رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فهمي : العلاقات المصرية السودانية لن تتأثر بتغير أنظمة الحكم

 فهمي : العلاقات
فهمي : العلاقات المصرية السودانية لن تتأثر بتغير أنظمة الح

أكد وزير الخارجية نبيل فهمي أن العلاقات المصرية السودانية خاصة وفريدة، ولا يمكن تقييمها بمعايير قديمة أو نمطية، مشيرًا إلى أنها لا تتأثر بتغيير أنظمة الحكم أو التوجهات الفكرية، واصفًا العلاقة بالجوار الجغرافي والميراث التاريخي والالتحام بين شعبي وادي النيل .

وقال فهمي ـ في حوار نشرته صحيفة (أخبار اليوم) السودانية اليوم الخميس - : "إن قراري الواضح منذ توليت مهام منصبي في شهر يوليو الماضي هو ضرورة أن تكون الخرطوم المحطة الأولى في جولاتي الخارجية للتأكيد على خصوصية العلاقة بين البلدين وعدم تأثرها بأي تغيير في النظم الحاكمة " .

وأضاف: " أعتقد أن الزيارة التي قام بها وزير خارجية السودان إلى القاهرة مؤخرًا، واللقاءات الثلاث التي جمعت بيني وبينه على مدار الأيام الماضية في مناسبات مختلفة، تؤكد جميعها أن هناك رغبة مشتركة لدى الطرفين للنهوض بالعلاقات الثنائية إلى مستواها الطبيعي تحقيقًا لتطلعات الشعبين؛ المصري والسوداني " .

وبشأن موضوع سد النهضة والموقف السوداني منه، أكد فهمي أن مصر تدرك من البداية أن كل دولة من الدول الثلاثة (إثيوبيا والسودان ومصر) لها رؤيتها وتقييمها الخاص لهذا المشروع، والذي لا نتوقع أن يكون متطابقًا؛ لأن تلك هي طبيعة الأمور، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد مسئولية على الدول الثلاث للجلوس سويًا من أجل التوصل إلى تفاهمات مشتركة تحقق المنافع للجميع، وتحول دون وقوع أضرار على أي طرف .

وقال: إن مصر قدرت الجهود التي قامت بها الخرطوم خلال جولات التفاوض الفنية الثلاث لمحاولة التوصل إلى التفاهمات المنشودة ، وتأمل في أن يستمر السودان في القيام بهذا الدور الإيجابي، وأن يسعى لمحاولة تنحية المصلحة الخاصة التي يُتوقع أن تعود عليه من بناء السد، في مقابل تسهيل التوصل إلى اتفاق يحقق مصلحة الدول الثلاث دون الإضرار بأي طرف .

وبشأن مسألة حلايب، قال فهمي: " إن هذه المسألة تأخذ أكثر من حجمها نتيجة التناول الإعلامي غير المسئول لها، والذي يبحث دومًا عن فرقعة إعلامية لمحاولة اختلاق مشاكل لا وجود لها على أرض الواقع".

وأوضح أن الاهتمام المصري الأخير والملحوظ بمدينة حلايب هو اهتمام طبيعي من دولة تقوم بمراجعة شاملة لإمكاناتها ومواردها لوضع أسس سليمة لتنمية اقتصادية واجتماعية شاملة تعالج بها أمراض وآفات سنوات طويلة مضت، وليس الهدف منها توجيه أية رسائل سياسية لأي طرف .

وأشار إلى أن مصر منفتحة دائمًا للتعاون وتحقيق التكامل الاقتصادي المطلوب مع دول الجوار الجغرافي لها، وفى مقدمتها السودان، ومن خلال برامج ومشروعات تنموية تستهدف تطوير المناطق الحدودية بشكل يعزز من حركة انتقال المواطنين والبضائع وتحقيق مصالح الشعبين "المصري والسوداني"، كما أن مصر حريصة كل الحرص على إقامة علاقة قوية وإيجابية مع السودان، تقوم على التعاون والعمل المشترك واحترام سيادة كل دولة، من أجل مصلحة شعبي وادي النيل .

