إيلينوي تتحول إلى ملجأ للراغبات في الإجهاض بالولايات المتحدة
لم يثن حظر الإجهاض الذي أصبح سارياً في ميزوري لوري لامبريتش المتحدرة من هذه الولاية عن اصطحاب النساء اللواتي يرغبن في إنهاء حملهنّ إلى مواعيدهنّ، إذ تعبر بهنّ نهر ميسيسيبي إلى إيلينوي حيث لا تزال هذه الممارسة قانونية.
وتقول لامبريتش (39 سنة) من منزلها الواقع في مدينة سانت لويس التي تضم 300 ألف نسمة لوكالة "فرانس برس":"أنا هنا لأتحدّى السلطة وأوفّر المساعدة للنساء قدر استطاعتي ولمكافحة القوانين التي أعتقد أنها غير إنسانية ومجحفة".
وكونها واحدة من سكان منطقة تُعتبر "معبرًا نحو الغرب"، تجد لامبريتش نفسها في وضع يؤهلها مساعدة آلاف النساء اللواتي يعشن في ميزوري ويرغبن في الاجهاض، فيما يجتاز عدد كبير منهنّ مئات الكيلومترات للخضوع للعملية.
وبعدما قرار المحكمة العليا الأمريكية الأخير إلغاء القرار التاريخي المعروف باسم "رو ضد واد" الصادر سنة 1973 والذي يكرّس حق المرأة في الإجهاض، كانت ميزوري أول ولاية تنفّذ قرار المحكمة.
وبنتيجة ذلك، أصبح الإجهاض في سانت لويس المحاذية لنهر ميسيسبي محظوراً، ولا تُستثنى من هذا القرار حالات الحمل الحاصلة نتيجة اغتصاب أو علاقة بين فردين من العائلة نفسها.
لكنّ الحقوق الإنجابية مصانة في ولاية إيلينوي التي يحكمها الديمقراطيون والواقعة على المقلب الثاني من نهر ميسيسيسبي، إذ تستعد لاستقبال سيل من النساء الآتيات من ولايات الغرب الأوسط المحافظة المجاورة حيث يخضع الإجهاض لشروط مشددة.
وتتولى لامبريتش نقل النساء اللواتي يرغبن في إنهاء حملهنّ إلى المراكز المتخصصة منذ سنتين، إذ تعمل كمتطوعة لدى منظمة "ميدويست أكسس كواليشن" التي تأسست سنة 2014 وتهدف إلى توفير مساعدة للنساء الموجودات في مناطق تعتمد سياسات خاصة بالإجهاض تُعتبر من الأقسى في الولايات المتحدة.
وتوفر المنظمة مساعدة للنساء اللواتي يتقاضين رواتب منخفضة ويرغبن في الإجهاض من خلال تأمين السفر والإقامة لهنّ.
وبدأت لامبريتش تعمل مع المنظمة بعد خضوعها لعملية إجهاض قبل 15 سنة، وتقول إنّ عدم تمكّن النساء مع الحصول على رعاية مماثلة لتلك التي تلقّتها "يفطر" قلبها.
وحتى يوم صدور قرار المحكمة العليا، كانت لامبريتش تستطيع نقل النساء إلى "بلاند بارنتهود" في سانت لويس، وهو آخر مركز مخصص للإجهاض متوفر في ولاية ميزوري، فيما يجري الأطباء العاملون فيه آخر عملياتهم مباشرة بعد صدور قرار المحكمة الذي أعقبته تظاهرات مناهضة للقرار.
وأصبح حالياً أقرب مركزين يجريان عمليات إجهاض في إيلينوي وهما "هوب كلينيك فور وومن" الذي يبعد عشرة أميال (16 كيلومتراً) ويقع في مدينة غرانيت سيتي و"بلاند بارنتهود" الواقع في فيرفيو هايتسو على بعد 15 ميلاً والذي افتُتح استباقاً لقرار الحظر.
