بلاعة البركة.. للشفاء وفك الكرب وجلب الرزق
لماذا نسمح أن نُغيب العقل لصالح الخرافات والغيبيات؟
كيف نترك العلم فى مقابل الترويج للدجل والشعوذة؟
هل وصل بنا الأمر لأن نؤمن بتأثير مياه الصرف الصحى ومخلفاته باعتبارها "بلاعة البركة"؟
هل أصبحنا نفضل ظلام الجهل فى مقابل تجاهل نور العلم؟
أطفالنا فى حاجة إلى تعليمهم اكتساب مهارات الثقافة العلمية التى ترتكز على ثلاثية "العلم والتعليم والإعلام".
أعلم جيداً أن هذه المبادرة لن تهتم بها وسائل الإعلام التى ربما تفضل أخبار الفنانين ولاعبى كرة القدم وشيوخ الفضائيات. ولهذا السبب أعتقد أن هذه المبادرة يجب أن تكون تحت رعاية رئاسية بالشراكة مع وزارات الثقافة والتربية والتعليم والتضامن الاجتماعى.. ومنظمات المجتمع المدنى.
مبادرة اكتساب مهارات الثقافة العلمية.. تتحدى العديد من العقبات، منها:
أولاها.. انتشار الخرافات والعلم الوهمى.. من خزعبلات التنجيم والأبراج وقراءة الكف التى تقدم باسم العلم، وهى علوم كاذبة. ومثلما يروج لأدوية لا علاقة لها بالصحة العامة على بعض القنوات الفضائية، ومحاولة اعطائها المصداقية باستضافة من يدعى شفائه، أو بأشخاص يدعون أنهم أطباء لتعظيم منتجات بير السلم.
وثانيتها.. التداخل المتعمد بين الدين والعلم. الدين يقوم على القيم والمبادئ السامية.. ولا علاقة له بالنظريات العلمية، بينما يقوم العلم على الشك والحقائق المتغيرة حسب الاكتشافات العلمية. وهو ما يجعل حقيقة اليوم.. غير ذلك فى المستقبل مثلما حدث بين نظرية النسبية ونظرية الفمتوثانية.
وثالثتها.. تجاهل وسائل الإعلام لتبنى برامج الثقافة العلمية، والتعامل معها بعشوائية ودون منهج واضح.. وتجاهل استضافة المتخصصين فى العلوم المستقبلية التى ترسم صورة المستقبل. والاعتماد على ما يتداول على الفيسبوك باعتباره حقائق علمية.. رغم عكس ذلك فى الكثير مما ينشر.
نحتاج إلى ترسيخ الثقافة العلمية ضمن برامجنا التعليمية والإعلامية.. خاصة فى الحضانات والمرحلة الابتدائية لكونها تدعم آفاق الخيال لدى الأطفال. والبداية بوجود رؤية استراتيجية تجعلنا ندرك التحديات، ونرصد الإمكانيات المتاحة من أجل تنمية الكوادر القادرة على تحقيق أهداف نشر الثقافة العلمية. والتركيز على الاهتمام باستضافة شباب العلماء كرموز مجتمعية.. وعدم تهميشهم أمام نجوم الفن وكرة القدم. وتخصيص ميزانية لدعم نشر الثقافة العلمية، والتعامل معها بشكل مقدر، وليس كديكور.
لدينا العديد من العلماء والمتخصصين الذين قاموا بدور بارز فى نشر الثقافة العلمية. منهم د. أحمد شوقى ود. خالد منتصر ود. سمير حنا صادق ود. أحمد مستجير والشاعر فاروق شوشة ود. إسماعيل سراج الدين ود. سامح سعيد.
من الآخر.. نحتاج للاهتمام بنشر الثقافة العلمية ومحاربة الخرافات والممارسات غير العلمية فى الطب والحياة، وتأسيس نوادى العلوم، وإنشاء مراكز العلوم والتكنولوجيا، ودعم أنشطة الثقافة العلمية ونقد أدبياتها، وتقديم نماذج ناجحة للإدارة العلمية، والإيمان بالعلم ورفض الدجل والخرافة، ودعم وجود صحافة وإعلام علمى متخصص تحت إشراف الخبراء والمتخصصين للحفاظ على دقة مضمون الثقافة العلمية.