رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الصناعات الثقافية ودورها في تصدير الهوية المصرية.. أدباء وكتاب يتحدثون

الصناعات الثقافية
الصناعات الثقافية

الصناعات الثقافية واحدة من أبرز وأهم الصناعات في العالم، وتأتي أهميتها في أنها تلعب الدور الأهم والأبرز في تقديم صيغة مبدئية؛ للتعريف بتراث الشعوب والمشترك بينهم، سواء في عاداتهم وطرقهم أو حتى سيرتهم التاريخية، وهو ما يظهر بشكل واضح في الفنون مثل الغناء والأدوات الموسيقية والزي..الخ.  

زين عبد الهادي 

قال الكاتب الصحفي والأكاديمي الدكتور زين عبد الهادي، في تصريح خاص لـ«الدستور» إن: «هُناك أكثر من 50 صناعة ثقافية يمكن العمل فيها، بحيث نتحول تحولًا كاملًا نحو اعتماد الصناعات الثقافية الصغيرة في مصر، ومنها ما تملكه مؤسسات الدولة ومنها ما يمكن أن تقوم به البيوت المصرية، و نماذج عامة يمكن القول بأنها مثل  الميديا، السينما، المسرح، الصحافة، الإذاعة، التلفزيون، الرسوم المتحركة، الخط، الفنون التشكيلية (التقليدية والرقمية)، النحت، الأزياء، العطور، الأحذية والجلود، الرياضة، السياحة، الآثار، المتاحف، المكتبات، المعارض، البرمجيات، ألعاب الفيديو، الألعاب الرقمية، الرقص الإيقاعي، الموسيقى، الجوائز، المهرجانات الثقافية، اللوحات التشكيلية الشعبية والمنحوتات الشعبية، استعراضات الشوارع، السيرك، الباليه، الأوبرا، وكذلك الصناعات الشعبية الثقافية كالسجاد والكليم والخزف والملابس الفلكلورية، و الخشب والموبيليا، والتشكيلات الزجاجية، والغناء، النشر، الترجمة، الكتب النادرة، ألبومات الصور، التصوير الفوتوغرافي، صناعة آلات الموسيقى، المخطوطات، الأطعمة والمأكولات والمشروبات».

وأشار «عبد الهادي» إلى أن الدولة تقوم بدورها في المتاحف والأوبرا والمكتبات والسينما والمسرح والسيرك والسياحة، والآثار والمعارض، ويمكن للدولة أيضا التعاون مع الفنانين والتجمعات المهنية الحرفية بمختلف مشاربهم في إنتاج أعمال يتم تسويقها محليًا وإقليميًا وعالميًا.

وأكد «عبد الهادي» على أن مما لاشك فيه أن الدولة تقوم بدورها المتعلق بالصناعات الثقافية ذات الطابع المعتمد على الإنتاج الضخم والتكلفة الكبيرة، مثل النشر والمسرح والأوبرا والمتاحف، لكنها أيضا يُمكن أن تقوم بذلك بالتعاون مع تجمعات مهنية وفنية وثقافية مختلفة، أو تقوم بدور التدريب للأهالي؛ لتوسيع نطاق الصناعات الشعبية، ويجب أن تفتح الباب لمبادرات التدريب والتعليم في مجال الصناعات الثقافية الصغيرة وعلى مستوى عريض وعميق.

كما لفت إلى أن هناك العديد من المؤسسات المصرية التي تعمل في ذلك، لكن من الواضح أنه ليست هناك هيئة تنسيقية بينها تحدد الصناعات الثقافية، وتضع استراتيجية محددة لها تتابعها من التدريب للإبداع إلى التخطيط والتنسيق؛ لإقامة معارض على كل المستويات في العالم وليس مصر، فهناك هيئات وزارة الثقافة والشئون الاجتماعية وهيئات خاصة تنتج مثل هذه الأعمال وتساعد على وجودها وتتعاون مع المؤسسات الدولية كالاتحاد الأوروبي وبرامج الدعم الدولية، لكن يجب أن يكون هناك تنسيق وتكامل فيما بينها، ومع برنامج حياة كريمة.

أحمد السعيد 

قال المترجم الأكاديمي الدكتور  أحمد السعيد لـ«الدستور» إن الصناعات الثقافية والإبداعية في العالم، أصبحت واحد من أبرز مصادر الدخل القومي للعديد من بلدان العالم، وتعد الصين واحدة من دول الصدارة  في هذا المجال، وتمثل الصناعات الثقافية ما يقرب من 7 % من مصادر الدخل القومي للصين.

 وأضاف: «أعتقد أن مصر بدأت تنتبه إلى الحرف اليدوية والتراثية، وما تملكه مصر من ثراء ثقافي سواء منقول يدوي أو شفاهي أو عبر الحرف اليدوية الموجودة في كل قرى ومحافظات مصر، وأعتقد أنه يُمكن أن تكون واحدة من أبرز مصادر الدخل القومي خلال ال 10 سنوات  القادمة لمصر، وستغير من فكرة وجود المنتج الصيني المقلد، لذا سنبدأ في الحافظ على حقوق الملكية الفكرية للتراث الحرفي للدولة».

