رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جهود عربية لحل الأزمة الأوكرانية!

اجتماع تنسيقى، عبر الفيديو كونفرانس، عقدته «مجموعة الاتصال العربية» على المستوى الوزارى بشأن الأزمة فى أوكرانيا، أمس الأول السبت، استعدادًا للجولة، التى تبدأ اليوم، الإثنين، إلى العاصمة الروسية موسكو والعاصمة البولندية وارسو، لإجراء مباحثات مع الجانبين الروسى والأوكرانى حول سبل التوصل إلى حل لهذه الأزمة، التى يعيش العالم حاليًا تداعياتها الخطيرة، خاصة على الصعيدين الإنسانى والاقتصادى.

شارك فى الاجتماع، وقد يشارك فى الجولة، أحمد أبوالغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، وسامح شكرى، وزير الخارجية، ووزراء خارجية العراق والسودان والجزائر، وممثل الأردن الدائم لدى الجامعة. وكلهم، كما هو واضح، يجمعهم موقف دولهم المعتدل من الأزمة الأوكرانية، الذى يمكن وصفه بالحياد الإيجابى. وبالإضافة إلى الاستعداد للجولة، التى لم نعرف بعد باقى محطاتها، قال البيان الصادر عن الخارجية العراقية إن المجتمعين ناقشوا تداعيات الأزمة وتأثيراتها، وعددًا من الملفات ذات الاهتمام المُشترَك.

بدعوة من مصر، عقد مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، اجتماعًا طارئًا، فى ٢٨ فبراير الماضى، جرى خلاله الاتفاق على تشكيل مجموعة اتصال لمتابعة وإجراء المشاورات والاتصالات اللازمة مع الأطراف المعنية بهدف المساهمة فى إيجاد حل دبلوماسى. وفى ختام أعمال ذلك الاجتماع الطارئ، أو غير العادى، أكد المجلس، فى بيان، على أهمية احترام مبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، ودعم المساعى الهادفة إلى تخفيف حدة التوتر، لتسوية الأزمة سياسيًا والحد من تدهور الموقف، والحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، و... و... وكل ما يكفل عودة الحياة إلى مجراها الطبيعى. 

الأزمة، كما كل التوترات السابقة بين روسيا وحلف الناتو، ألقت بظلالها على الدول العربيّة، لكونها أكبر مورد للطاقة فى العالم، إضافة إلى موقعها الاستراتيجى المهم، والعلاقات القائمة والتحالفات، المعلنة وغير المعلنة، بين الأطراف المختلفة. وعليه، وبعد ١٠ أيام من الاجتماع المشار إليه، تحديدًا فى ٩ مارس الماضى، عقد مجلس الجامعة اجتماعًا على مستوى وزراء الخارجية، أعاد فيه التأكيد على كل ما ورد فى البيان السابق، وكان أبرز ما تضمنه البيان الجديد، إشارته إلى أن الدول العربية ترى خطورة استمرار التوجه نحو تصعيد الأزمة، وتؤكد على تمسكها بعدم تسييس عمل المنظمات الدولية والمتخصصـة ذات الطابع الفنى فى مختلف المجالات، وتجنب المواجهات السياسية والدبلوماسية المتزايدة، وتجنب أى ازدواجية للمعايير الدولية.

مع جولة، محاولة أو جهود، «مجموعة الاتصال العربية»، أعلنت الصين أيضًا أنها تسعى إلى تحقيق السلام فى أوكرانيا، لكن «بطريقتها الخاصة». وفى تصريحات، نقلتها قناة «آر تى» الروسية، أمس الأول السبت، قال لوتونج وانج، مدير القسم الأوروبى بالخارجية الصينية، إن بكين تدعم المفاوضات بين أوكرانيا وروسيا، لكنه دعا إلى عدم المبالغة فى الدور الذى يمكن أن تلعبه بلاده فى هذا النزاع، موضحًا أن مفتاح الحل «ليس فى يد الصين، بل فى يد واشنطن وبروكسل وموسكو»، وأن الأزمة قد تنتهى «إذا اتصل الرئيس الأمريكى بالرئيس الروسى وقال إن الناتو لن يتوسع، ولن ينشر أسلحة استراتيجية، وستكون أوكرانيا دولة محايدة».

الإشارة قد تكون مهمة إلى أن الصين ما زالت تتلقى التحذيرات أو الإنذارات الغربية. كما لا يزال خلط الأوراق على الساحتين الأوروبية والدولية مستمرًا لعرقلة التوصل إلى حل سياسى، أو اتفاق للتهدئة أو وقف التصعيد، أو حتى إحداث أى تغيير فى إيقاع الأزمة الأوكرانية ومساراتها.

أخيرًا، ولأن مفتاح الحل، والربط أيضًا، فى يد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، فإن الجولة العربية، قد تنتهى إلى لا شىء. لكن يكفينا شرف المحاولة، وما قد يطمئن قليلًا هو أن الحكومة الأوكرانية تعتقد أن أولى الإشارات الإيجابية بدأت تظهر، بعد أسابيع من المفاوضات. بل إن المحادثات المباشرة بين الرئيسين الروسى والأوكرانى باتت محتملة، وقد يلتقيان قريبًا، بحسب ديفيد أراخاميا، كبير المفاوضين الأوكرانيين، الذى أشار فى تصريحات تليفزيونية، مساء السبت، إلى وجود تقدم كبير بشأن مسودات الوثائق المتعلقة بالمفاوضات.