رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيسى وبايدن وجهًا لوجه

إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، توجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس السبت، للمشاركة فى «قمة جدة للأمن والتنمية»، التى دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجمعت قادة مصر والعراق والأردن ودول مجلس التعاون الخليجى والولايات المتحدة، التى كان شعارها دائرة تتوسطها خريطة العالم، وتتابع فى إطارها أعلام الدول العشر، يتوسطها العلم السعودى وإلى يمينه علم مصر والعلم الأمريكى إلى يساره. 

من اليمين، بعد مصر، جاء ترتيب الدول كالتالى: الكويت، قطر، عُمان، العراق، البحرين، الإمارات. وبالترتيب نفسه، جلس القادة على مائدة القمة المستديرة، وأظهرت كلماتهم وجود اتفاق عربى على إعلاء المصالح المشتركة، وتقاسم الأعباء والمسئوليات، لمواجهة التحديات السياسية والأمنية والتنموية الراهنة، وتسوية الأزمات المزمنة وتلك التى تعيشها منطقتنا العربية منذ أكثر من عقد.

بدا واضحًا أيضًا، من كلمات القادة، أن هناك توافقًا عربيًا بشأن إعادة صياغة العلاقات العربية الأمريكية، سواء على الصعيد الثنائى أو فى الإطار الإقليمى الأوسع، «على نحو يلبى تطلعات ومصالح شعوبنا، استنادًا إلى علاقات وروابط قوية وممتدة، قائمة على إعلاء مبادئ راسخة، لا ينبغى أن نحيد عنها، لتحقيق المنفعة المتبادلة وصون أمن واستقرار المنطقة بأكملها». وما بين التنصيص ننقله من كلمة الرئيس السيسى، التى طرح خلالها مقاربة شاملة للتحرك فى القضايا ذات الأولوية، نرى أنها تؤسس عهدًا جديدًا، للعلاقات بين الجانبين، وتضع منطقتنا على طريق الاستقرار الشامل والمستدام.

قبل مشاركته فى القمة جمعه لقاء ثنائى بالرئيس الأمريكى جو بايدن، الذى يزور المنطقة لأول مرة منذ توليه الحكم فى يناير ٢٠٢١، والذى رحب بلقائه الأول مع الرئيس السيسى، مؤكدًا تطلع إدارته إلى تفعيل أطر التعاون الثنائى المشترك، وتعزيز التنسيق والتشاور الاستراتيجى القائم بين البلدين الصديقين وتطويره خلال المرحلة المقبلة، خاصة فى ضوء الدور المصرى المحورى بمنطقة الشرق الأوسط، وفى ظل القيادة الرشيدة للرئيس السيسى، التى أكد بايدن أنها تمثل دعامة رئيسية لاستقرار المنطقة. 

خلال المحادثات الثنائية، جرى استعراض أوجه التعاون الثنائى بين البلدين، خاصةً بشأن مواجهة أزمة الغذاء واضطراب إمدادات الطاقة. وناقش الرئيسان عددًا من الملفات والقضايا الإقليمية، حيث أكد الرئيس موقف مصر الثابت المستند إلى ضرورة تدعيم أركان الدول التى تمر بأزمات، وتقوية مؤسساتها الوطنية، بما ينهى معاناة شعوبها ويحافظ على مقدراتها. وبشأن القضية الفلسطينية، كرّر الرئيس تأكيده على أهمية التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة وفق المرجعيات الدولية. وخلال مناقشة مستجدات قضية السد الإثيوبى، أكد الرئيس، مجدًدا، ضرورة التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم لعملية ملء وتشغيل ذلك السد، يحفظ الأمن المائى المصرى ويحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث.

ما دار فى تلك المحادثات، عرفنا بعضه من المتحدث باسم الرئاسة، ونقل بعضه الآخر جاريت رينشو، مراسل وكالة «رويترز» فى البيت الأبيض. وما لم يذكره هذا أو ذاك، أوضحته كلمة الرئيس أمام القمة، التى شدد فيها على أن مبادئ احترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، والإخاء، والمساواة، هى التى تحكم العلاقات العربية البينية، وهى ذاتها التى ينص عليها روح ميثاق الأمم المتحدة ومقاصده، ويتعين كذلك أن تكون هى ذاتها الحاكمة لعلاقات الدول العربية مع دول جوارها الإقليمى، وعلى الصعيد الدولى. 

فى هذا الإطار، إطار تناول مفهوم الأمن الإقليمى المتكامل، جدّد الرئيس تأكيده ضرورة اتخاذ خطوات عملية تفضى إلى نتائج ملموسة باتجاه جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، مع تعزيز دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى هذا الصدد. كما جدّد التزامنا، التزام مصر، بمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف بكل أشكاله بهدف القضاء على جميع تنظيماته والميليشيات المسلحة المنتشرة فى عدة بقاع من عالمنا العربى، التى تحظى برعاية بعض القوى الخارجية لخدمة أجندتها الهدامة، وترفع السلاح لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، وتحول دون إنفاذ إرادة الشعوب، بل تطورت قدراتها لتنفذ عمليات عابرة للحدود. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن «القوى الخارجية»، التى لم يحدّدها الرئيس السيسى، يعرفها القاصى والدانى والواقف بينهما، وتقف ثمانى دول، من العشر المشاركة فى القمة، فى مواجهتها، ويمكنك أن ترى، بسهولة، لمعة عيون قادتها، حين شدّد الرئيس على أن التنظيمات الإرهابية، الميليشيات أو العصابات، لا مكان لها فى المنطقة، وكذا حين طالب داعميها، الذين وفروا المأوى والمال والسلاح والتدريب للعناصر الإرهابية، وسمحوا بانتقالها من موقع إلى آخر، أن يراجعوا حساباتهم وتقديراتهم الخاطئة، وأن يدركوا أنه لا تهاون فى حماية أمننا القومى، وما يرتبط به من خطوط حمراء، وأننا سنحمى أمننا ومصالحنا وحقوقنا بكل الوسائل.