رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

" زويل" و حلم بناء القاعدة العلمية

كنت أتمنى ونحن نُعد لجلسات الحوار الوطني تخصيص لجنة لدعم  توفير أساسيات بناء قاعدة علمية بقدر احتياجات الحاضر والمستقبل ، ونحن نعيش حالة مواجهة صعبة مع فلول و جرذان ميليشيات الفكر الإرهابي الظلامي على الأرض في رحلة نضال تاريخية لإعلاء قيم العلم التنويرية ، والانطلاق نحو غد أفضل وأكمل وأعظم ، ، لنذهب في نهاية مشاوير النضال المصرية إلى تحقيق حلم الدكتور أحمد زويل ــ الذي نعيش تلك الأيام ذكرى رحيله ( 2 أغسطس 2016 )  للحاق أمتنا بركاب من يعيشون عصر العلم في العالم ..
ولعل المتابع لنجاحات المؤتمرات الشبابية الأخيرة ، والتي تشهد مُجالسة الدولة " الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء والنواب وأهل الفكر والعلم .. " لشبابنا الرائع وهم يطرحون رؤى مبهرة ، ويستعرضون خبرات ومواهب وملكات فريدة ومتميزة ، له أن يطمئن أننا على درب تحقيق  حلم " زويل " والحلم القومي ..
وينبغي للسير في دروب تحقيق حلم التقدم العلمي الذي حلم به " عالم نوبل " لمصر أن نتيقن أن العلم ، هو نتاج نشاط عقلي نظري تجريبي بشري ، قابل للتغيير والتفنيد والتعديل بصورة مستمرة ، بيد أن الملاحظ لدى بعض أصحاب أحلام الشهرة ما يقومون به تعسفًا في الخلط بين دور الدين و دور العلم  ، ومن ثم نعثر بين الحين والآخر على كتابات تستخلص من الكتب المقدسة ورود آيات علمية فيما يسمى بالإعجاز العلمي ، كما لو كانت كتبنا المقدسة هي طبعات من كتب الفيزياء أو الكيمياء أو الأحياء أو الفلك ، حاشا لله ، إنه في المقام الأول والأخير كتب تنوير وهداية للبشر داعية إلى التفكير والتأمل في خلق الله وسننه الكونية ، ومرشدة المؤمنين إلى جادة الصواب .. وهو ما يؤدي كما يقول د. يحيى الرخاوي في إحدى كتاباته إلى " خلخلة مفهوم العلم وطمس معالمه ، ناهيك عن الاستهانة بحقيقة الدين ودوره الإيجابي ... وتُظهره بمظهر الذي يعاني من الشعور بالنقص ، فهو يحاول أن يكمل نقصه بما ليس فيه وما ليس له " ..
ولابد من مقاومة ما يحدث من تشوهات للثقافة العلمية في مجتمعنا بوجود نفر من الناس ينكرون بعض الحقائق العلمية الأساسية مثل : كروية الأرض ودورانها ، ومنهم من ينسب ما تحدثه الطبيعة وتحركاتها كالزلازل والبراكين معتبرًا إياها من دلائل غضب الله جراء سيئات القوم ، وأقتبس نصًا حديثًا لأحد أقطاب هذا التأويل ، يقول " وإن الكوارث الطبيعية غضب على العاصين وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين " !!
بعد مشوار طويل ورائع  لـ" زويل " في دنيا العالم المتقدم ، كان لابد من أن يعود في النهاية من حيث بدأ ، ليحقق أحلامه في بلده مصر ، بإنشاء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا عام 2012 ، بهدف تطوير العلم والتعليم في مصر ، وفي عام 2014 ، استعان الرئيس عبد الفتاح السيسي ، بخدمات العالم المصري ، ليصبح واحداً من أعضاء المجلس الاستشاري العلمي للرئيس ، وهو ما أثنى عليه " زويل " خلال مؤتمر صحفي سابق قائلًا : " أول مرة رئيس جمهورية لمصر يستعين بالعلماء في اتخاذ القرارات " ..
وجدير بالذكر أن  الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم المانحة لجائزة نوبل ، قال ممثلها  أنه قد تم تكريم                د. زويل نتيجة للثورة الهائلة في العلوم الكيميائية من خلال أبحاثه الرائدة في مجال ردود الفعل الكيميائية واستخدام أشعة الليزر حيث أدت أبحاثه إلى ميلاد ما يسمى بكيمياء الفمتوثانية واستخدام آلات التصوير الفائقة السرعة لمراقبة التفاعلات الكيميائية بسرعة الفمتوثانية ، وقد أكدت الأكاديمية السويدية في حيثيات منحها الجائزة لأحمد زويل أن هذا الاكتشاف قد أحدث ثورة في علم الكيمياء وفي العلوم المرتبطة به ، إذ أن الأبحاث التي قام بها تسمح لنا بأن نفهم ونتنبأ بالتفاعلات المهمة ..
