رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

داعش يدهس القاعدة في بلاد المغرب العربي.. تنظيم بن لادن في طي النسيان

جريدة الدستور

قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف والإرهاب، لقد تطور الكيان الداعشي منذ ظهوره في 2013 تطورًا كبيرًا من حيث التمدُّد الجغرافي والديموغرافي وطبيعة النشاط العسكري والأماكن المستهدفة. ولعل أهمّ مؤشرٍ على التطور الأكبر لدى "داعش" أنَّها تحولت من حركةٍ محليةٍ داخل العراق إلى إعلانها ما تُطلِقُ عليه زعمًا "الدولة الإسلامية" أو "الخلافة الإسلامية"، وذلك عبر عدة أذرعٍ فرعية حول العالم.

وأضاف المرصد خلال التقرير الذي أعده عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي: أنه من الملاحظ أنَّه مع مراحل التطور المختلف والسريعة لهذا الكيان، تتابَع كذلك تغيُّرُ مُسمَّاه، من "الدولة الإسلامية في العراق" إلى "الدولة الإسلامية" في "العراق والشام" (2013)، ثمَّ "الدولة الإسلامية" (2014).

وأوضح أنه وفقًا لدراساتٍ مختلفةٍ نشرتها جريدة "لوموند الفرنسية"، و"وكالة الأنباء الفرنسية"، وصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، علاوةً على الدراسات الصادرة عن المراكز البحثية الغربية، فقد تطور التنظيمُ في 20 دولة حول العالم على الأقل، 

وقال المرصد أنه منذ إعلان ما يُسمُّونه بـ"الخلافة" في يونيه 2014، تَمَّ انضمامُ 10 من أهم الجماعات المسلحة في إفريقيا والشرق الأوسط، وتحوَّل بالتالي اسم المناطق المسيطرة عليها إلى ما يُسمُّونه "ولايات" تحمل راية "داعش".

ونوه إلي أنَّ قضية أذرع "داعش" هي قضيةٌ أصبحت الآن – لدى بعض المحللين – أهم من قضية تنظيم "داعش" المركزي بـــ"سوريا" و"العراق". ورغم أنَّ الأوضاع على أرض الواقع تشير إلى أنَّ معاقل التنظيم المركزية في سوريا والعراق في سبيلها إلى التلاش، فإنَّ هذا التنظيم "السرطاني" قد دخل في مراحل متقدمةٍ من تفشّي ضرره بجسد المجتمع الدولي، عبر تعديل استراتيجياته وتنوع آليات وتكتيكات عمله.

وتابع المرصد: مع تطور الأحداث وتغيُّر مُجريات الأمور في المنطقة، أضْحَت مراكز الأبحاث تهتم بأذرع "داعش" و"القاعدة" حول العالم، والتي من المحتمل أنْ تتحوَّل إلى تنظيماتٍ مركزيةٍ في الفترة المقبلة. ومع تتبُّع المستجدات حول العمليات المسلحة للجماعات التي بايعت "داعش"، لمس مرصدُ الأزهرِ نشاطًا نوعيًّا لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وبعض الفصائل المُنشقّة عنه، والتي بايعت "داعش"، وانحلّت من ولائها لتنظيم "القاعدة"، مثل فصيل "جند الخلافة" وغيره.

وأكد أن الأخطر في الأمر أنَّ هذا التنظيم، الذي يصفه البعض بالتنظيم المَنسي (وذلك لعدم تسليط الأضواء الإعلامية عليه بشكلٍ كافٍ)قد بدأ يستعيد عملياته النوعية "القوية" ضد كُلٍّ من المدنيين والجنود، وذلك عبر مناطقَ متراميةٍ في دول: ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا والنيجر ومالي وتشاد.

وأشار المرصد أنه أعد هذا التقرير لتسليط الضوء على "الأذرع المنسيّة لهذا التنظيم"، والتي ربما يُفاجأُ العالم بتحوّلها يومًا ما إلى تنظيمٍ مركزيٍّ أشدِّ ضراوةٍ وخطورةٍ من "داعش"، وأجاب المرصد عن جميع التساؤلات الوادرة بشأن تنظيم القاعدة المنسي في بلاد المغرب الإسلامي.

نشأت التنظيم

كانت الجماعة الإسلامية المسلحة بــــ"الجزائر" بمثابة الجماعة الأم للعديد من الجماعات والفصائل المسلحة التي خرجت من رحمها، والتي وصل بعضها إلى أبشع صور الإرهاب.

