رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الغيوم التايوانية المواتية!

وسام «الغيوم المواتية»، Order of Propitious Clouds، هو أعلى وسام تمنحه «تايوان» للمواطنين والأجانب، الذين قدموا خدمات كبيرة أو جليلة للجزيرة الصينية الممتعة بالحكم الذاتى. وصباح أمس، استقبلت الرئيسة التايوانية تساى إنج ون، نانسى بيلوسى، رئيسة مجلس النواب الأمريكى، ومنحتها هذا الوسام «تعبيرًا عن الشكر والامتنان، وتأكيدًا على رغبتها فى مواصلة إحراز تقدم فى العلاقات مع الولايات المتحدة».

 

الطائرة العسكرية التى تقل رئيس مجلس النواب الأمريكى حطّت بمطار سونجشان فى العاصمة التايوانية، مساء الثلاثاء، وغادرته صباح الأربعاء، متحدية التهديدات الصينية المتكررة، التى تخللتها مكالمة تليفونية طويلة، استمرت أكثر من ساعتين، قال فيها الرئيس الصينى لنظيره الأمريكى إن «الذين يلعبون بالنار سيحرقون أنفسهم». وبعد حصولها على الوسام، وصفته بيلوسى، فى حسابها على «تويتر»، بأنه «رمز لصداقة أمريكا القوية والدائمة مع تايوان»، وزعمت أن زيارتها لا تتعارض «بأى شكل» مع الاعتراف الأمريكى بـ«صين واحدة»، لكنها أكدت أن بلادها ثابتة على التزامها تجاه شعب تايوان، الآن ولعقود مقبلة!. 

 

لو ركزت فى التغريدة، وفى كل تصريحات رئيس مجلس النواب الأمريكى، خلال الزيارة القصيرة، ستجد أن بعضها يخاصم البعض الآخر. بالضبط، كتصريحات الرئيس جو بايدن وكسياسة «الغموض الاستراتيجى»، التى تتبعها الولايات المتحدة، منذ نهاية سبعينيات القرن الماضى، إذ لا تعترف بتايوان دولة مستقلة ولا تقيم علاقات دبلوماسية معها، لكنها لم تتوقف عن الإشادة بنظامها، أو عن بيع الأسلحة لها.

من العاصمة الكمبودية بنوم بنه، توعّد وانج يى، وزير الخارجية الصينى، أمس الأربعاء، بمعاقبة من يسىء إلى بكين حتمًا، وقال على هامش مشاركته فى اجتماع رابطة دول جنوب شرقى آسيا إن «الولايات المتحدة تنتهك سيادة الصين تحت ستار ما يسمى الديمقراطية». واستدعت الخارجية الصينية نيكولاس بيرنز، السفير الأمريكى لدى بكين، وأبلغته احتجاجها القوى على الزيارة، التى وصفتها بأنها «انتهاك خطير لمبدأ صين واحدة، والبيانات المشتركة الثلاثة الصينية الأمريكية، مؤكدة أن «الصين لن تقف مكتوفة الأيدى»، وستقوم بـ«محاسبة الحكومة الأمريكية». وبلسان «وو تسيان»، المتحدث باسمها، قالت وزارة الدفاع الصينية، إن «جيش التحرير الشعبى الصينى فى حالة تأهب قصوى، وسيقوم بأعمال عسكرية محددة الهدف، للدفاع بحزم عن السيادة الوطنية ووحدة الأراضى، وإحباط التدخل الخارجى ومحاولات تايوان الانفصالية».

أيضًا، اتهمت السفارة الصينية بالقاهرة الولايات المتحدة، فى بيان، بأنها أغرقت الشرق الأوسط وأوروبا فى الفوضى، وتمد براثنها إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بهدف الحفاظ على هيمنتها وتحقيق مكاسب سياسية خاصة، الأمر الذى يثبت أن واشنطن هى أكبر مصدر للاضطراب فى النظام الدولى، والأيدى الخفية للفوضى فى العالم، وأكبر مخرب للسلام والاستقرار الإقليميين. وفى نهاية البيان، الذى نشرته فى حسابها الرسمى على فيسبوك، طالبت السفارة الصينية مصر، والمجتمع الدولى، بالوقوف إلى جانب الصين، و«إطلاق النداء العادل للحفاظ على السلام واحترام السيادة، والتصدى بحزم لأنشطة انتهاك القانون الدولى والقواعد الأساسية التى تحكم العلاقات الدولية والاعتداء على سيادة الدول وسلامة أراضيها، وبذل الجهود المشتركة للحفاظ على العدالة والإنصاف الدوليين، وصيانة السلام والاستقرار الإقليمى والدولى».

وسط هذه «الغيوم المواتية»، دخلت الخارجية الروسية، على الخط، ووصفت الزيارة بأنها «استفزاز واضح»، وقالت، فى بيان، إن الصين لها الحق فى «اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية سيادتها وسلامة أراضيها»، وطالبت واشنطن بـ«الامتناع عن الأعمال التى تقوّض الاستقرار الإقليمى والدولى والاعتراف بالواقع الجيوسياسى الجديد الذى لم يعد فيه مكان للهيمنة الأمريكية». والشىء نفسه فعلته الخارجية الكورية الشمالية التى وصفت زيارة بيلوسى بأنها «تدخل وقح» من جانب واشنطن فى شئون الصين الداخلية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن وسام «الغيوم المواتية»، تم منحه لـ٢١ شخصًا، منذ إطلاقه فى ٢١ فبراير ١٩٤١، كان من بينهم ياروسلاف كوبيرا، رئيس مجلس الشيوخ التشيكى، الذى أعلن فى أكتوبر ٢٠١٩ عن اعتزامه زيارة تايوان، ورحل فى يناير ٢٠٢٠ بأزمة قلبية، قبل أن يقوم بتلك الزيارة، التى هدّد الحزب الشيوعى الصينى، فى رسالة وجهها إلى ميلوش زيمان، رئيس جمهورية التشيك، بعواقب وخيمة حال حدوثها.