رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اجتماع بيروت التشاورى

 

بلا أجندة محددة أو جدول أعمال أو أوراق عمل، عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعًا تشاوريًا، أمس الأول السبت، فى العاصمة اللبنانية بيروت، برئاسة عبدالله بوحبيب، وزير الخارجية والمغتربين بحكومة تسيير الأعمال اللبنانية، الذى تترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس وزراء الخارجية العرب. وكان طبيعيًا أن تتركز النقاشات على القمة العربية الحادية والثلاثين، المقرر أن تستضيفها الجزائر فى الأول من نوفمبر المقبل.

مع استمرار غياب سوريا، المجمدة ‏عضويتها فى الجامعة العربية، شارك فى الاجتماع وزراء وممثلون عن ٢١ دولة عربية، يتقدمهم أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، الذى كان قد زار الجزائر فى ٢٠ يونيو الماضى، واستقبله رئيسها، وأجرى مباحثات مع وزير خارجيتها "فى إطار التنسيق المستمر بين الجزائر وأمانة الجامعة، بخصوص التحضير للقمة العربية، وحول مسائل أخرى تخص مستجدات الأوضاع فى المنطقة العربية فى ضوء التوترات الحالية على الساحة الدولية"، بحسب بيان الخارجية الجزائرية، الذى أشار إلى أن عقد القمة يتزامن مع الذكرى الثامنة والستين لاندلاع ثورة التحرير.

القمة العربية الأخيرة، القمة الثلاثون، استضافتها تونس، فى مارس ٢٠١٩، وبعد تأجيلين بسبب وباء كورونا، وربما لأسباب أخرى، جرى الحديث، فى ٢٦ يناير الماضى، عن تأجيل القمة المقبلة، المقرر أن تستضيفها الجزائر، للمرة الثالثة، استنادًا إلى تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية عن حسام زكى، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، غير أن رمطان لعمامرة، وزير الخارجية الجزائرى، أوضح أن الموعد لم يكن قد تحدّد بعد، حتى يتم تأجيله، وأشار إلى أن الرئيس عبدالمجيد تبون يعتزم طرح موعد يجمع بين الرمزية الوطنية والتاريخية. وعليه، جرى اختيار اليوم الذى اندلعت فيه، سنة ١٩٥٤، الثورة الجزائرية.

المهم، هو أن اجتماع بيروت التشاورى شارك فيه ممثلون عن كل الدولة العربية، باستثناء سوريا، وكلهم زاروا القصر الرئاسى، فى بعبدا، واستقبلهم الرئيس ‏ميشال عون، الذى أطلعهم على الأوضاع فى بلاده، مشيرًا إلى أن "التعاون والتضامن بين الدول العربية الشقيقة أمر مهم فى ظل ما تشهده المنطقة من أزمات وضغوط وتحولات"، وآملًا من وزراء الخارجية العرب "المساعدة لمواجهة هذه التحديات"، ومؤكدًا أن لبنان "مصمم على مواجهة التحديات وإيجاد الحلول للخروج من أزماته".

المشاركون فى الاجتماع كانوا أيضًا ضيوف مأدبة عشاء فخمة، أقامها نجيب ميقاتى، رئيس حكومة تسيير الأعمال، بالسراى الكبير، مقر الحكومة اللبنانية، مساء الجمعة، ودعا خلالها الأشقاء العرب، خاصة دول مجلس التعاون الخليجى، إلى احتضان لبنان وشعبه، فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه، مؤكدًا أن اجتماع وزراء الخارجية العرب يأتى فى مرحلة حافلة بالتحديات ويترافق مع انفلات القوة ونشوء نزاعات إقليمية واستمرار أخرى، ويلامس بحق انهيار النظام الدولى، الذى نعرفه، دون أن تتبلور ملامح نظام جديد.

فى هذا السياق، وكما حدث فى كل السياقات السابقة، ناقش الاجتماع التشاورى "سبل تعزيز التعاون العربى المشترك فى مواجهة التحديات التى تتعرض لها الدول العربية". واستعرض "مجالات التعاون وأطر تنميتها وتطويرها بأبعاد وآفاق واسعة وأكثر شمولية، بما يحقق المصالح والمنافع المشتركة حفاظًا على الأمن القومى العربى ودعمًا لمسيرة العمل العربى المشترك". وما بين التنصيص ننقله عن بيان صدر فى ٣٠ يناير الماضى، عقب الاجتماع التشاورى السابق، الذى استضافته دولة الكويت، الذى تناول أيضًا "مجمل القضايا العربية المصيرية المشتركة، وفى مقدمتها قضية العرب الأولى والمركزية وهى القضية الفلسطينية".

.. وتبقى الإشارة إلى أن اجتماع الكويت كان الاجتماع التشاورى الثانى بعد الاجتماع الذى استضافته العاصمة القطرية منتصف يونيو ٢٠٢١، ما يعنى أن اجتماع بيروت هو الثالث، وكلها اجتماعات لا تصدر عنها قرارات، وتناقش الموضوعات التى ترغب أى دولة فى طرحها دون التقيد بجدول أعمال. ومع تصريحاته التى تكاد تتطابق، كتأكيده على أن القضية الفلسطينية كانت على رأس الأولويات، أو إشارته إلى أن النقاش بشأن عودة سوريا إلى الجامعة لا يزال مستمرًا، أضاف أمين الجامعة العربية، هذه المرة، أنه يتمنى للبنان كل الخير والتوفيق، وأن الاجتماع تناول الأزمة الأوكرانية وتداعيات أزمة الغذاء على الدول العربية!