رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معهد الدراسات الأمنية الفرنسي: «داعش» يعيد بناء نفسه بإفريقيا ورفع مؤشرات الخطر (تقرير)

داعش
داعش

يعيش تنظيم داعش الإرهابي حالة من الانهيار، خاصة بعد تحرير العراق وأجزاء كبيرة من سوريا، إذ أدت خسائره الإقليمية والعسكرية والضغوط المالية إلى انخفاض عدد المقاتلين النشطين لديه إلى حوالي 12000 بعد أن كان نحو 70000 عام 2015، في ظل توقف المنضمين الجدد.

وهناك تحذيرات من أن يتجه داعش الإرهابي إلى التوجه إلى مناطق جديدة، وترسيخ وجوده في القارة الإفريقية، في ظل الأزمات الموجودة حاليا داخل عدة دول داخلها.

- انتكاسات داعش.. وأزمات إفريقيا أرض خصبة للإرهاب

بحلول منتصف عام 2017 خسر داعش حوالي 60% من أراضيه و80% من عائداته، ووجّه هذا ضربة كبيرة للخلافة المعلنة من طرف التنظيم، لكن من غير المرجح أن تشير هذه الانتكاسات إلى نهاية داعش قريبًا، فالعوامل التي أدت إلى إنشاء المنظمة والدعم الكبير لجدول أعمالها، لا تزال موجودة، حسب تقرير نشرته البنتاجون.

- مخاطر داعش على القارة السمراء
حدد تقرير حديث للأمم المتحدة الخطوط العريضة لعدد من التهديدات الناشئة عن الوضع المتغير في العراق وسوريا، حيث يسلط الضوء على المخاطر المتزايدة للهجمات الإرهابية من قبل العناصر المنفردة من الموالين لداعش المحليين في كل دولة، خاصة في أوروبا.

يشير التقرير أيضًا إلى أن تنظيم داعش يقيّم إمكانية إعادة تجميع صفوفه، ربما في دول غير مستقرة حيث يتواجد فيها، على رأسها ليبيا.

ويُعتقد أن الجماعة تحاول بشكل متزايد دعم شبكاتها وتعزيز وجودها في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا، ومن المحتمل أن يستمر المقاتلون الإرهابيون الأجانب في الفرار من العراق وسوريا، والعودة إلى بلدانهم الأصلية تحت ستار اللاجئين، أو محاولة الانضمام إلى الجماعات التابعة لداعش في مناطق أخرى.

وتشير التقديرات الأمريكية إلى أن ما يقرب من 10000 مقاتل قد انضموا إلى داعش من شمال إفريقيا.

وهناك ديناميكية أخرى من المحتمل أن تؤثر على الاتجاه الذي سيتخذه داعش، وهي تنافسه مع القاعدة منذ عام 2014، فقد بنى داعش حملة دعائية فعالة تستند إلى نجاحاته في ساحات المعارك، وقدرته على السيطرة على الأراضي وإعلان الخلافة بعلم موحد وعلامة محددة بنت له اسمه وصورته سريعًا، بالإضافة إلى الازدهار المالي الذي كان بحوزة التنظيم، فاستطاع أن يصنع هذا النوع الجديد من التطرف العنيف هالة قوية جعلته يحصل على دعم أكثر من 30000 مقاتل أجنبي منذ عام 2011، بجانب المجندين المحتملين للقاعدة الذين اجتذبتهم دعاية داعش فتركوا القاعدة وانضموا لداعش، بالاضافة إلى الجماعات والأفراد المرتبطين بالقاعدة حول العالم الذين تحولوا لداعش أو بايعوا الخلافة.

ومع ذلك، قال تقرير نشره معهد الدراسات الأمنية الفرنسي إن الولاء لداعش ليس ثابتًا، حيث قد أدت الانتكاسات الأخيرة للتنظيم، فضلًا عن الزيادة التدريجية في قدرات القاعدة، إلى تقويض آفاق نموها وتحديدًا في إفريقيا جنوب الصحراء حيث تتمتع القاعدة بموطئ قدم أقوى، قوة لم تضعف على الرغم من وفاة الظواهري وأسامة بن لادن، بل تستمر بنفس مكانتها، وهو الأمر الذي لا يتمتع به داعش رغم ما امتلكه من قوة لا زالت لا تمتلك أساسا قويا كالذي لدى القاعدة في عدة مناطق ودول.

وتابع التقرير أن محاولة انتشار داعش في إفريقيا قد تخلق تنافسية عنيفة بين الفصيلين بالإضافة إلى محاولة هذه المجموعات التفوق على بعضها البعض من حيث زيادة الهجمات والوحشية ليثبت كل طرف قوته، ولا زالت الأوضاع غير محددة لمعرفة كيث سيوثر ذلك على إفريقيا في القريب العاجل، حسب التقرير.

