رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وجهان لعملة واحدة

جريدة الدستور

لا شك في أن الأمة تعرضت في المائة عام الأخيرة إلي إبعاد متعمد عن صحيح دينها، فقدم لها منهج الخوارج علي أنه الإسلام، وزاد إقبال الناس عليه، واشتهر به دعاة أصبحوا أعلامًا عليه، وتحول دين الله إلي رغبات سياسية لجماعات التطرف، وبات كثير من المسلمين، خاصة الشباب، فرائس لهذا الفكر الذي استغل أزمات الأمة في تجنيد الأتباع، ولك أن تعلم أن الأمة عانت من هذا الفكر الضال في جميع مراحلها منذ أن جاء ذو الخويصرة إلي النبي، صلي الله عليه وسلم، يقول له: اعدل يا محمد، وقال له النبي: ويحك، فمن يعدل إذا لم أعدل. إلي يومنا هذا بل إلي أن يخرج في عراضهم الدجال كما قال سيد الخلق، فما تكاد الأمة تستريح بعض الوقت منه إلا ويعاود الظهور مرة ثانية.

هذا التطرف الديني يواجهه تطرف علماني لا يقل خطورة عنه، يريد أن ينسلخ المسلمون نهائيًا عن دينهم!!، يري الدين سببًا في تخلف الأمة!، وأن تقدمها مرهون بابتعادها عنه، خاصة وهو يري ما وصل إليه الغرب من تقدم مادي ورخاء اقتصادي، تتاح لهم الفرص في وسائل الإعلام وتفرد لهم المساحات في الصحف، يقدموا علي أنهم النخبة المثقفة وهم أبعد ما يكونون عنها، لا هم لهم إلا افتعال الأزمات بالقدح في ثوابت الأمة، فتارة هجمة علي الحجاب وإنكار لفرضيته، وتفسير عجيب لآيات الحجاب، وتارة هجمة علي الإمام البخاري وصحيحه، لا بالنقد بل بالسباب والشتم، وتارة إنكار للسنة الصحيحة وإنكار العذاب القبر ونعيمه، وليس هناك مانع من تناول النبي موسي والنبي محمد، عليهما السلام، بما لا يليق بمقامهما الرفيع.

والعجيب أن التطرف الديني والتطرف العلماني يمثلان وجهان لعملة واحدة وهي الإساءة إلي الإسلام، بل ويغذي كل منهما الآخر، فالتطرف الديني يعطي مبررًا للعلمانيين في إبعاد المسلمين عن دينهم والنيل من ثوابتهم بحجة محاربة التطرف، والعلمانيون يعطون التطرف الدينى مبرر وجوده بحجة مواجهة الحرب علي الدين.

ومن هنا كان من الواجب علي الدولة متمثلة في أزهرها الشريف مواجهة كلا الفكرين الضالين بمنتهي القوة والصرامة، وإفقادهما مبررات وجودهما، بنشره الإسلام الصحيح، وتقوية دعاته علميًا، ولا بد من فضائية تكون خاصة بالأزهر الشريف، والتعجب لماذا لم تنشأ حتي الآن؟!.
حفظ الله أمتنا من كل مكروه وسوء.