تولى القيادة الأولى لتلك الجماعة "منصوري الملياني"، وكان ذلك فور تشكيلها في 1992، وذلك عقب إلغاء نتائجَ الدورة الأولى من الانتخابات البرلمانية في "الجزائر" (ديسمبر 1991)، والتي أظهرت –آنذاك- تَقدُّم الجبهة الإسلامية للإنقاذ (أحد أكبر أحزاب المعارضة الإسلامية).

ومع بدء انهيار الجماعة الإسلامية، وتسليم عددٍ كبيرٍ منهم السلاح في عام 1998، ظهر فصيلٌ مسلّحٌ سُمّي بالجماعة السلفية للدعوة والقتال بــــ"الجزائر"، والذي كان نسيجًا من بعض عناصرَ ومقاتلي "الجماعة الإسلامية"، وبعض أعضاء "الجيش الإسلامي" للإنقاذ (التابع للجبهة الإسلامية للإنقاذ)، وجماعاتٍ أخرى، وكان أوّل قائدٍ لها "حسّان حطّاب"، أحدُ زعماء الجماعة الإسلامية السابقين.

وفي عام 2003 بدأت نزعاتٌ وأصواتٌ من داخل الجماعة السلفية تسيرُ نحو مبايعة تنظيم "القاعدة"، وهي الفكرة التي عارضها "حسّان حطّاب"، وأدَّت لاحقًا إلى عَزْلِهِ من قيادة الجماعة التي تحوَّلت إلى "تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي".

وبعد انفصال "مختار بلمختار" عن جماعة تنظيم "القاعدة" في المغرب العربي، ذلك المقاتل الجزائري الأصل العائد من "أفغانستان"، أسَّس ذلك الأخير فصيلًا أُطلِقَ عليه "المُلثَّمون" والذي عُرِفَ لاحقًا بما يُسمّى: "الموقِّعون بالدم".

وقد نفَّذ هذا الفصيل واحدةً من أعنف الهجمات دمويةً بالمنطقة، وهو تفجير إحدى المنشأت الحيوية بــــ"عين أمناس"، جنوب شرق الجزائر في يناير 2013، (والتي شارك فيها أربعون من مقاتليه). وقد خلَّف هذا الهجوم وراءه عشرات القتلى والمصابين في صفوف العمال من جنسياتٍ أجنبيةٍ مختلفةٍ. كما يُنسب لهذا التنظيم تنفيذ عمليات ضدّ الجيش الموريتاني والنيجيري.

ظلَّ تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، تحت إمرة تنظيم "القاعدة" الرئيسي حتى جاء عام 2014 ليشهدَ انشقاقَ فصيلٍ عنه سُمّي بـ"جند الخلافة"، والذي أعلن مبايعته لتنظيم "داعش"، وتبنَّى أيديولوجيته، وعَمِل تحت إمرة "خليفته" المزعوم "أبي بكر البغدادي".

ووفقًا لـ "ألان رودير"، وهو ضابطٌ كبيرٌ سابقٌ في المخابرات الفرنسية، ونائب مدير المركز الفرنسي لبحوث الاستخبارات (CF2R)، فقد نشر تنظيم "داعش" في "ليبيا" - فى 22 و23 من أغسطس 2015 - طلبَ بحثٍ عن "مختار بلمختار" زعيم تنظيم "القاعدة" فى غرب إفريقيا، وذلك في مخطط "داعش" لاستهداف أفرادٍ وكوادرَ منتسبين لتنظيم "القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي".

وفي ردِّه عن تساؤل صحيفة "اتلانتيكو" حول كيفية فهم الصراع بين تنظيم "القاعدة" وتنظيم "داعش"؟، أجاب "ألآن رودير" قائلًا: إنَّ ما يحدث في الوقت الحالي في منطقة الساحل يمكن النظر إليه فى إطارٍ أوسع للصراع على فرض السلطة بين داعش والقاعدة. إنَّها حربٌ أبدية بين هاتيْن الحركتيْن اللتيْن تشتركان في نفس الأيديولوجية المتطرفة. وهي في ذات الوقت تمثل "تنازع أشخاص"، فـــ"البغدادي" – زعيم "داعش" - يرفض الاعتراف بسلطة "الظواهري" - زعيم "القاعدة" - ويحاول محاصرته تحت رايةٍ مُجمّعةٍ للجماعات المسلحة النشطة على هذا الكوكب.

