رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الفراعنة من أوكرانيا.. ظهرت الحقيقة

الأرمن شعب محب للتفاخر والتباهى، شاعت عنهم نكات كثيرة أيام الاتحاد السوفيتى، منها ادعاؤهم أن الأهرامات الثلاثة أرمينية، فلما سُئلوا عن سبب وجودها فى مصر، عللوا ذلك بأن مساحة أرمينيا صغيرة، ولذلك تركوا الأهرامات فى مصر إلى أن تتسع مساحة بلدهم! 

لكن ذلك الادعاء الهزلى اتخذ صيغة أكثر جدية فى أوكرانيا! فقد عرض المؤرخ الأوكرانى فاليرى بيبك مؤخرًا فيلمًا وثائقيًا من إعداده أكد فيه أن أول فرعون مصرى كان مينا- مينيس- أو مانيس، وهو من أصل أوكرانى من مدينة «مينا» بمقاطعة جيرنوكيفسكى! وبالطبع فإن محتوى الفيلم غير قابل للنقاش للجاد، لكن مغزاه مهم، لأنه استمرار لمحاولات العالم سرقة تاريخ مصر، أو كحد أدنى سرقة آثارها.

وأكثر المساعى العريقة إلحاحًا على ذلك عبّر عنها مناحم بيجين عام ١٩٧٨ خلال مفاوضات كامب ديفيد فى أمريكا، حين أعلن أن اليهود هم من قاموا ببناء الأهرامات! وفى عام ٢٠١٥ أصدرت «الجمعية الجغرافية الأمريكية» الصهيونية وثيقة تجزم بأن الفراعنة كانوا «عبرانيين».

والذين لا يستطيعون سرقة ماضى مصر بأكمله، يجتهدون لسرقته بالقطاعى، وهو ما كشفت عنه مؤخرًا وسائل الإعلام الفرنسية بعد القبض على جان لوك مارتينيز، مدير متحف اللوفر السابق، بتهمة تسهيل بيع قطع أثرية فرعونية إلى متحف اللوفر بأبوظبى بعد تهريب القطع من مصر عام ٢٠١١، من ضمنها تابوت ذهبى للكاهن «عنخ».

والمحصلة النهائية أن السعى الحثيث للتزين بتاريخ مصر لم يتوقف، ولم تتوقف شتى الادعاءات الكاذبة بأن الفراعنة كانوا من أوكرانيا أو الهند والسند أو المكسيك حيث ظهر هناك هرم صغير، وهم يبتغون بذلك نزع ذاكرة مصر من خلاياها وخلع حضارتها من تاريخها، وقد عاشت مصر دومًا تتلفت حولها ما بين لصوص ماضيها ولصوص حاضرها، الذين لم يكفوا عن حصارها بالديون ثم بالغزو والسلاح، منذ أن سعت بريطانيا لبسط سيطرتها على مصر بواسطة القروض، وقصة الخديو إسماعيل معروفة فى ذلك المجال، فقد حصل من مصرف أوروبى على ٥.٧ مليون جنيه إسترلينى.

ولكنه لم يودع فى الخزانة الحكومية من المبلغ سوى ٤.٦٨ مليون جنيه، وعام ١٨٦٦ حصل على قرض لمد خط سكك حديدية ووضع ربع القرض فى جيبه الشخصى، وفى ٨ أبريل ١٨٧٦ توقف الخديو عن سداد فوائد الديون وأعلنت مصر إفلاسها! وبذلك كانوا يسرقون حاضر مصر طالما فشلوا فى سرقة ماضيها.

وما زالت مؤسسات الغرب الرأسمالى تقوم بالدور القديم ذاته، حتى أصبحت هناك آلية لإفقار بلدان العالم الثالث عن طريق تكبيلها بالقروض والديون، آلية تعمل على أساس شروط صندوق النقد، الذى يدفع الحكومات للاقتراض ليس بهدف التصنيع أو التنمية بل لمجرد سد عجز ميزانية الدولة وسداد أقساط الديون السابقة بقروض جديدة.

والآن بعد أن جزمت أوكرانيا بأن الفراعنة من صلبها، صارت مصر تمضى فى العالم مثل امرأة ريفية، تقبض بيدها بقوة على محفظة نقودها تتلفت يمينًا ويسارًا، تحاذر فى الزحام مئات اللصوص الذين يتواثبون حولها ليسرقوا إما حاضرها أو ماضيها، إما أحلامها أو ذكرياتها، لكن امرأة عاشت سبعة آلاف عام، تدفع الهموم بالضحكات، وتروغ من المعتدين باللطف طالما أمكن، أو تنتفض فى وجوههم وترفع الفئوس بعنف أو تعكف على اختراع الفنون والأغانى.. امرأة كهذه بكل هذا الجمال لا تُهزم.