وأشار إلى أن الدولة تعمل على خطط  معنية بتفعيل نشاط الصناعات الثقافية، وخلال الفترة القادمة ستشهد تطور ملحوظ خاصة أن هناك عمل على تدشين خريطة ثقافية لمصر هدفها حصر، وتوثيق كل الصناعات الثقافية في مصر، مؤكدًا أن دور وزارة الثقافة ضروري في العمل على إنشاء وتقديم وخلق منتج ثقافي يحمل اسم مصر ويُصدر لكل العالم.

وأضاف: «لدينا مميزات كبيرة علينا أن نستغلها، ومنها المناطق  السياحية في مصر، والتي يجب الاستفادة منها، وتقديم منصات عبرها؛ لتوزيع المنتج الثقافي، وعلينا أن نعرف منتجنا الثقافي وذلك عبر توثيقة والتاريخ له، وهذه أحد أهم أبرز الخطوات التي يجب أن نشتغل عليها، وذلك عبر طريق وزارة الثقافة  والتى قامت بتأسيس شركة منوطة بالصناعات الثقافية، والعوائق التي تواجهنا، تتمثل في عدم وجود قواعد بيانات، لذا علينا الاشتغال على تأسيس قاعدة بيانات، البحث عن الصنعة وجودة الصنعة، ودور المثقفين هو دور التوثيق والأعمال الإبداعية تعود للبحث في أصول والجذور، ولا تصبح تقليد، والرجوع إلى فكرة الهوية هي التي ستخرج لنا كثير من كنوز التراث».

وتابع: « أن الاهتمام بالروح وهوية وشكل التدين المصري، خاصة أننا دخلنا في فترة من فترات في شكل ديني مغاير، ومختلف وبعيد إلى حد كبير من هويتنا وطبيعتنا كمصريين، وعليه لابد أن يقف في الصف الأول ليحمي هويتنا، وقد نكون أهملنا إلى حد كبير في الحفاظ على هويتنا الثقافية بالابتعاد عن منتجنا عن طبيعته وبيئته سواء في مجال الغناء أو الموسيقى أو غيره».

وأكمل: «لا يمكن أن اقول أن هذا دور منوط للدولة فقط بل هو منوط للجماعة الثقافية، وأن يكون هناك تكاتف كبير عبر كل المؤسسات، وعليه لابد أن يكون هناك اتصال بين كل المؤسسات المعنية بهذه الصناعات بشكل مباشر بدءًا من وزراة الثقافة، ووزارة الصناعة وصولًا لوزارة الخارجية؛ لتقديم رؤية مستقبلية واضحة لمستقبل الصناعات الثقافية، وفكرة أن الوقوف عند الأدب والإبداع في مختلف مجالات الكتابة العالم تجاوز ذلك بشكل أوسع، في الأكل الشعبي والحواديت، ويمكن تحويل هذا إلى شكل تجاري، فمثلا ستجد الكشري أصبح جزء من الموروث الثقافي الذي يخص المصريين، وكل ما يخص المصريين وجزء من هويتهم يمكن تحويله لصناعة ثقافية».

محمد سيد ريان 

من جانبه، قال الكاتب والباحث محمد سيد ريان: «عند الحديث عن الصناعات الثقافية ودورها التنموي، لابد من التأكيد أولا على ضرورة تغيير المعتقدات السائدة لدى عامة المثقفين عن اقتصاديات الثقافة، وكونها نشاط إنتاجي إلى جانب تحقيق الخدمات ونشر الوعي».

وأكد «ريان» على أن الثقافة ليست ترفيه أو نشاط لأوقات الفراغ، بل هي وسيلة مهمة؛ لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكسب ربح مميز في كثير المجالات، وتتجه معظم الدول في الوقت الحالي إلى الصناعات الثقافية والإبداعية، والتركيز على الاستثمار الثقافي في الفنون والآداب، وأصبحت الثقافة رقم مهم في الدخل القومي لدول كثيرة متقدمة ونامية، ومعيارًا مؤثرًَا في السعي نحو السباق العالمي، وبات واضحاً أن الابتكار في الحقل الثقافي هو الحصان الرابح في المستقبل القريب والبعيد، هذا ولابد من ربط الثقافة بعملية التنمية داخل الدولة، وذلك من منطلق أن الثقافة مصدر للدخل دون الإخلال بالخدمة الثقافية للمواطنين، والاهتمام بعمليات الترويج والدعاية والتسويق للمنتج الثقافي والصناعات الثقافية.

وأشار «ريان» إلى أن مصر لديها مخزون ثقافي كبير ومهم سواء في المنتجات الثقافية أو الصناعات الإبداعية بالإضافة إلي المبادرات المستحدثة؛ وبحسب توصيف اليونسكو فإن المنتجات الثقافية تكون حاملة للهوية والقيم والدلالات، وفي الوقت نفسه عوامل تنمية اقتصادية واجتماعية؛ ويقتضي صون التنوع الثقافي وتعزيزه تشجيع قيام صناعات ثقافية مزوَّدة بوسائل إثبات ذاتها على المستويين المحلي والعالمي. 

ويتصل ذلك أيضا بمفهوم الإبداع الثقافي، ويقصد به إنتاج رؤى وأفكار، ومبادرات جديدة في مواجهة التحديات، والتحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية.

واختتم قائلًا: «علينا البدء في تفعيل وتطوير الصناعات الثقافية، لابد من العمل على إعداد خرائط ثقافية، وتوفير قواعد بيانات مزودة بأهم المنتجات الثقافية والدعم التشريعي والقانوني، وكذلك إتاحتها عبر المنصات الإلكترونية لتحقيق الهدف المنشود».