وفي عام 2011، ارتبطت شبكة "محمد جمال"، في علاقة مباشرة مع قائد تنظيم "القاعدة" "أيمن الظواهري". وكان لهذه الشبكة صلاتٌ مع فروع "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" في منطقة "الساحل" وفرعها في "جزيرة العرب" (تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية) في "اليمن".

وقد رحل رجال من هذه الشبكة إلى "سوريا" للتدُّربِ على تقنيات القتال مع "جبهة النصرة"، وانضمُّوا بعدها إلى "أنصار بيت المقدس"، وشكَّلوا خليةً قامت بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية. 

ومنذ ذلك الحين، تَمَّ انتقال بعض كوادر هذه الشبكة إلى جماعة "المرابطون"، تلك الجماعة التي كان يتزعمها "مختار بلمختار"، والتي اتَّحدت في مارس 2017 مع كُلٍّ من جماعة "أنصار الدين" و"إمارة منطقة الصحراء الكبرى"، وكتائب "ماسينا"؛ لتكوِّن جماعة "أنصار الإسلام والمسلمين".

ويظهر الشكل البياني التالي، كيف نشأ هذا التنظيم وإلى أية مرحلةٍ من التطور والانشقاق قد وصل:

إلى أي جيل ينتمي ذلك التنظيم ؟

بالعودة تاريخيًا إلى ما صرَّح به أمير "الجيش الإسلامي" التابع للجبهة الإسلامية للإنقاذ في عام 1991 "مدني مزراق"؛ حيث صرَّحَ بأنَّ الفرق بينهم وبين الجماعة الإسلامية المسلحة كبيرٌ جدًا. من هنا نرى بأنَّ الخلفية الأيديولوجية للتنظيم هي خلفيةٌ مزدوجةٌ؛ بمعنى أنَّ هذيْن التنظيميْن "الجماعة الإسلامية المسلحة" و"جيش الإنقاذ" الذي انبثق منهما تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" قد دُمِجَ بين أفكارهما، مع التخلي عن بعض المبادئ، لنحصلَ في نهاية الأمر على تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والذي يُعَدُّ من أبرز مبادئه:

1-"التكفير"، ولكن ما يفرق تنظيم "القاعدة" وباقي جماعات الجيل الثاني عن "داعش" هو كون الأوّل يتبنَّى تكفير الحُكّام "المفرِّطين في تطبيق الشريعة والمطبعين مع دول الكفر الغربية"، ولا يتطرَّقون إلى تكفير العوام بأعينهم، وإنْ كان البعض منهم يتبنَّى فكرة تكفير المجتمع تكفيرًا عامًّا لا تكفيرًا عينيًّا لكل فرد من أفراده.

2-التنظيم يؤمن بما يُسمّى "المفاصلة المسلحة" مع أنظمة الحكم في الدول العربية والإسلامية وحلفائهم في الغرب، وتعتمد طبيعة هذه المفاصلة والفئات المستهدفة منها حسب درجة التكفير التي تتبنَّاها الجماعة، والتي تتفاوت مع تفاوت الظروف الزمانية والمكانية، وتؤثّر بلا شك على فتاوى مرجعياتهم الفكرية، كما كان الأمر مع فتاوى "أسامة بن لادن" وغيره من مرجعيات تنظيم "القاعدة".

لكن علينا هنا أنْ ننوِّه إلى أمرٍ غايةٍ في الأهمّية، وهو أنَّ هناك فصيلًا منشقًّا عن "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وهو ما يُعْرَف بتنظيم "جند الخلافة" وهذا التنظيم قد بايع "داعش" في 2014، لينتقلَ بمبايعته هذه إلى مرحلة "الجيل الثالث" الذي يتبنَّى أيديولوجيةً تكفيريةً هي الأشرسُ والأكثر تطرفًا في العصر الحاضر، بل يتبنَّى بعض فصائلها "تكفير العوام من الناس بأشخاصهم". كما تتبنَّى تلك الجماعات استراتيجيةً في المفاصلة المسلحة تُعَدُّ الأفظع على مدار تاريخ الجماعات المسلحة المتطرفة.

وعلى وجه الخصوص، نفَّذت عناصر "جند الخلافة" عددًا من الهجمات الإرهابية التي استهدفت قوات الأمن، وبعض المؤسسات التونسية، وعددًا من المدنيين. كما قامت – وفق ما تناقلته وسائل الإعلام – بتنفيذ عملية قطع للرؤوس في نوفمبر 2015. كما قامت بهجومٍ على دوريةٍ عسكريةٍ في "معتمديةِ سبيبةٍ" بمنطقة "القصرين" خلَّف وراءه 5 قتلى و8 جرحى.

