رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مكافحة داعش فى مراكش

الإثنين المقبل تحلّ الذكرى التاسعة عشرة للهجمات الإرهابية التى شهدتها مدينة الدار البيضاء، كبرى مدن المملكة المغربية الشقيقة، وعاصمتها الاقتصادية. وأمس الأول الأربعاء، استضافت مدينة مراكش، ثالث أكبر مدن المملكة، الاجتماع الوزارى التاسع، والأول فى قارة إفريقيا، لـ«التحالف الدولى ضد داعش»، الذى جرى خلاله تقييم عمل التحالف خلال السنوات الماضية، وتحديد الهفوات التى يتعين تلافيها، وناقش سبل تعزيز التعاون الدولى لمكافحة هذا التنظيم، والجماعات التابعة له.

تأسس التحالف فى سبتمبر ٢٠١٤، لمحاربة تنظيم «داعش» على مختلف الجبهات، وتفكيك شبكاته وتدمير البنى التحتية الاقتصادية والمالية للتنظيم، ومنع تدفق الإرهابيين الأجانب عبر الحدود، ودعم الاستقرار فى المناطق المحررة. ومع انتشار التنظيم وغيره من التنظيمات الإرهابية، فى العديد من دول القارة الإفريقية، أو لكونها باتت هدفًا رئيسيًا للإرهاب، تركزت مناقشات اجتماع الأربعاء على التحديات والتهديدات التى تواجهها القارة السمراء، والتصدى لانتشار التنظيم فيها. 

شارك فى الاجتماع ممثلون عن ٧٩ دولة، من بينهم ٣٨ وزير خارجية، بينما غاب أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، بسبب إصابته بفيروس كورونا، ووزير خارجيتنا، سامح شكرى، الذى كان قد توجّه إلى العاصمة الدنماركية كوبنهاجن، بصفته الرئيس المعين للدورة ٢٧ لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، للمشاركة فى الاجتماع الوزارى حول تنفيذ تعهدات المناخ، الذى عُقد أمس واليوم، برئاسة مشتركة بين مصر، دولة الرئاسة المقبلة للمؤتمر، والمملكة المتحدة، دولة الرئاسة الحالية.

منذ هجمات ١٦ مايو ٢٠٠٣، وضعت المملكة المغربية استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب، مكّنتها من تفكيك أكثر من ٢٠٠ خلية إرهابية. وباسم بلاده، دعا ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربى، فى الكلمة الافتتاحية للاجتماع، إلى ردّ متعدد الأطراف، وتقاسم المعلومات وتعزيز القدرات وتنسيق الجهود المشتركة. وأشار إلى أن الرئاسة المغربية المشتركة لهذا الاجتماع «توفر أرضية إضافية للمملكة من أجل تقاسم التجارب المستخلصة من استراتيجيتها الشاملة لمحاربة الإرهاب». كما أكد أن افتتاح مكتب برنامج محاربة الإرهاب فى إفريقيا، التابع للأمم المتحدة، بالرباط «يمنح آفاقًا يمكن أن تسهم أكثر فى جهود تعزيز قدرات التحالف».

الخسائر التى تكبدتها القارة السمراء، بسبب الإرهاب، بلغت ١٧١ مليار دولار، خلال العقد الماضى، وكان لها تأثير مباشر على الاستقرار السياسى والاجتماعى لدول القارة. وفى كلمته، تحدث السفير حمدى سند لوزا، نائب وزير الخارجية، عن تنامى التهديدات الإرهابية فى إفريقيا، مطالبًا بدعم قدرات دول القارة لمواجهة هذه التهديدات، وأشار إلى افتتاح «مركز الساحل والصحراء لمكافحة الإرهاب» بالقاهرة فى نوفمبر الماضى، وإلى النسخة الثالثة من «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين»، المقرر عقدها أواخر يونيو المقبل، والتى ستركز على جهود إحلال السلم والأمن من ناحية، ودفع جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية من ناحية أخرى، اتساقًا مع رؤية مصر ومقاربتها الوقائية الفعّالة لمعالجة مسببات الإرهاب وجذوره.

أعضاء التحالف الدولى ضد «داعش» جدّدوا التزامهم بضمان القضاء التام على هذا التنظيم فى العراق وسوريا وعلى مستوى القارة الإفريقية والعالم كله. وأكدت فيكتوريا نولاند، نائبة وزير الخارجية الأمريكى للشئون السياسية، أن التنظيم تم إضعافه إلى حد كبير فى العراق وسوريا، لكنها حذّرت من أنه لا يزال يشكل تهديدًا، ويتحين الفرص من أجل إعادة بناء نفسه، داعية إلى التزام اليقظة فى مواجهة التهديد الذى يشكله فى جميع أنحاء العالم، خاصة فى القارة الإفريقية. وقالت إن حكومة بلادها تعتزم تعبئة دعم يقدر بـ١١٩ مليون دولار لصالح إفريقيا، جنوب الصحراء، لمواجهة التحديات التى ساهمت فى تكاثر الجماعات الإرهابية.

.. وتبقى الإشارة إلى أن وزير خارجيتنا كان قد زار العاصمة المغربية الرباط، الإثنين الماضى وغادرها الثلاثاء، وافتتح مع نظيره المغربى مقر السفارة المصرية الجديد. وخلال الزيارة، عقد الوزيران جلسة مباحثات معمقة استعرضا خلالها سبل تعزيز العلاقات الثنائية، والروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين ووحدة مصيرهما وأهدافهما، وتبادلا الرؤى تجاه مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، عربيًا وقاريًا ودوليًا، وجدّدا التأكيد على أهمية تحقيق تعاون دولى فاعل لمواجهة كل التهديدات الأمنية العابرة للحدود، والتصدى للتنظيمات الإرهابية وفكرها الضال.