«التخطيط»: تعميق التصنيع قضية أمن قومي.. والصناعة تساهم بـ 12% في التشغيل والاستثمارات
أطلق معهد التخطيط القومي الذراع البحثية لوزارة التخطيط، سلسلة أوراق بحثية حول مشروع تعميق التصنيع المحلى في مصر، بهدف تحديد توجهات تعميق التصنيع المحلى في ضوء الدروس المستفادة من جائحة كورونا، انطلاقًا من أهمية قضية تعميق التصنيع المحلى وتتجاوز مجرد إقامة صناعات تعتمد على معدات ومستلزمات إنتاج وتكنولوجيا تستجلب غالبيتها من الدول الصناعية المتقدمة، إلى جعل الصناعة تكتسب عمقًا محليًا من خلال تعظيم مساهمة الموارد والطاقات البشرية والقدرات العلمية والتكنولوجية الوطنية في بناء هيكل صناعي متماسك.
من جانبها، أكدت الدكتورة سهير أبو العنين الاستاذ بمركز السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومي، أن تعميق التصنيع المحلى بدا أكثر أهمية من أي وقت مضى، ويرتبط بذلك تحديد أولويات الصناعات التي تؤدى إلى تحقيق قدر معقول من الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية لتلبية الاحتياجات المحلية، ولحماية الدولة ليس فقط من احتمالات الأوبئة، ولكن من أي مخاطر محتملة سواء أوبئة أو كوارث مناخية أو أزمات سياسية.
وأضافت «أبو العنين» أن صحة المواطن هي قضية وجود وأمن قومي، وهي تتطلب توافر منتجات تتشابك مع عدد كبير من الصناعات والأنشطة كالأدوية، أجهزة طبية ومستلزمات مستشفيات، مستشفيات تغطى كافة المناطق بسعة استيعابية كافية وخدمات، وهذه الأنشطة بدورها تتشابك مع أنشطة أخرى توفر لها احتياجاتها من المدخلات اللازمة للإنتاج، خاصة في ضوء الاتجاه لتقييد العولمة بالنظر إلى خطورة ما أسفرت عنه من تفكيك الصناعات الوطنية وتوزيع عمليات الإنتاج جغرافيًا في إطار ما يعرف بسلاسل القيمة العالمية.
وأشارت إلى أن الصناعة تمثل المحور الأساسي لكافة الأنشطة الاقتصادية في مصر، فهي تساهم بشكل مؤثر بكافة مجالات الاقتصاد القومي، ففي سنة 2016-2017 ساهمت الصناعات التحويلية بحوالي 16% من الناتج المحلى الإجمالي، و12% في التشغيل وفى الاستثمارات، إلا أن مساهمتها تزيد كثيرًا في التجارة الخارجية حيث تساهم بما يزيد عن نصف الصادرات السلعية، وبما يقرب من 60% من إجمالي الواردات السلعية، وهو ما يتطلب الاهتمام بشكل خاص بالسياسات التجارية المرتبطة بالصناعة.
وفيما يتعلق بهيكل الناتج المحلى للصناعة التحويلية، أوضحت أن صناعة تكرير البترول والفحم تستحوذ على حوالي 23.2% من إجمالي ناتج الصناعة التحويلية، ويكاد يحتكرها القطاع العام بما يزيد عن 80%، فيما تأتى الصناعات المعدنية الأساسية في المرتبة الثانية بنسبة 16.1%، ويليها الصناعات الغذائية بنسبة 15.8%، ثم الكيميائية بحوالي 6.4%.
وتابعت أن أكثر من 40% من جملة المشتغلين في الصناعات التحويلية يعملون في الصناعات الغذائية والمنسوجات، ورغم أن صناعة المنتجات النفطية والفحم تساهم بأكثر من 23% من الناتج الصناعي إلا أن العمالة فيها لا تتجاوز 3.7%، مما يعكس طبيعة الفن الإنتاجي كثيف رأس المال في هذه الصناعة، وتتضح أيضًا أن القطاع العام تنحصر مساهمته في الصناعة على البترول ونسبة من الصناعات المعدنية الأساسية، وتتمثل أساسًا في الحديد والصلب، ونسبة أقل من الصناعات الدوائية، بينما يسيطر القطاع الخاص على الصناعات الأخرى.