ومن أشهر ما تبناه تنظيمُ "جند الخلافة" ذلك الهجوم الدامي الذي استهدف متحف "باردو" بتونس في مارس 2015، وأحدث صدمةً للعالم كلِّه، لما خلَّف وراءه من ضحايا يَربُو عددُهم على 20 قتيلًا، وما يقارب الخمسين من الجرحى من مختلف الجنسيات.

وبعد وقوع هذا الحادث المروِّع، تبنَّى تنظيمُ "جند الخلافة" العملية في بيانٍ صوتي جاء فيه: "انطلق فارسان انغماسيَّان من فرسان دولة الخلافة، وهما: أبو زكريا التونسي، وأبو أنس التونسي، مدجَّجين بأسلحتهما الرشاشة، والقنابل اليدوية، مستهدفين متحف باردو، والذي يقع ضمن المربع الأمني للبرلمان التونسي.". كما جاء فيه أيضًا: "إنَّ ما رأيتموه اليوم أوّل الغيث بإذن الله. ولن تهنأوا بأمنٍ أو تنعموا بسلامٍ وفي الدولة الإسلامية رجالٌ كهؤلاء لا ينامون على ضيم".

وفي بيانٍ يحمل توقيعَ سريةِ "طارق بن زياد" التابعة لكتيبة "جند الخلافة" – والتي لم تكنْ بايعت "داعش" بعد – تبنَّت هذه الكتيبة الهجوم الإرهابي الذي استهدف مدرسةً يهوديةً بمدينة "تولوز" الفرنسية – في 19 من مارس 2012 - وأدَّى إلى وفاة أربعة من بينهم 3 أطفال من عائلاتٍ يهودية. وجاء في هذا البيان: "في يوم الثلاثاء 19 مارس انطلق أحد فرسان الإسلام أخونا "يوسف الفرنسي" في عمليةٍ هزَّت أركان الصِّهيوصليبة في العالم كلِّه، وملأت قلوب أعداء الله رعبًا."

أماكن تحركات التنظيم

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "لوموند دبلوماتيك" الفرنسية المتخصّصة، فإنَّ تنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" يتحرّك في منطقةٍ واسعةٍ منْ الأراضي التابعة لكلٍ من: الجزائر – ليبيا – مالي – موريتانيا – النيجر – المغرب – تشاد – تونس.

 طبيعة العلمليات التي ينفِّذُها التنظيم

من المهم جدًا لتفهم طبيعة العمليات التي ينفِّذها تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" أنْ نُفرّق بينه وبين الفصائل التي انفصلت عنه وبايعت "داعش"؛ فلِكُلٍّ أهدافه واستراتيجياته القتالية. ولعل في هذه النماذج التي سنوردها توضيحٌ لطبيعة تلك العمليات:

1-جماعة "جند الخلافة".. والجهاد الدولي:

قامت جماعة "جند الخلافة" المنفصلة عن تنظيم "القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي" والمبايعة لــ"داعش" كما ذكرنا، بالتوقيع بالمشاركة فيما يسمى بـ"الجهاد الدولي"؛ حيث قامت باختطاف دليل الجيش الفرنسي "هيرفي جوردل" واغتياله في 24 من سبتمبر 2014، وكان ذلك بعد مبايعتهم لـــ"داعش" بعشرة أيام، وقُتِلَ من هذه الجماعة "عبد المالك جوري"، مع اثنيْن من مساعديه، على يد الجيش الجزائري في أواخر عام 2014. ومنذ ذلك الحين، اشتعلت وتيرة القتال بينهم وبين قوات الأمن من ناحية، و"القاعدة في المغرب الإسلامي" من ناحية أخرى.

2-هجوم "أبيدجان" عام 2016:

نشرت صحيفة "Le Figaro" الفرنسية بتاريخ 13-3-2016 خبرًا حول الهجوم المسلّح الذي تبنَّاه تنظيم "القاعدة ببلاد المغرب"، والذي استهدف فندقًا في منتجع سياحي لبلدةٍ ساحليةٍ تبعد حوالي أربعين كيلو مترًا، شرق العاصمة "أبيدجان"، على يد مجموعةٍ من ستة رجالٍ مسلّحين، والذي أسفر عن مقتلِ 16 شخصًا، من بينهم فرنسيٌّ. ووفقًا لعددٍ من الشهود، فقد قام بالهجوم ستة مهاجمين ملثمين، مسلحين ببنادق آلية، فتحوا النار عشوائيًّا، بالقرب من فندق نجمة الجنوب، ووفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية، فإنَّ أحد المهاجمين كان يحمل بندقية كلاشينكوف وحزامًا ناسف. كما استهدف الهجوم أيضًا الفندقيْن المجاوريْن، فندق "شاطئ كورال"، و"نزل باسامواز".

