رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كوكب اليابان الصديق

بعيدًا عن الدول التى تسعى إلى الصدام والتناحر، تبحث مصر واليابان عن التلاقى ونقاط التقاطع. وأمس الأول الأحد، تلقى سامح شكرى، وزير الخارجية، اتصالًا مرئيًا، من نظيره اليابانى يوشيماسا هاياشى. وفى اليوم نفسه، اجتمع محمد معيط، وزير المالية، مع وفد من الوكالة اليابانية للتعاون الدولى «جايكا» بالقاهرة.

العلاقات المصرية اليابانية قوية وراسخة، وترتكز على الاحترام المشترك، والمنفعة المتبادلة، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية. وخلال الـ٦٥ سنة الماضية، تحديدًا منذ سنة ١٩٥٧، تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية. ثم توطدت تلك العلاقات التاريخية بزيارة رئيس الوزراء اليابانى السابق شينزو آبى إلى القاهرة، سنة ٢٠١٥، التى تبعتها زيارة الرئيس السيسى إلى طوكيو فى ٢٠١٦، و... و... واستمر التنسيق المتبادل بين البلدين بشأن العديد من الملفات الإقليمية والدولية، وتواصل ضخ المزيد من الاستثمارات اليابانية إلى مصر.

هناك أيضًا تعاون ثلاثى بين مصر واليابان وقارة إفريقيا، تنظمه اتفاقية موقعة سنة ١٩٨٩. وعليه، تباحث وزيرا خارجية البلدين، خلال اتصال الأحد، بشأن سُبُل مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة، وتطرقا إلى آليات التعاون المختلفة لصالح دول القارة السمراء، وأوجه التنسيق فى مؤتمر طوكيو الدولى للتنمية الإفريقية، TICAD، الذى من المقرر أن تستضيف تونس دورته، أو قمته، الثامنة خلال العام الجارى، مع الإشارة إلى أهمية أن تركز هذه القمة على دعم اقتصاديات دول القارة فى ظل التحديات المرتبطة بوباء كورونا أو بالتطورات الدولية الأخيرة. كما بحث الوزيران أوجه التعاون فى إطار الجهود الجارية، لاستضافة مصر الدورة ٢٧ لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المُناخ المقرر عقدها فى نوفمبر المقبل.

تحت شعار «دفع التنمية الإفريقية من خلال الشعوب والتكنولوجيا والابتكار»، انعقد مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية الإفريقية، «تيكاد ٧» فى أغسطس ٢٠١٩، برئاسة مصرية يابانية، وبمشاركة قادة وزعماء الدول الإفريقية، وعدد من المنظمات والمؤسسات الدولية. وخلال ثلاثة أيام، جرى تناول التحولات الاقتصادية، تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الأمن والاستقرار. وانتهت أعمال القمة، بتحديد آفاق التعاون للسنوات الثلاث المقبلة، والعمل على تنفيذ ما تتطلع إليه شعوب القارة والتصدى للتحديات التى تواجه تهيئة المناخ المناسب لتحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد شراكة فعالة بين القطاعين العام والخاص، عبر مجموعة من الأفكار المبتكرة، تتناسب مع واقع وإمكانات القارة وثرواتها البشرية. 

مناقشات مثمرة، اتسمت بالصراحة والشفافية، شهدتها جلسات القمة، التى بدأت وانتهت بتأكيدات حملتها كلمتا الرئيس السيسى، فى جلستى الافتتاح والختام، على أن مسيرة الـ«تيكاد» يجب أن تتواصل وتستمر فى دعم التنمية الشاملة والمستدامة فى القارة الإفريقية، من خلال ركائزها الثلاث: الإسراع فى التحول الاقتصادى وتحسين مناخ الأعمال، تطوير مجتمعات مستدامة ومرنة، وتعزيز السلم والاستقرار. وما من شك فى أن عملية البناء على هذه الركائز الثلاث، كما قال الرئيس، تتطلب وجود آليات متابعة فاعلة، حتى تتماشى مع الرؤية والأولويات الإفريقية وفق أجندة ٢٠٦٣ وأهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠ الأممية.

تأسيسًا على ذلك، أعرب وزير المالية، خلال اجتماعه، أمس الأول، مع وفد الوكالة اليابانية للتعاون الدولى، «جايكا»، عن تقديره مسيرة التعاون التنموى مع اليابان؛ باعتبارها من شركاء التنمية الدوليين، لافتًا إلى أن مصر حريصة على الاستفادة من تجربتها الملهمة فى مجال التنمية البشرية التى تعد نموذجًا رائدًا، وعنصرًا أساسيًا لدعم جهود التنمية فى مواجهة ظاهرة الفقر وتحسين جودة الحياة، وزيادة فرص العمل. ومن جانبه، أكد الوفد حرص اليابان على تعزيز التعاون التنموى مع مصر، مع التركيز على دعم جهود التنمية البشرية فى قطاعات الصحة والتعليم والثقافة، وأشار إلى اهتمام الوكالة بمتابعة جهود توفير الدعم اليابانى لمشروعات البنية الأساسية، واستكشاف مجالات جديدة للتعاون، خاصة ما يتعلق بمواجهة ظاهرة «التغير المناخى»، بالتزامن مع استضافة مصر الدورة المقبلة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية.

.. وأخيرًا، هناك آفاق واسعة للعمل المشترك وتعزيز وتطوير العلاقات مع كوكب اليابان الصديق، والاستفادة من تجربته ودعمه، لاستكمال ما قامت به مصر من جهود، طوال السنوات السبع الماضية، لإرساء دعائم التنمية المستدامة.