رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير خارجية اليمن السابق يفتح خزائن أسراره لـ«أمان»: إطالة أمد الصراع في بلادنا فتحت الباب للتدخل التركي والقطري (حوار)

الدكتور أبوبكر القربي،
الدكتور أبوبكر القربي، وزير الخارجية اليمني

• عقلية الانتقام وتصفية الحسابات وراء إطالة أمد الحرب في اليمن

• مبعوثو الأمم المتحدة لم يستوعبوا أسباب وعمق الأزمة السياسية وتأريخها والقوى الفاعلة والمؤثرة فيها

• الحل اليوم يستدعي الدعوة العاجلة إلى عقد مفاوضات للحل السياسي الشامل بين القوى اليمنية دون إبطاء

• إطالة أمد الصراع فتح الباب أمام قطر وتركيا للتدخل في الشأن اليمني

قال الدكتور أبوبكر القربي، وزير الخارجية اليمني الأسبق، والأمين العام المساعد لحزب «المؤتمر الشعبي العام» سابقاً، إنَّ إطالة أمد الحرب في بلاده تفتح الباب أمام توغل دول أجنبية في إدارة الصراع مثل الدعم الإيراني لميليشيا الحوثي.

وأضاف «القربي»، في حوارٍ مع «أمان»، أنَّ القوى السياسية اليمنية سلّمت أمرها إلى قوى إقليمية ودولية دون إدراك منها لخطورة هذه الخطوة، وإلى نص الحوار:

• ما أبرز أسباب الأزمة اليمنية؟

ما يعرقل حل الأزمة السياسية وإنهاء الحرب في اليمن هو سلسلة من الإخفاقات التي أسهمت بها أطراف عدة، أولها الأطراف اليمنية التي تعاملت مع الحرب بعقلية الانتقام وتصفية الحسابات للصراعات القديمة، وتجاهلها حقيقة أن النصر العسكري لن يتحقق لأي طرف من الأطراف، كما لن يقبل اليمنيون لطرف التفرد بالسلطة بالقوة.

لا خلاف على أن الانتماءات الأيديولوجية والمذهبية حق للمواطن ولكن في نفس الوقت لا يمكن فرضها على أحد.

ومن المؤسف أن القوى السياسية اليمنية بدلاً من المبادرة لفتح الأبواب أمام الحل السياسي وإنهاء الحرب، سلَّمت أمر اليمن إلى قوى إقليمية ودولية دون إدراك منها أن هذه الخطوة ستعمِّق فقدان الثقة بينها، وتفتح الباب أمام تجار الحرب وأصحاب المصالح لإطالة مداها، كما أنها تمكن دولا جديدة من الانضمام إلى مربع الصراع إما لتنفيذ أجنداتها أو لتصفية حسابات فيما بينها لتزيد الوضع تعقيداً ومساحة الحرب توسعاً.

كما أن دور الأمم المتحدة ومبعوثيها مع الدول الراعية للحل السياسي في اليمن لم يستوعب أسباب وعمق الأزمة السياسية في اليمن وتأريخها والقوى الفاعلة والمؤثرة فيها والأجندات والمصالح التي تعيق تحقيق السلام وتطيل مدى الحرب.

• هل تعتقد أن المرجعيات الثلاث "القرارات الأممية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني" كافية لإنهاء الأزمة؟

المرجعيات الثلاث تحمل في طياتها عناصر رئيسة لصياغة إطار لاتفاقية للحل السياسي الشامل، إلا أنَّ هذه المرجعيات بعد ما يقرب من 6 سنوات من الحرب تحتاج إلى مراجعة لتأخذ في الاعتبار المتغيرات التي حدثت على الأرض وتزيل ما يهدد سيادة اليمن ووحدته، لأنها إذا لم تعالج ستعيق تحقيق سلام دائم في اليمن.