3- هجمات "واجادوجو": 

نشرت صحيفة "Liberation " الفرنسية بتاريخ 17-1-2016 خبرًا حول عودة الجماعة التى يقودها "مختار بلمختار" إلى حضن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، لارتكاب هجمات "واجادوجو"، بعد سنواتٍ من القطيعة. كما أنَّ أعمال القتل التى نُفِّذَت ليلة الجمعة إلى يوم السبت (15-16 يناير 2016)، من قِبَلِ ثلاثة مسلّحين، في فندقٍ وحاناتٍ في العاصمة "بوركينا فاسو"، أسفرت عن مقتل 27 شخصًا، وتبناها تنظيمُ "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وتنظيم "المرابطون". 

وكان هذان التنظيمان اللذان ينشطان في منطقة الساحل في علاقاتٍ مضطربةٍ خلال السنوات الأخيرة، ولكنَّهما توصَّلا إلى تحالفٍ جديدٍ في ديسمبر 2015 بعد الهجوم على فندق "راديسون بلو باماكو"، والذي أسفر عن مقتل 22 شخصًا، وفق ما ذكرت الصحيفة.

كما تناقلت بعض وسائل الإعلام عددًا من العمليات المسلّحة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والتي راح ضحيتها عددٌ كبيرٌ من العسكريين والمدنيين، كان من أهمّها:
• في أبريل من عام 2007، تمَّ تنفيذُ هجومٍ بسياراتٍ مفخخةٍ ضدَّ قصر الحكومة الجزائرية ومركز للشرطة في الجزائر العاصمة، وأودى بحياة 30 شخصًا وأكثر من 200 جريحٍ.

• وفي ديسمبر 2007، تمَّ تنفيذ هجوم بالجزائر العاصمة خلَّف وراءه أكثر من 60 قتيلًا.

• في فبراير 2008، تمَّ اختطافُ سائحَيْن يحملان الجنسية النّمساوية في جنوب تونس.

• في يناير 2009، تمَّ اختطافُ أربعة سائحين من حاملي الجنسية البريطانية في مالي.

ومن خلال هذه النماذج، يمكننا أنْ نستنتجَ أنَّ هذا التنظيم – من خلال تبنِّيه لعملياتٍ راح ضحيتها مسلمون وغيرُ مسلمين على الرغم من أنَّه يستخدم نفسَ الذرائع "المشرعِنة" للعمل المسلّح لدى الجماعات المسلّحة بشكلٍ عام، مثل "التَتَرُس " و"دفع الصائل، فإنَّ الفصائل التي بايعت "داعش" كان لدى أغلبهم مبرراتٌ أكثر للقتال وتجرؤٌ أقوى على قتل المسلمين الذين يصفون معظمهم بأنَّهم "كافرون كفرًا عينيًّا" مثلما شاهدنا في ذراع "داعش" في "سيناء".

وقال المرصد في ختام التقرير الذي أعده عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وأذرعه والفصائل المنشقة عنه، يمكننا الوصول إلى حقيقتيْن غايةً في الأهميّة: 

الحقيقة الأولى هي أنَّه لا يمكنُ فهم طبيعة أيٍّ من الجماعات المسلحة دون الوقوف على روافدها الفكرية والتاريخية والسياسية والاجتماعية، كما هو الحال في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، والذي يُعَدُّ التنظيم المستجمِع للتنظيمات المسلحة في الشمال الغربي لإفريقيا، وهو في ذات الوقت نقطة انطلاقٍ للعديد من الفصائل المسلّحة المتواجدة بقوةٍ في المنطقة، حتى مع الضعف النسبي للتنظيم الأصلي.

الحقيقة الثانية: هي أنَّ مناطق "شمال" و"وسط" و"غرب إفريقيا"، بتعدد الفصائل المسلّحة النشطة بها، تُعَدُّ من أهم المناطق المحتملة لأنْ تكونَ انطلاقًا لما يُسمّى "بالجيل الرابع من الجماعات المسلحة" والذي ربّما يَحملُ للبشرية خطرًا لم تشهده من قبْل.