بايدن- ترامب.. و«لوبي» أبناء سام
انتخابات أمريكية- مثيرة- انتهت بفوز الديمقراطي جو بايدن، المنافس الشرس أمام الجمهوري دونالد ترامب.
لكن اللافت في الانتخابات الأمريكية- هذه المرة- صمت اللوبي الصهيوني، فعلى مدار العقود الماضية كان للعلاقات بين واشنطن وتل أبيب طابع خاص، فقدمت الإدارات الأمريكية كل الدعم لإسرائيل، ترامب ذاته قدم خدمات جليلة لإسرائيل، نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، ولغى الاتفاق النووي مع إيران، ليس هذا فحسب، بل واعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتل.. بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفسه قال إن ترامب فرصة تحدث مرة واحدة، فهو أعظم صديق على الإطلاق لإسرائيل.
الإسرائيليون، في استطلاع رأي للمعهد الديمقراطي، فضلوا فوز ترامب، على أن يصبح بايدن نائبا له.
%56 من اليسار الإسرائيلي اختاروا في عدد من استطلاعات الرأي- هو الآخر- بايدن، أما 75% من اليمين فاختاروا ترامب، باعتباره الأفضل لمصلحة إسرائيل.
في اعتقاد الجميع، خاصة مجتمعنا العربي، أن اللوبي الصهيوني يحكم أمريكا، وله اليد العليا في حسم نتيجة الانتخابات، لكن المتابع بدقة لنفوذه سيرى أن هناك ترهلا في هذا النفوذ منذ نهاية ولاية "بوش الابن"، ومغامراته غير المحسوبة في الشرق الأوسط.
وخلال السنوات الأخيرة، كانت رهانات اللوبي الصهيوني خلال الانتخابات الرئاسية خاسرة، فخسروا رهانهم في 2008 عندما دعموا جون ماكين ضد أوباما، وفي 2012 دعم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومعه اللوبي الصهيوني ميت رومني ضد أوباما أيضًا، وكذلك في 2016 عندما دعم هيلاري كلينتون.
الإعلام الأمريكي، والمعروف ولاؤه للوبي الصهيوني، لم يدعم ترامب رغم كل ما قدمه من أجل إسرائيل، فالأموال والإعلام اللذين يملكهما اللوبي الصهيوني لم يعودا قادرين على صد موجات المعلومات على السوشيال ميديا، و77% من أصوات الناخبين اليهود في الولايات المتحدة ذهبت لـ بايدن.
المشهد السياسي الأمريكي ينذر بأن هناك تحولات كبيرة لم تكن في حسبان اللوبي الصهيوني، الذي بات نفوذه متراجعًا.
وهناك نقطة أخرى في مسألة خسارة من دعمهم اللوبي الصهيوني بعد بوش الابن، فأحيانًا يكون هناك انقسام بين التوجه في إسرائيل نفسها كدولة، وبعض رجال الأعمال، فأعضاء اللوبي في أمريكا يميلون في الأغلب لدعم مرشحي الحزب الديمقراطي، في حين أن إسرائيل ذاتها تفضل دعم المرشح الأكثر وعودًا لها، ويتبنى وجهة نظرها في القضية الفلسطينية، وهذا ما حدث في الانتخابات السابقة.
أما فرص نتنياهو في السلطة فلن تتأثر، فرئيس الوزراء الإسرائيلي تولى السلطة بعد شهرين فقط من تولي الديمقراطي باراك أوباما حكم البيت الأبيض في 2009، ومع تضييق أوباما عليه لصالح غريمته تسيبي ليفني، ظهر نتنياهو بصورة البطل أمام أنصاره.
من مصلحة نتنياهو أن يفوز بايدن في الانتخابات، حينها سيحيي الرئيس الأمريكي المحتمل سياسات سلفه أوباما، وسيكون فوزه ذخيرة نتنياهو لمد أمد حكومته، والظهور بمظهر المدافع عن اليمين المتطرف في إسرائيل.
الخلاصة، العلاقات بين واشنطن وتل أبيب مرهونة فقط بالمصالح الإسرائيلية وتنفيذ ساكن البيت الأبيض لها، فهذه ثوابت السياسة الأمريكية الداعمة لإسرائيل.