وفي "هوب كلينيك"، يتولى المتطوعون مرافقة المريضات إلى داخل المركز، إذ يحمينهنّ باستخدام مظلات من المتظاهرين المناهضين للإجهاض الذي يحملون شعارات تظهر أجنّة مغطاة بالدماء.
ويعتبر كاهن كاثوليكي رفض الكشف عن هويته أنّ قرار المحكمة العليا الأميركية "لا يشكل فعلياً انتصاراً كبيراً".
ويقول لوكالة فرانس برس إنّ "الإجهاض لا يزال مُتاحاً بمجرد أن تنتقل المرأة إلى إحدى المناطق التي تشرعه".
وداخل مركز "هوب كلينيك"، لا يتوقف الهاتف عن الرنين. وتقول إحدى المتصلات إنها مستعدة للسفر خمس ساعات حتى تصل إلى موعدها.
وتولى المركز هذه السنة إجراء عمليات إجهاض لنساء أتين من 19 ولاية. ويستقطب المركز ما بين 4500 و5000 امرأة سنوياً، لكن الشريكة في ملكية الموقع جولي بوركهارت تتوقع أن يرتفع العدد في غضون فترة قصيرة ليصبح ضعف العدد السابق أو يفوقه بثلاث مرات.
وتقول "نتوقّع زيادة كبيرة في عدد المريضات لدينا"، مضيفة أنّ العيادة توسّع فريق عملها وتزيد الأيام المتوفرة فيها عمليات الإجهاض.
وتعّهد حاكم إيلينوي جاي روبرت بريتزكر بأنّ تبقى ولايته "ملاذاً آمناً" للحقوق الإنجابية في الغرب الأوسط، بينما شددت الولايات المجاورة كلها، ومن بينها إنديانا وكنتاكي وايوا وويسكونسن، القيود على الإجهاض أو تعتزم اتخاذ هذه الخطوة.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أنّ أكثر من 46 ألف عملية إجهاض أُجريت في إيلينوي سنة 2020، خضعت لـ20% منها نساء من خارج الولاية منهنّ 6500 أتين من ميزوري.
وتتوقع "بلاند بارنتهود" أن يُضاف سنوياً إلى عدد النساء اللواتي يلجأن إلى مراكز إيلينوي بين 20 إلى 30 الف امرأة.
وتقول ساندي بنسونو-كونواي، وهي محامية لدى مركز "تشويسس" الواقع في ممفيس والذي يفتح فرعاً جديداً على بعد 200 ميل (320 كيلومتراً) شمالاً في كاربونديل جنوب إيلينوي لتلبية الطلب المرتفع على عمليات الإجهاض، إنّ "هذه العمليات تشكل ثقلاً كبيراً تتحمّله ولاية واحدة".
وعادة ما تكلف عملية الإجهاض بين 500 و2500 دولار. وفي ظل اضطرار النساء لاجتياز مسافات كبيرة للخضوع لها، قد تسعى منظمة "ميدويست أكسس كواليشن" غير الربحية للحصول على مصادر تمويل إضافية لتغطية التكاليف المتزايدة للسفر والإقامة.
وتتولى لامبريتش نقل امرأة أو اثنتين في المتوسط شهرياً، لكنّها تتوقع أن تتلقى طلبات نقل في كل عطلة نهاية أسبوع، معربةً عن استعدادها لنقل النساء إلى شيكاغو في رحلة تستغرق بين الذهاب والعودة عشر ساعات، في حال تخطت المراكز القريبة من سانت لويس قدرتها الاستيعابية.
ويحذر الخبراء من أن الولايات الأمريكية قد تقاضي من يتولى مساعدة النساء على الخروج من ولاياتهنّ لإجراء عمليات إجهاض في المناطق المسموحة هذه الممارسة فيها. ولن تُثني هذه الخطوة إن حصلت لامبريتش عن الاستمرار في عملها الذي تؤكد أنه "ينطوي على أهمية كبيرة بالنسبة إليها".