واستكمل المعهد في بحثه وتقريره أن داعش لم تكن أولوية أيديولوجيته من إفريقيا، ومع ذلك، منذ عام 2014، وسعت المجموعة نفوذها في القارة من خلال شبكة من الشركات التابعة في مناطق غرب وشمال وشرق إفريقيا، حيث أصبحت شمال إفريقيا الأكثر أهمية بالنسبة لداعش، مع الجماعات التابعة له في المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر استطاعت أن تحقق قوة سريعة في إفريقيا وتتوسع بشكل أسرع من بدايتها في العراق والشام.

ويزعم التقرير أن المنطقة ساهمت بأكبر عدد من المقاتلين بتقديرات تقترب من 10000 مقاتل انضم إلى داعش، ومن الواضح أن رسالة داعش كان لها صدى لدى الكثيرين في شمال إفريقيا، حيث من المرجح أن تركز الجماعة اهتمامها سواء من حيث إعادة التجميع أو توسيع قدرتها على العمليات.

وحذر التقرير الأمنى الفرنسي من أن هناك مخاطر كبيرة من توغل داعش في إفريقيا.

ورغم عدم نجاح تنظيم داعش في ترسيخ وجوده بقوة في مناطق أخرى، إلا أنه قد يتم استغلال العوامل المؤثرة في القارة وتغيير الدوافع التي كان يستخدمها التنظيم لتجنيد الأعداد في إفريقيا، والتي قد تتمحور حول الظروف الاجتماعية والاقتصادية والمظالم السياسية المحلية والتركيز الأيديولوجي لداعش على فكرة الخلافة التي كان ينشرها في الشرق الأوسط والدول الإسلامية لاستقطاب المسلمين نحو فكرة القوة الإسلامية الواحدة، وهو ما لن تجده في إفريقيا فتستخدم وتستغل الظروف الاقتصادية والاقتتال الداخلي والفوضى الأمنية وغيرها من الظروف الاجتماعية والأمنية السيئة التي تعاني منها العديد من دول القارة.

وتابع التقرير أنه في غرب إفريقيا، تعهدت «بوكو حرام» بالولاء لداعش في عام 2015، ومع ذلك، لا تعتمد الجماعة على داعش للحصول على الموارد أو الدعم التشغيلي، ولا تزال قاعدة تجنيد «بوكو حرام» تنبع أساسًا من شمال شرق نيجيريا وبلدان منطقة بحيرة تشاد في الساحل الغربي، بالإضافة إلى حشد داعش لدعم جماعة منشقة عن القاعدة في مالي لكن وجود الجماعة في المنطقة لا يزال هامشيًا.

أما في شرق إفريقيا، بايعت جماعة منشقة عن حركة الشباب تنظيم داعش في عام 2015، لكنها لم تنجح في ترسيخ وجودها في الصومال بعد.

ومع مواجهة الضغوط في العراق وسوريا، يمكن تنفيذ عدد من السيناريوهات، كان هذا ما قاله أبومحمد العدناني، رئيس العمليات الخارجية لداعش الذي قُتل العام الماضي، موضحا أن إحدى الاستراتيجيات ستكون أن تنحى الجماعة مؤقتًا تطلعاتها الخاصة بإقامة دولة والعودة إلى استراتيجيات إرهابية أكثر تقليدية والعمل تحت الأرض لإعادة بناء القوة مرة أخرى على الأرض.

علاوة على ذلك، ففي أعقاب الهزيمة في الموصل، دعا أبوبكر البغدادي، زعيم داعش الذي قتل في غارة أمريكية عام 2019، مؤيديه إلى الامتناع عن السفر إلى العراق، والتركيز على تعزيز شبكاته في أماكن أخرى، لذلك قد يحاول داعش إعادة تجميع صفوفه باستخدام التنظيمات التي بايعته في إفريقيا وجنوب شرق آسيا.

ودعت قيادة داعش أنصارها إلى شن هجمات صغيرة على غرار الذئاب المنفردة في بلدانهم الأصلية.

وحسب التقرير، فإنه رغم أن الأهداف الغربية هي أولوية داعش، إلا أن هناك مخاطر كبيرة على إفريقيا، مؤكدا أنه يجب على صانعي السياسات في القارة تركيز جهودهم على ثلاثة عوامل خطر، وأن تكون هناك جهود عالمية منسقة لمنع داعش من إعادة تجميع نفسها واكتساب موطئ قدم أقوى في شمال إفريقيا.. يجب تعزيز التعاون الإقليمي في غرب وشرق إفريقيا لمنع المجموعة من توسيع نفوذها.

وأشار إلى أنه يجب على صانعي السياسات الأفارقة أن يكونوا يقظين بشأن الديناميكيات السببية المرتبطة بالتطرف العنيف والإرهاب، حيث تسهم عوامل مثل الفساد وضعف سيادة القانون وانتهاكات حقوق الإنسان والتمييز والإجراءات القمعية ضد مجتمعات عرقية ودينية معينة في نقاط الضعف التي يمكن أن يستغلها داعش.