحد للدخول والخروج وشركات الصيانة مهملة

بدأت رحلة بحثنا من داخل مسجد الحجاز بمنطقة فيصل فى الجيزة، حيث التقينا أحد العاملين المسئولين عن تأمين المسجد، ويدعى أسامة عبيد، الذى قال لنا إن المسجد يحتوى على أكثر من ٦ مكيفات، موزعة داخل المسجد وفى دار المناسبات الملحقة به، وجميعها تعمل معًا على مدار اليوم، ولا يتم فصلها نهائيًا خلال فترة الصيف، تخفيفًا على المصلين بسبب درجات الحرارة المرتفعة.

وتابع: «الشركة التى تولت تركيب التكييفات قبل ٧ سنوات لا تهتم إطلاقًا بمتابعة أعمال الصيانة الدورية والكشف السنوى على الأسلاك والوصلات للتأكد من أن الأجهزة تعمل بكفاءة، لذا نلجأ دائمًا للشركات الخاصة أو الأفراد فى حال حدوث عطل مفاجئ».

واستطرد: «حدث عطل بالفعل فى التكييفات نتيجة حمل زائد تسبب فى إتلاف الوصلات الكهربائية، واستعنا بأحد الفنيين لتغيير الأسلاك كلها». واختتم: «نحاول تأمين المصلين بقدر المستطاع، وتوجد طفايات حريق موزعة بالداخل، وجرس إنذار لحالات الطوارئ، لكن كُل ذلك غير كافٍ، لأنه لا توجد أبواب أو مخارج للطوارئ، فللمسجد باب واحد للدخول والخروج».

خادم بكنيسة: هناك مواد كثيرة قابلة للاشتعال

قال ريمون سامى، خادم كنيسة القديسة دميانة بالهرم، التى تعرضت لحادث حريق فى فبراير ٢٠١٩، بسبب ماس كهربائى، إن الوضع ليس مطمئنًا، ودائمًا ما يشعر موظفو الكنيسة بالخطر بسبب توقعهم لحدوث ماس كهربائى فى أى وقت. وأضاف أن التكييفات هى السبب الرئيسى فى خوف الموظفين من تكرار الكوارث مرة أخرى، بسبب الاعتماد الكلى عليها طوال فترة الصيف، مع تجاهل شركات الصيانة لواجباتها، وبمرور الوقت تصبح الكابلات الكهربائية متهالكة وقابلة للاشتعال. وأضاف: «الكنائس تعتبر مهددة بشكل أكبر فى حال حدوث ماس كهربائى، لأن جميع المستلزمات المستخدمة بداخلها مصنوعة من الخشب، فضلًا عن الستائر فى جميع الأركان، والشموع ولعب الأطفال وغيرها من المواد سريعة الاشتعال».

وكيل علامة تجارية: المستهلكون لا يلتزمون بالقياسات الفنية

اتجهنا بعد ذلك لـعبدالرحمن زايد، وكيل علامة تجارية شهيرة لبيع أجهزة التكييف، حيث قال إن الشركات والعلامات التجارية الكبرى التى تصنع أجهزة التبريد ليست مسئولة عن الشركات الخاصة التى تتولى أعمال التركيب والصيانة، والعمل يتم وفق تعاقد بينهما، وكل منهما هدفه تحقيق الربح المادى فقط لا غير، ومن هنا تبدأ الحوادث المتكررة بشأن حرائق التكييفات التى تبدأ بماس كهربائى.

وتابع: «هناك قياسات فنية يجب أن تتبع قبل اتخاذ قرار الشراء لتحديد قوة التكييف المناسبة، بحيث نضمن أن جهاز التبريد سيتمكن من خفض درجة حرارة الغرفة أو المكان فى وقت محدود، حتى لا يتجاوز نقطة الأمان ويزيد الضغط والأحمال الكهربائية على الجهاز».

واستطرد: «فى أحيان كثيرة لا يلتزم المستهلكون بالقياسات الفنية، ما يعنى وضع أجهزة التبريد تحت ضغط هائل، إضافة إلى استخدام وصلات كهربائية رديئة توفيرًا للنفقات، وهذه الوصلات لا تتحمل الجهد الكهربائى العالى الناتج عن عمل أجهزة التبريد لوقت طويل».

فنى صيانة: الضغط الكهربائى على الكابلات وراء «الماس»

قال المهندس سعيد إسماعيل، فنى صيانة تكييفات، إن مبردات الهواء تستخدم كهرباء بكميات ضخمة، ويجب التأكد من سلامة التوصيلات الكهربائية وقطر الأسلاك، بما يسمح بتدفق التيار بشكل آمن على الجهاز وعلى المكان الذى يعمل فيه، كما يجب تغيير تلك الوصلات كل عام على الأكثر. وذكر أن حادث حريق كنيسة «أبوسيفين» سببه خلل وقع فى دورة التبريد، وتسبب فى عطل أدى إلى زيادة الضغط الكهربائى على الكابلات، ما تسبب فى حدوث شرر وماس، ومن ثم نشوب حريق فى بضع دقائق.

«الحماية المدنية»: الإخلاء بشكل خاطئ يزيد عدد الضحايا

قال محمود حازم، أحد رجال الحماية المدنية، إن أغلب دور العبادة التى يتوافد عليها المواطنون بكثرة، ليست مؤهلة أو مزودة بمخارج للإخلاء فى حال وقع حادث ما.

وطالب بخضوع العاملين بدور العبادة إلى دورات تدريبية حول كيفية إخلاء المواطنين من المكان لحين وصول الحماية المدنية وقوات الشرطة والإسعاف، وتجنب التدافع أثناء الخروج من الموقع، مضيفًا أن الإخلاء إذا تم بشكل خاطئ سيسهم فى ارتفاع عدد الضحايا.

دراسة: 500 ألف حالة إصابة بحروق سنويًا

أجرت مؤسسة «أهل مصر» دراسة بينت أن مصر تشهد ٥٠٠ ألف حالة إصابة بحروق سنويًا، موضحة أن استعمال التكييف لفترات طويلة أو بشكل خاطئ قد يؤدى إلى انفجاره، كما شاهدنا فى العديد من الحوادث خلال الفترة الماضية.

وبينت الدراسة أن ١٨.٥٪ من حوادث الحريق تحدث من خلال الماس الكهربائى أو الشرار الاحتكاكى، كما أن اتصال التكييف بمصدر كهربائى غير كاف من ناحية القدرة الكهربائية، يؤدى إلى حدوث حريق بسبب ارتفاع حرارة الأسلاك.