رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فن الاستماع.. مهارة تبدأ بإظهار الاهتمام بالآخرين والتفاعل مع كل حَرف

فن الاستماع
فن الاستماع

فى أغلب المشكلات والأمور الصعبة التى يمر بها الكثيرون، يكون الحل ليس فى الحديث معهم أو إقناعهم بشىء ما، بل فى الاستماع بعناية لكل ما يقولونه، وهو ما انتبه إليه الدكتور آدم جرانت، عالم النفس والكاتب الأمريكى، المؤلف الأكثر مبيعًا فى «نيويورك تايمز»، مضيفًا برنامج «TED podcast WorkLife»، ودفعه لوضع مجموعة من مهارات الاستماع الجيد.

وقال «جرانت»: «الاستماع الجيد أمر نادر، فمن الشائع مثلًا أن يقاطع الأطباء مرضاهم فى غضون ١١ ثانية، على الرغم من أن هؤلاء المرضى قد يحتاجون إلى ٢٩ ثانية لوصف أعراضهم، كما أنه فى أحدث الاستطلاعات، من بين المديرين الذين صنفهم موظفوهم على أنهم أسوأ المستمعين، قيّم ٩٤٪ منهم أنفسهم على أنهم مستمعون جيدون أو جيدون جدًا، بينما قال ثلث النساء المشاركات إن حيواناتهن الأليفة كانت مستمعة إليهن أفضل من شركائهن».

ورأى عالم النفس الأمريكى أن الاستماع الجيد هو أكثر من مجرد قلة التحدث، لكنه عبارة عن مجموعة من المهارات فى السؤال والاستجابة، يبدأ بإظهار المزيد من الاهتمام بمصالح الآخرين، بدلًا من محاولة الحكم على وضعهم.

وشرح: «عندما نحاول جعل الناس يتغيرون، قد تكون هذه مهمة صعبة، وحتى لو كانت لدينا نوايا حسنة، يمكننا بسهولة تنصيب أنفسنا كواعظين جالسين على المنبر، أو نضع أنفسنا محل المدعى العام الذى يقدم حجة ختامية أو سياسية عندما يلقى خطابًا».

وأضاف: «نحن جميعًا معرضون لـ(رد الفعل الصحيح)، كما يصفه عالما النفس ويليام ميلر وستيفن رولنيك، وهو ما يعنى الرغبة فى إصلاح المشكلات وتقديم إجابات، لكن الشخص الماهر فى إجراء المقابلات التحفيزية يقاوم هذا الرد». وفى سلسلة من التجارب، أدى التفاعل مع مستمع متعاطف منتبه لا يحكم على الآخرين، إلى جعل الناس أقل قلقًا ودفاعية، وشعروا بتخفيف من الضغط الواقع عليهم، لتجنب التناقضات فى تفكيرهم، ما شجعهم على استكشاف آرائهم بشكل أعمق.

ويهتم المستمعون المتميزون بجعل جمهورهم يشعر بالذكاء، فلا تقتصر فوائد الاستماع هذه على التفاعلات الفردية، ويمكن تجربة «الاستماع الجيد» فى مجموعات، وهو ما يعرف بـ«دائرة الاستماع»، حيث تتيح هذه الدائرة لكل شخص التحدث بما يدور فى ذهنه، فيما يستمع إليه الآخرون باهتمام.

ويوصى علماء النفس بممارسة هذه المهارة بالجلوس مع أشخاص يصعب علينا أحيانًا فهمهم، وتكمن الفكرة فى إخبارهم بأننا نود سماع أفكارهم، وسنستمع إليهم لبضع دقائق قبل الرد.

وفيما يلى عدة طرق رئيسية لتصبح مستمعًا جيدًا:

** ضع هاتفك أو أى مشتت آخر بعيدًا.. هل سبق لك أن فتحت بريدك الإلكترونى الخاص بالعمل، مع عرض فيلم فى الخلفية، أثناء مراسلة صديق أيضًا؟.. عندما تنفذ مهام متعددة، ينقسم انتباهنا بين عدد من المعلومات، قد لا نكون جيدين فى استيعابها جميعًا، لهذا ركز جيدًا فى ما تستمع إليه من أحدهم.

** أظهر اهتمامك بكل حرف تسمعه، فالاستماع الجيد لا يعنى أن نكون مجرد تماثيل تمتص المعلومات، بل يمكننا طرح الأسئلة التوضيحية أو المفتوحة إلى الشخص الآخر الذى توليه اهتمامًا وتشجعه على سرد التفاصيل. 

** كما علينا أن نستمع دون حكم، لجعل الشخص الآخر يشعر بالدعم والأمان، وهذا يعنى قبول معتقداته وقيمه وخبراته، حتى عندما تختلف عن معتقداتنا.

** استخدم تعبيرات وجهك للتفاعل مع من يتحدث إليك، والاتصال المباشر بالعين، وهو ما يعرف بـ«قوة الاتصال غير اللفظى»، فمجرد إيماءة بسيطة هى وسيلة للتعبير عن أنك منخرط بما يقوله لك أحدهم، ودعوته أيضًا إلى الاستمرار فى الحديث وقول المزيد.