ونحن نعيش ذكرى وفاة عميد علماء العرب د. أحمد زويل ، فلنتذكر بعض ما قال ، وبعض ما أوصى به :
• عندي أمل كبير أن هذه الجائزة الأولى سوف تلهم الأجيال الشابة في الدول النامية وتحثهم على الأخذ بأسباب العلم والاعتقاد بإمكانية الإسهام في دنيا العلوم والتكنولوجيا على المستوى العالمي ..
• إن المجتمع العلمي له ثلاثة دعامات رئيسية وهي العلم , التكنولوجيا والمجتمع فمن العلم تنشأ التكنولوجيا والتي بالتالي تساعدعلي تطويره والإثنان لا يتواجدان إلا إذا كان المجتمع يقدر ويدرك أهمية العلم ..
• الأوروبيين ليسوا أذكى منا ولكنهم يقفون ويدعمون الفاشل حتى ينجح … أما نحن فنحارب في الناجح حتى يفشل ..
• العقل أقوى وأعمق وأبقى من حب القلب ..
• الجميل في أمريكا ، وهو ما جعلها تتقدم على العالم علميًا ، أن الخيال لا يقتل وليست له حدود وكل المؤسسات تشجعه ، والعالم الحقيقي المحب لعلمه لا بد أن يحلم ، واذا لم يتخيل العالم ويحلم ، سيفعل ما فعله السابقون ولن يضيف شيئًا .  .
• أنت في طريقك لمطار اليابان سوف تجد لوحة إعلانية مدون عليها عبارة " فكر لتبدع " أما وانت في طريقك لمطار القاهرة سوف تجد لوحة إعلانية مكتوب عليها " تايجر أكبر و سيطر " و الناحية التانية لوحة إعلانية أخرى مكتوب عليها " استرجل و أشرب بريل " .. 
•  أنا إنسان صريح .. وليس لي طموح سياسي ، كما أنني أكدت مرارًا أنني أريد أن أخدم مصر في مجال العلم وأموت وأنا عالم ..
• التخصص هو أساس التميز في عصر العلم ..  
• التفوق في مجال العلم والتكنولوجيا يعزز شعور الفخر بالوطن ..
• المرء دائما حيث يضع نفسه ..
قال أحدزملاؤه في جامعة كالتك " إن كيمياء الفيمتو قد صنعت تاريخًا جديدًا في مجال الكيمياء , إن عمله قد أعطي واقعية لأهم المفاهيم الكيميائية مثل كيفية الإتحاد بين جزيئات العناصر الكيميائية وكيف يتم تفككها , فبينما قام العالم بولينج بدراساتها الرائدة في علوم الهندسة والأشكال الهندسية فإن أحمد زويل يعتبر رائدا في دراسةالأهمية الشديدة للوقت والحركة في الاتحادات الكيميائية " ..
وقال عنه زميل أيضا في جامعة كالتك " إن معظم العلماء إذا حالفهم الحظ خلال حياتهم العلمية يستطيعون الإضافة الي المعلومات والمعرفة في مجال عملهم بحيث يفيدوا غيرهم من المهتمين بهذا المجال , ولكن الإنجاز الأكثر ندرة والأعظم أثرًا في حياة العالم هوإسهامه في تغيير طريقة تفكير الناس تجاه موضوع معين , وأحمد زويل قد إستطاع بعلمه ونبوغه تحقيق هذا الإنجاز الهائل في مجال الكيمياء " ..
كما قال عنه دافيد بالتيمور أستاذ علم الأحياء ورئيس جامعة كالتك " إن جامعة كالتك تعيش الآن عامًا من النجاح والتفوق والسعادة وذلك بسبب حصولها علي المركز الأول هذا العام بين جامعات الولايات المتحدة الامريكية كما أن من بين أعضاءها العالم الأول في الكيمياء لهذا العام الدكتور أحمد زويل " ..
وقال عنه رودلف ماركوس أستاذ الكيمياء بجامعة كالتك والفائز بجائزة نوبل في الكيمياء عام1992 ان عمل زويل قد غير نظرة العلماء الي ديناميكية التفاعلات الكيمياء تغييرًاجذريًا , فإن دراسة الأحداث والتفاعلات الكيميائية والبيولوجية والفيزيائية التي تحدث في ثانية الفيمتو يُعتبر أعظم إنجاز للإنسان خلال القرن الماضي " .