• هل هناك حاجة لمبادرة جديدة؟

كانت هناك فكرة لتقديم مبادرة مكملة للمبادرة الخليجية، وبحثت مع الأخ يوسف بن علوي، وزير خارجية عمان السابق، مع بداية أزمة عام 2014 معالجة الخلافات التي ظهرت بعد إقرار مخرجات الحوار الوطني الشامل، لكن مجلس التعاون لدول الخليج تردد في مناقشتها في وقتها، وهكذا ضاعت الفرصة.

أما اليوم فالوضع اختلف، ولا داعي لإضاعة مزيد من الوقت، فالحل اليوم يستدعي الدعوة العاجلة إلى عقد مفاوضات للحل السياسي الشامل بين القوى اليمنية دون إبطاء.

• كيف ترى الخلافات القائمة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة برئاسة الرئيس عبد ربه منصور هادي؟

أهم سبب للخلاف القائم بين الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي هو تمسُّك الشرعية بالوحدة، بينما يطالب المجلس الانتقالي بالانفصال، مع الإشكالية في أن المجلس يعتبر نفسه الممثل لكل الجنوبيين وهو تقدير خاطئ لأنه لا يمكن لأي سياسي يمني سواء كان شماليًا أو جنوبيًا أن يتحدث باسم كل اليمنيين ما لم يحصل على تفويض من الشعب عبر صناديق الاقتراع.

هذا لا يعني غياب مظالم وقضية جنوبية ولكن هذه القضايا خصص لمعالجتها فريق عمل في مؤتمر الحوار الوطني الذي وضع لها المعالجات، ومع ذلك يمكن أن يعاد النظر في الحلول خلال مفاوضات الحل السياسي الشامل.

• أعلنت إيران قبل أيام عن تسليح جماعة الحوثي.. كيف ترى هذا الإعلان؟

دعم إيران لجماعة «أنصار الله» (الحوثيين) معروف منذ عام 2008، لكن الحرب عززت من العلاقة بينهما لأن «أنصار الله» كبقية أطراف الصراع بحثت لها عن حليف كما فعل الآخرون. أما إعلان إيران الآن عن تسليحها الحوثيين فالهدف منه التأكيد على أنهم طرف من الأطراف الإقليمية المعنية بالأزمة اليمنية وأنه لا يمكن تجاهل دورها عند حلها.

• كيف تسببت جماعة «الحوثي» وداعموها في إطالة أمد الصراع؟

إطالة أمد الحرب أمر يتحمل مسئوليته جميع الأطراف.. طالما لم يصلوا إلى القناعة بأنه لا وجود لحل عسكري للأزمة اليمنية، وأن مفاوضات الحل السياسي هى المنقذ لهم، فالشعب اليمني سيظل يدفع ثمن الحرب وحده.

• أشارت تقارير إلى وجود دعم تركي وقطري للإخوان والحوثيين وبحث أنقرة إرسال مرتزقة لدعمهم كما فعلت في ليبيا.. كيف ترى هذا الأمر وتأثيره على مسار الأزمة؟

حذرنا منذ البداية إلى أن إطالة مدى الحرب ستفتح الباب لدول إقليمية غير إيران للدخول إلى مربع الصراع في اليمن، إما حماية لمصالحها أو لتحقيق مكاسب لها أو لتصفية حسابات مع خصومها الإقليميين، وهذا هو ما فتح الباب لقطر وتركيا.

• كيف أثر طول الحرب في اليمن على عودة نشاط الجماعات الإرهابية؟

غياب الدولة وسلطتها يؤدي إلى فراغ تستغله الجماعات الإرهابية وتأتي لملئه، وهو ما نراه في العديد من دول المنطقة التي تعرضت لما سمي «الربيع العربي»، لكن انتشارها أصبح أكبر وأخطر نتيجة وجود دول تدعمها وتحولها إلى أذرعة لنشاطها وسيطرتها، وهو ما هو نراه اليوم في اليمن وفي عدد من الدول العربية الأخرى، وهو ما سيشكل عنصراً لعدم الاستقرار والفوضى المدمرة بدلاً من الخلاقة.