من أبرز أعضائه سعد زغلول.. كواليس ظهور الماسونية فى مصر
في كتابه “مصر عبر العصور”، والذي رحل الكاتب الروائي الكبير مجيد طوبيا، قبل أن يراه منشورا، وفي مبحث خصصه تحت عنوان “الماسونية في مصر”، يوثق “طوبيا” ويكشف كواليس ظهور مذهب الماسونية في مصر والذين أنتموا إليها.
ويشير “طوبيا” إلي أن الماسون يسمون الله “يعلبون” Jabulon وهي كلمة مركبة اختصارا من ثلاث كلمات: يهوه إله إسرائيل، بعل إله الكنعانيين، و"أون" وهو الاسم العبري لمدينة “عونو” المصرية والمعروفة عند الإغريق باسم “عين شمس”، وكانت عند القدماء مركز العلم والحكمة وعبادة الشمس، ومازالت رموز الماسون أشبه بالهيروغليفية مثل الأهرام والعين اللذين يتصدران ــ حتي اليوم ــ خاتم شعار أمريكا الرسمي وعملتها الورقية.
ــ جورجي زيدان أول من أرّخ للماسونية
ويوضح “طوبيا” أن جورجي زيدان أول من أرّخ بالعربية للماسونية، فأرجعها إلى عهد بناة الأهرام والمعابد الضخمة، وأنها عادت في العصر الحديث مع الحملة الفرنسية سنة 1798 لأن نابليون وكليبر وبعض قواده أسسوا محفلا ماسونيا بها.
ويستدرك “طوبيا”: لكن المرجح أن بعض الإيطالييين أسسوا بالإسكندرية سنة 1830 محفلا على الطريقة الأسكتلندية، تلاه آخر في القاهرة سنة 1838 ثم ثالث 1845 بالإسكندرية اسمه “الأهرام”، تحت رعاية محفل “الشرق الأعظم الفرنسي”، وانضم إليه عدد من الأجانب والأهالي، وبعلم الحكومة المصرية، وكان له الفضل في نشر الماسونية بمصر، إذ كان من أعضائه من غير الأوروبيين الأمير حليم ابن محمد علي، والمطالب بعرش مصر من الخديو إسماعيل، والأمير عبد القادر الجزائري، الثائر الجزائري ضد فرنسا واللاجئ بمصر والشام.
ثم تأسست محافل أخرى تابعة للمجلس العالمي الإيطالي، والمجلس العالمي الفرنسي، والشرق الأعظم الفرنسي، وفي سنة 1867 دخل الإنجليز الحلبة فأنشأ المجلس الأعظم الإنجليزي عدة محافل بالقاهرة وبعد حوالي 14 عاما احتلوا مصر.
ــ جمال الدين الأفغاني يقدم طلبا للالتحاق بالمحفل الماسوني
ويتابع “طوبيا”: جاءت مرحلة الحركة الوطنية أيام الخديو إسماعيل ضد تدخل أصحاب القروض في شئون مصر، فحاول جمال الدين الأفغاني استخدام الماسون من أغراضه السياسية، وكان يريد عزل الخديو إسماعيل وتعيين ابنه توفيق، مادام شعار المحافل: “حرية.. إخاء.. مساواة”. والثابت حاليا أن “الأفغاني” كان إيرانيا، رغم إقامته في كابول العاصمة الأفغانية، وقد كشفت أوراقه الخاصة التي نشرتها جامعة طهران سنة 1963 عن مسودة طلب التحاقه بأحد المحافل الماسونية يوم الخميس 22 ربيع الثاني 1392 هجرية 31 مارس 1875 ميلادية، كتب فيها بخط يده: “يقول مدرس العلوم الفلسفية بمصر المحروسة جمال الدين الكابلي ـــ نسبة إلي كابول ــ الذي مضي من عمره 37 سنة.. بأني أرجو من أرباب المجمع المقدس الماسون الذي هو من الخلل والزلل مصون، أن يمنوا علي ويتفضلوا بقبولي في ذلك المجمع المطهر”.
وإن كان الشيخ محمد عبده ذكر للمستشرق "بلنت" ــ صديق أحمد عرابي ــ في 30 مارس 1903 أن الأفغاني سرعان ما اكتشف عدم جدوى الماسونية فانسحب.
ويلفت “طوبيا” إلى أن المحافل الماسونية اهتمت باستقطاب الشخصيات المؤثرة، واحتضان الجاليات الأجنبية والأقليات مثل اليهود، والتوسع الجغرافي عن طريق دعاية الكتب والصحف.
ولهذا نجد جورج الماسوني نائب القنصل الإنجليزي في مصر قبيل الاحتلال، استغل المحافل لجمع المعلومات، وكان قائد جيش الاحتلال “ولسلي” وبعض جنرالاته مثل سميث وكتشنر وويجنت ممن حكموا مصر والسودان فيما بعد من الماسون.
ــ الخديو توفيق في منصب الأستاذ الأعظم
ويشدد “طوبيا” على أن الخديو "توفيق" ابن إسماعيل كان في منصب “أستاذ أعظم”، وحتى قرب وفاته في يناير 1892 حيث كان قد حل مكانه “إدريس راغب” وهو ابن إسماعيل راغب الذي رأس الوزارة وقت الاحتلال، وهو من أصل يوناني، ثم الأمير محمد علي توفيق، الذي استقال سنة 1927 ليأخذ موقعه بعد سنوات أحمد ماهر باشا.
ونقرأ أسماء أخرى كبيرة انضمت للماسونية في بدايات القرن العشرين، منها ولي الدين يكن، خليل مطران، حفني ناصف، إسماعيل صبري، أحمد فتحي زغلول، سعد زغلول، عدلي يكن، عبد الخالق ثروت، ثم أحمد زكي أبو شادي وبعض الأمراء، وعلي شعراوي، محمد حافظ رمضان، فؤاد أباظة، الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر، اللواءان علي شوقي ومحمد فهمي المتيني، وفي الثلاثينيات: الفنان يوسف وهبي، أحمد ماهر، والشيخ أبو زهرة وغيرهم، وفؤاد سراج الدين رئيس حزب الوفد. لكن سعد زغلول كان “نائب أستاذ أعظم” شرقيا، يلي منصب الأمير محمد علي الشرفي وحتي سنة 1922. بهذه الأسماء الكبيرة ظهرت الماسونية بمظهر الأهمية، وتوسعت جغرافيا فى البلاد العربية، خاصة بيروت رغم أن كنيسة الجزويت اتهمتهم بالكفر والنفاق.