لمنع تصدير المياه.. ماذا بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضر والفاكهة؟
بفضل المشروعات الزراعية المتنوعة التي نفذتها القيادة السياسية على مدار السنوات الماضية، نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضر والفاكهة، وتوجيه الفائض للتصدير واختراق أسواق جديدة بفضل جودة محاصيلها، وهو ما أكده المهندس محمود عطا، وكيل وزارة الزراعة للبساتين والمحاصيل الزراعية، في تصريح له، مضيفا أن مصر حققت اكتفاءً ذاتيًا من محاصيل الخضار والفاكهة، والأصناف القليلة التي يتم استيرادها تكون لتحقيق الرفاهية فقط.
في هذا الصدد خبراء يجيبون لـ"الدستور" عن السؤال بشأن ماذا بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي من الخضر والفاكهة؟
تصدير الخضر والفاكهة في صورتها هو تصدير للمياه
أجاب على هذا السؤال الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي، قائلًا إن مصر أعلنت ارتفاع حصيلة صادراتها الزراعية، وهي في اأغلبها محاصيل الخضر والفاكهة الطازجة والجزء الأصغر يتكون من صادرات القطن والنباتات الطبية والعطرية ونباتات الزينة وبعض المنتجات الأخرى، بما يبلغ ٣ مليارات دولار، وهذا الرقم بطبيعة الحال غير مسبوق بالفعل، ولكن هل تصديرها المحاصيل بصورتها الطازجة يحقق التنمية المستدامة في المدى المتوسط والبعيد، لأن تصديرها في هذا الشكل يعني تصدير المياه إلى دول الخارج.
وأوضح “صيام”، في تصريح لـ"الدستور"، أن الأفضل هو تصدير الخضر والفاكهة في صورة منتجات مصنعة ومجهزة، وليس في صورة مادة خام طازجة، وذلك يحقق العديد من النتائج؛ منها تحقيق قيمة مضافة كبيرة نتيجة لتصنيع أكثر من 5 ملايين طن، تعادل ضعف الكمية الحالية التي يتم تصنيعها من الخضر والفاكهة، وهي 2.5 مليون طن تنتج منتجات مصنعة تصديرية بلغت قيمتها نحو 4.1 مليار دولار في 2021 أي يمكن تحقيق 8 مليارات دولار إضافية فهذا يعني تحقيق قيمة مضافة تصل إلى 5 مليارات دولار.
وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعي إلى أن النتيجة الأخرى من تصدير المحاصيل الزراعية في صورة منتجات هي تعزيز الروابط الخلفية والأمامية بين قطاعي الزراعة والصناعة والتي تتسم حاليا بالضعف، إذ لا تتجاوز نسبة ما يتم تصنيعه من إنتاج الغذاء 8%، وهي نسبة متواضعة بالمقارنة ببعض الدول النامية مثل الهند والبرازيل.
وأضاف أن ذلك كله إلى جانب تشغيل المزيد من القوة العاملة، ورفع كفاءة استخدام المياه، فبدلا من تصدير 5.6 مليون طن تستهلك 2.5 مليار متر مكعب بقيمة 3 مليارات دولار، فسوف يتم تصديرها مصنعة بقيمة 8 مليار دولار، مما يضاعف كفاءة استخدام المياه.
وتابع: وتحسين شروط التجارة بين مصر والعالم الخارجي، خاصة وأن تصدير المواد الخام هو نمط متخلف من التجارة وتمارسه فقط الدول النامية، وتصدير المنتجات المصنعة من المحاصيل الزراعية يساعد في إحلال واردات مصر من المنتجات المصنعة من الخضر والفاكهة.
التصنيع الزراعي يحقق عشرات فرص العمل ويزيد من الميزان التجاري الزراعي
واتفق معه في الرأي الدكتور يحيى متولي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث الزراعية، مؤكدا أن تصدير المحاصيل الزراعية المصرية من الخضر والفاكهة لا يحقق القيمة المضافة المنشودة التى تساهم في تحفيز الميزان التجاري الزراعي المصري، بل تصديرها في صورتها الطبيعية كمحصول يعني تصدير المياه إلى الدول الخارجية التي نواجه مشكلة في توفيرها لزيادة مساحة الرقعة الزراعية.
وقال متولي، في تصريح لـ"الدستور"، إن التصنيع الزراعي للمحاصيل الزراعية يحقق قيمة مضافة مرتفعة، خاصة وأن الكثير من الأسواق تطلب المنتج المصري دون أي منتج آخر، وذكر مثال أن عصير البرتقال المصري موجود بكثرة في العديد من الدول؛ لذلك بدلا من تصدير البرتقال كمحصول يمكن تصنيعه كعصائر وتصديره، الأمر الذي يحقق قيمة مضافة ويروج للسلع الزراعية المصرية بشكل أفضل.
وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث الزراعية إلى أن تصنيع المحاصيل الزراعية سيوفر العشرات من فرص العمل؛ لأن المصانع ستعمل من جديد بكامل قوتها وتحتاج إلى الأيدي العاملة لتدوير آلالاتها، وهناك جانب آخر للتغليف والتعبئة، لذا فهي دورة كاملة من العمل يشارك فيها عدد كبير من العاملين ما يحقق فرص العمل.
وذكر أن الكثير من المحاصيل الزراعية يمكن تحويلها إلى منتج وسلعة غذائية يتم الاستفادة منه سواء في السوق المحلي أو في التصدير للخارج، موضحًا أن الطماطم يمكن تحويلها إلى صلصة، والفراولة تتحول إلى مربى، وغيرها من المحاصيل الزراعية التي يمكن الاستفادة منها لزيادة القيمة المضافة وتعزيز الميزان التجاري الزراعي، بدلا من الاعتماد على تصدير المحاصيل الزراعية ولا يتحقق الربح المنشود.