رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أحمدي أبوجليل لوفاء شهاب الدين.. أبرز الكُتاب عن صحراء مصر

صحراء مصر
صحراء مصر

أدب وفنون الصحراء بمثابة الطريق الشائك الذي لم يخض غمار الكتابة فيها إلا عدد محدود لا يكاد يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة، يمكن وصفه بالأدب والفن المطمور والمهمش، وقد يعود ذلك تحديدًا إلى طبيعة المكان الذي يتميز بفرادة ما جاءت نتيجة مجتمعاته وخلقها لحالة من العزلة والانفصال تمامًا عن ما هو خارجها  في التقرير التالي  نستكشف التاريخ السري عبر الرواية والشعر لصحراء  مصر.

ويعد أدب الصحراء أحد أبرز الأنواع الأدبية، التي بدأ خطواته الأولى في عصرنا الحديث عبر الكاتب الصحفي والروائي صبري موسى، والذي يعد أول من كتب في هذه المنطقة ويعد المؤسس  لرواية الصحراء في مصر عبر روايته البديعة " "فساد الأمكنة" امتد خيط أدب الصحراء بالنسبة للمبدعين المصريين إلى أن أمسكت بتلابيبه الكاتبة الروائية والأكاديمية “ميرال الطحاوي”، والتي جاء جل مشروعها الإبداعي حول الصحراء فقد قدمت أعمال روائية منها "الخباء، ورواية نقرات الظباء" .

 

ميرال الطحاوي.. "بعيدة برقة عن المرسال" و“بنت شيخ العربان”

ومؤخرًا قدمت الطحاوي عددًا من الأعمال التي وثقت لفنون الصحراء وتاريخها ومنه كتابها "بعيدة برقة على المرسال.. أشعار الحب عند نساء البدو" والذي تستعرض فيه بوح الناس وأشعارهم، تكشف فيه عن حالة التقويض التي عاشتها المرأة الصحراوية وحالة الإذعان في حجب إنتاجها الشعري الشفاهي، في هذا الكتاب  قدمت فصلًا كاملًا تحت عنوان "بوح النساء في البداية" ذهبت فيه إلى سرد رواية عن امرؤ القيس الشاعر العربي الذي تغزل في أجساد النساء، وحقق فحولته الشعرية عبر غزلياته الصريحة التى جاوزت الأعراف والتقاليد. 

وكان غيورًا حتى أنه كلما لد بنت وأدها فلما عرفت نساؤه تلك الخلة غيبن بناتهن عن أحياء العرب، وعندما عرف ذلك، خشي أن تكون له ابنة من صلبه، ركب راحلته وراح يجوب تلك الأحياء، ليقتل من بقي بناته، وكان يتحقق من أبياته بأن يسأل الصغيرات: "من تجيز منكن هذا البيت؟" فإذا نجحت الفتاة في الإجازة، وعبارته في شعريته، وتحقق من براعتها أيقن أنها ابنته فيضرب عنقها بالسيف.

وتؤكد الطحاوي، أن التاريخ الرسمي لمصر تجاهل وهمش وأغفل ولم يدون تاريخ "عربان مصر" بوصفهم أقلية عرقية، ويبدو أن من هذا المنطلق جاء سعي ميرال الطحاوي في البحث والتنقيب عن التاريخ المسكوت عنه لسيرة العربان، والذي جاء عبر الكشف عن الأسباب المتعلقة في الاضطرار للتعايش مع النقيض الثقافي، والذي بدورة شكل تاريخ القبائل العربية في مصر.

وتؤكد ميرال الطحاوي، عبر كتابها على أنها لاتحاول التأريخ لمسيرة عربان مصر أو دورهم الثقافي والاجتماعي، ولا الدفاع عنهم أو إدانتهم لكن على حد قولها “أحاول فقط أن افهم علاقتهم الشائكة بتلك الحاضنة أو الوطن الذي سكنوا فيه، بينما ظل حنينهم الجارف إلى نقيضه”.

وفي كتابها "بنت شيخ العربان" قدمت الطحاوي دراسة مطولة القت فيه الضوء على صورة البدوي المخيلة الشعبية المصرية، وأثر التراث الشفاهي المتداول في خلق تلك الصورة المقدسة.

إلى جانب تقديم شعر غناوة العلم كمثال للترث  الشفاهي النسوي، وتحاول في تتبعها لنصوص هذا الشعر وتحليله من منظور الدراسات الشعبية والفلكلورية. 

وفاء شهاب الدين 

“غواي” لوفاء شهاب الدين 

قدمت الكاتبة الروائية والقاصة وفاء شهاب روايتها "غواي " والتي تنتمي لأدب الصحراء وقد جاءت الرواية كمحاولة للكاتبة في الانفتاح ثقافة الصحراء "البدو" تقول وفاء اضطررت إلى تعلم لهجة البدوية لمعايشة واقع شخوص وأبطال الرواية عوالم روايتها تدور فيما بين الأصالة والحداثة وبين العادات والتقاليد في المجتمع المغلق والانفتاح التي تعيشه المدينة صيفًا عند استقبالها لروادها ومحبيها تتأرجح الأحداث في الرواية بين المعقول والمقبول واللامعقول والمرفوض، ناقشت شهاب عبر غواي وضعية المرأة في نجوع العرب في الماضي والآن.

 حمدي أبو جليل.. "قيام وانهيار الصاد شين" 

يعد حمدي أبو جليل واحد من أبرز من كتبوا في أدب وبحكم  انتمائه الصحراوي كانت أعماله تنقل واقعية التاريخ المهمش لبدو مصر ورحلتهم وتنقلاتهم.

وأشار الكاتب الروائي أحمد مجدي همام، إلى أن حمدي أبو جليل كتب عن هؤلاء الصاد شين، الواقعين في منتصف المسافة بين مصر وليبيا، بل هم أقرب لليبيا بحكم بداوتهم، عكس أبناء وادي النيل المزارعين. 

وحاول القذافي استمالة هؤلاء، ففتح لهم الحدود وكيّف أوضاعهم القانونية وضمهم إلى الجيش الليبي وتحديدًا حراساته الخاصة، وتركّز الكثير منهم في مدينة سبها الجنوبية، لتصبح تلك المدينة وطنًا جديدًا مخترعًا لتلك الهوية الحديثة.

 كان أبناء بدو شمال الصعيد في مصر والحدود الغربية يهاجرون جماعات إلى ليبيا السبعينيات التي كانت تمتلك اقتصاداً قوياً بفضل عوائد النفط. وسعى هؤلاء لحلم الثراء السريع في الجماهيرية، ولم يكتف بعضهم بالاستقرار في ليبيا، بل اتخذها كمحطة لعبور البحر تهريبًا إلى إيطاليا.

وتعكس الرواية جوانب كبيرة من حياة مجتمعات كاملة في غرب مصر وفي جنوب ليبيا، رافد تاريخي يعكس حرص الروائي على البحث والحفر لتغذية نصه بالمعلومة.