رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قصة كتاب إرهابي رفض أمير «التكفير والهجرة» طباعته (تفاصيل)

 أمير «التكفير والهجرة
أمير «التكفير والهجرة

رصد الباحث الباكستاني "دليب هيرو"، في كتابه "الأصولية الإسلامية في العصر الحديث" التنظيمات والجماعات الإرهابية التي خرجت من رحم الإخوان٬ لافتا إلى أنه من غير المستغرب أن الحرية التي منحت للأصوليين قد أدت إلى ظهور مجموعات أكثر راديكالية من الإخوان، ومن بين هذه المجموعات الجديدة "التحرير الإسلامي".

وقد شنت جماعة التحرير الإسلامي في يونيو 1974 هجوما مسلحا على الأكاديمية العسكرية الفنية المتواجدة في إحدى ضواحي القاهرة لكي تستولي على أسلحتها قبل الزحف إلى المركز الرئيسي للحزب الحاكم المتواجد في وسط القاهرة- حيث كان من المقرر أن يلقي الرئيس الراحل محمد أنور السادات خطابا هناك- للإطاحة بالحكم وإنشاء دولة إسلامية وفشلت في مهمتها، إلا أن هذا الهجوم الذي أسفر عن مصرع 30 من الجنود قد أكد للحكومة أن هناك إرهابيين إسلاميين ينتظمون في أعمال سرية خارج نطاق جماعة الإخوان.

وأوضح "هيرو" أنه وبعد عام من هذه الواقعة أصدر السادات عفوا عاما عن الإخوان، وسمح لهم بإعادة تنظيم صفوفهم وقواتهم، وقد انتخب ستة من أعضاء الإخوان أعضاء في البرلمان وفقا للائحة الحزب الحاكم بقيادة صالح أبورقية، وقد عوملوا معاملة طيبة من الحكومة وسمح لهم بإصدار جريدة شهرية تحت عنوان "الدعوة"، وكانت الجريدة تطبع وتنشر بمعرفة عمر التلمساني الذي كان يعمل محاميا وأحد قادة جماعة الإرهابية، والذي كان قد صدر ضده حكم بالسجن عام 1945 ثم سمح له فيما بعد بالسفر إلى السعودية.

ورغم أن جماعة "الدعوة" كانت تشترك مع السادات في مناهضة الشيوعية والأفكار الناصرية، إلا أنها كانت تعارض سياسة السادات التي تقود مصر نحو المعسكر الأمريكي مع الموافقة التامة على خطة السلام في الشرق الأوسط التي يرعاها الأمريكيون.. بينما كان الأعضاء التسعة المستقلون من الإخوان في البرلمان، بقيادة سعيد رمضان، كانوا يتمتعون بقدر من التأييد الشعبي، حيث كانوا أكثر راديكالية من مجموعة الدعوة.

لقد نجح السادات في استقطاب العديد من قادة وزعماء الإخوان وإدخالهم في النواحي السياسية، إلا أن هذا قد أدى بدوره إلى خروج العديد من التنظيمات الإرهابية وتشكيل جماعات راديكالية سرية، وأشهر هذه الجماعات "المكفراتية" أي المناهضين للكفر والإلحاد، وجماعة جند الله، ومنظمة الجهاد، والتكفير والهجرة، وكل هذه الجماعات الجديدة كانت تعارض الحكومة في عنف شديد.

وأكد "هيرو": وقد لعب أعضاء التكفير والهجرة دورا رئيسيا في أعمال النهب وحرق الملاهي الليلية على طول الشريط الذهبي الملىء بالرقص (يقصد شارع الهرم)، وكان هذا التنظيم بقيادة "شكري أحمد مصطفى"، وهو مهندس زراعي كان قد ألقي القبض عليه عام 1965 ضمن من قبض عليهم من الإخوان.. وبعد إطلاق سراحه من السجن بدأ شكري مصطفى يجند أعضاء جددا لكي ينضموا إلى مجموعته.

ولخص اسم الجماعة "التكفير والهجرة" إيديولوجيتها وخططها وتكتيكاتها.. وفي المسودة التي كتبها شكري مصطفى بعنوان "التوسمات"، والتي رفض طبعها بهدف تجنب التحريم المتعلق بالمطبعة والطباعة، نجد أنه دعا المؤمن إلى الهرب من أخطار الشرك، وتجنب التعرض للتعذيب على أيدي الكفار والملحدين، وبعدئذ ينبغي عليهم أن يعلنوا الجهاد بهدف إنشاء دولة إسلامية.. ويشير مصطفى إلى أن تدمير الملحدين وتدمير دولتهم لا يتحقق بينما المؤمنون ما زالوا يعيشون بينهم.

وتابع: ونظرا لأن أتباع مصطفى كانوا ينظرون إلى الموظفين الدينيين (يقصد أئمة المساجد) على أنهم من الكفرة الملحدين فإنهم كانوا يقاطعون الصلاة التي يؤمونها ويصلون معا في منازلهم، وكانوا يتزوجون من بين داخل أفراد الجماعة فقط ويمنعون أطفالهم من الذهاب للمدارس الحكومية، بل كانوا يرفضون الذهاب لأداء الخدمة العسكرية في الجيش.

وكان هذا التنظيم يضم خلايا سرية مهمتها مهاجمة الملاهي الليلية ودور السينما والبارات، فألقت قوات الأمن القبض على 60 عضوا من هذه الجماعة، فأثار ذلك سخط الأعضاء الشبان وطالبوا بالإفراج عن المقبوض عليهم، وعندما لم تستجب الحكومة لمطالبهم قاموا باختطاف الشيخ محمد حسين الذهبي، وزير سابق للأوقاف، لأنه كتب مقالة تهاجم الجماعة.. ورفضت الحكومة مطلبهم فقتلوا الشيخ الذهبي، فقامت قوات الأمن بمهاجمة جماعة التكفير والهجرة المنتشرة في أنحاء الجمهورية، وتم إلقاء القبض على 620 منهم، كما تم محاكمة 465 منهم أمام محاكم عسكرية، وتم إعدام خمسة منهم من بينهم زعيمهم شكري مصطفى.

وكشفت التحريات الرسمية عن أن هذا التنظيم يتراوح أعضاؤه ما بين 3000 و5000 عضو ينتمون إلى جميع أنواع الطبقات الاجتماعية وينتشرون في أرجاء البلاد.