رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أزمة الغذاء العالمية.. مقترح مصرى بدعم إفريقى

ماجد حبته
ماجد حبته

 

على هامش فعاليات المؤتمر الوزارى الثانى عشر لـ«منظمة التجارة العالمية»، الذى بدأت أعماله أمس الأحد، وتنتهى بعد غدٍ الأربعاء، اجتمع وزراء التجارة الأفارقة، بمدينة جنيف السويسرية، وقرروا دعم وتبنى مقترح أو مشروع قرار مصرى يطالب بمساعدة الدول النامية، والدول الأقل نموًا، على مواجهة تحديات الأمن الغذائى، وتعزيز استجابة المنظمة لتلك التحديات.

المقترح، أو مشروع القرار، أعده المكتب التجارى المصرى بالتنسيق مع بعثة مصر لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى فى جنيف، وقطاع الاتفاقيات التجارية بالقاهرة، ويهدف إلى توفير حلول عملية لدعم المزارعين والمنتجين وتعزيز القدرات الإنتاجية من الحبوب والغلال فى الدول النامية «المستوردة الصافية للغذاء»، والدول الأقل نموًا، إضافة إلى توعية الرأى العام العالمى بحجم الأضرار الشديدة الواقعة على اقتصاديات الدول النامية فى هذا الشأن، خاصة مع الارتفاع القياسى فى أسعار الغذاء والطاقة. 

يركز مشروع القرار، أو يرتكز، على محورين أساسيين: الأول إطلاق حدود الدعم المحلى المتاح للدول النامية، حتى تتمكن من زيادة معدلات الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية. والثانى تفعيل قرار مراكش الخاص بالآثار السلبية لعملية إصلاح التجارة فى السلع الزراعية على الدول النامية، والأقل نموًا، من خلال تبنى برنامج عمل فى لجنة الزراعة بالمنظمة يهدف إلى إنشاء آلية تمويل تعوّض فارق ارتفاع الأسعار العالمية، مع الاحتفاظ بحقوق الدول النامية، وعدم خفض محاور الدعم المحلى الخاص بالتنمية. 

قرار مراكش المشار إليه، هو أحد بنود اتفاق تأسيس منظمة التجارة العالمية، الذى تم توقيعه بالمدينة المغربية، فى ١٥ أبريل ١٩٩٤، وينص على تقليص دعم المنتجات الزراعية بنسبة ٢٠٪، وخفض الصادرات المدعومة بنسبة ٣٦٪، و... و... ومعاملة الدول النامية معاملة خاصة، بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية المستوردة. غير أن هذا القرار صار حبرًا على ورق، وظلت القضايا المتعلقة بالقطاع الزراعى والأمن الغذائى أبرز القضايا الخلافية. وكالعادة، كانت الدول النامية، والأقل نموًا، هى الأكثر تضررًا، ولم تنجح «المعاملة الخاصة» أو التفضيلية، غير المفعلة، أو «مبادرة المعونة من أجل التجارة» التى أطلقها المؤتمر الوزارى السادس، أواخر سنة ٢٠٠٥، فى تخفيف الأضرار التى لحقت بتلك الدول، التى تزايدت حدتها، أو شراستها، بعد الأزمات العديدة والمتزامنة، التى ضربت الاقتصاد العالمى. 

العالم يسير، الآن، بثبات نحو «أسوأ أزمة غذاء فى التاريخ الحديث»، بحسب التقرير السنوى الصادر عن «مجتمع كبار الاقتصاديين» فى المنتدى الاقتصادى العالمى، دافوس، والذى ربط تراجع الأمن الغذائى بالأزمة الأوكرانية، وتوقع أن يؤدى استمرارها إلى تفاقم الجوع بدرجة غير مسبوقة. وإلى تلك الأزمة، التى فرضت قيودًا على تجارة الأغذية فى أكثر من ٣٠ دولة، يمكنك أن تضيف ما صاحب وباء كورونا المستجد من تداعيات سلبية، كانت تتطلب، أو توجب، تعزيز التضامن الدولى، عبر المنظمات المعنية، وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية.

تأسيسًا على ذلك، جاء المقترح، أو مشروع القرار، الذى تقدمت به مصر، الثلاثاء الماضى. وأكد إعلان دعمه وتبنيه، الصادر عن المجموعة الإفريقية، على ضرورة مراعاة البعد التنموى فى القضايا المطروحة على المؤتمر الوزارى الثانى عشر، وترسيخ دور المنظمة فى دعم التنمية الاقتصادية الشاملة والتحديث الصناعى بدول القارة السمراء، مع إيلاء ملف الأمن الغذائى والتصدى للأوبئة المستقبلية أهمية خاصة، وتحويل المعاملة الخاصة والتفضيلية الممنوحة للدول النامية، والأقل نموًا، إلى سياسات وأدوات تمكّنها من تحقيق أهدافها التنموية، وتمنحها المرونة التى تتيح لها التعامل مع أى ظروف استثنائية تؤثر على أمنها الغذائى.

.. وأخيرًا، كان من المفترض أن تلعب منظمة التجارة العالمية دورًا كبيرًا فى مواجهة الأزمات، أو الكوارث، المتعددة والمتزامنة والمتقاطعة، التى ضربت الاقتصاد العالمى، غير أن تفعيل دور المنظمة، أساسًا، يتطلب إعادة هيكلتها بالكامل ومنح جهازها التنفيذى صلاحيات أوسع، لأنها بوضعها الراهن ليست إطارًا مناسبًا، لمواجهة أى أزمات اقتصادية أو لمعالجة التحديات التى تواجه التجارة الدولية.