وحول اتفاقية الحريات الأربع، أوضح وزير الخارجية أن هناك مصلحة مشتركة للبلدين في تنفيذ اتفاقيات الحريات الأربع، وإلا لم يكن هناك داع للتوقيع عليها من البداية، لافتًا إلى أن هناك لجانًا مشتركة قائمة بالفعل تبحث كيفية تنفيذ كل تلك الاتفاقيات، وإزالة المعوقات التي تطرأ على بعضها بين الحين والآخر .

وقال: "إنه من المهم ألا نتعامل مع هذا الموضوع بقدر مبالغ فيه من الحساسية، فلكل دولة شواغلها واعتباراتها الداخلية التي تتغير مع تغير الظروف، ومن المهم في العلاقات بين الأشقاء، أن يكون هناك تفهمًا لتلك الاعتبارات والشواغل، ولطبيعة الظروف التي تمر بها كل دولة، وتجنب القفز إلى استنتاجات غير دقيقة وفى غير صالح تحقيق الهدف النهائي المطلوب".

وأشار إلى أن هناك قواعد وقوانين تتعلق بحق التملك في السودان، وهى تقف عائقًا أمام التنفيذ الكامل لهذا الحق في الاتفاقية، وعلى الجانب الآخر، هناك ظروف استثنائية تمر بها مصر تفرض عليها تشديد إجراءاتها الأمنية، وهو إجراء بطبيعته يفرض قيودًا ويضع ضوابط على مسألة منح تأشيرات الدخول .

وأكد على ضرورة توافر الإرادة السياسية للتعاون والرغبة في إزالة المعوقات وتفهم شواغل واعتبارات الطرف الآخر، مشيرًا إلى ثقته في أن المرحلة القادمة سوف تشهد انفراجة في العديد من الموضوعات الثنائية العالقة، وهذا هو ما تم الاتفاق عليه بالفعل خلال لقاءاتي الأخيرة مع وزير خارجية السودان .

وحول إستراتيجية التحول نحو أفريقيا ، قال فهمي: "نحمل رؤية واضحة للتحرك في أفريقيا، بل وأكثر من ذلك نعمل بشكل مستمر على تطوير هذه الرؤية للتواكب مع العديد من المتغيرات التي تشهدها القارة الأفريقية والعالم من حولها " .

وأضاف: إن أفريقيا كانت دومًا في مقدمة أولويات السياسية الخارجية، وأحد الدوائر الحيوية الرئيسية لدور مصر الخارجي، ولقد أسهمت مصر خلال هذه العقود في العديد من القضايا المهمة التي ارتبطت باستقلال ومصير الشعوب الأفريقية، وهو ما خلق رصيدًا كبيرًا لمصر لدى شعوب القارة، لا سيما في دعم حركات التحرر واستقلال الدور الأفريقي وإعانتها على بناء مؤسسات الدولة وامتلاك مقومات الاستقلال الاقتصادي والسياسي .

وتابع: " إن ما نهدف إليه الآن هو تعزيز مساهمة مصر في جميع هذه القضايا الحيوية، وتدعيم موقف أفريقيا في المنظومة الدولية فيما يتعلق بجميع هذه القضايا، ونحن نقوم في هذا الإطار بالعديد من المبادرات على المستوى الوطني وكذلك على المستوى الإقليمي"، مشيرًا إلى قرار إنشاء الوكالة المصرية الجديدة للشراكة من أجل التنمية التي تهدف إلى تعزيز الدعم الفني المقدم من مصر لدعم عمليات التنمية بالدول الأفريقية الشقيقة .

ونوه بأنه قام حتى الآن بست جولات في القارة الإفريقية، مشددًا على أن مسألة استعادة مصر لدورها ومكانتها في القارة الإفريقية يأتي على رأس أولويات مصر بعد الثورة باعتبار أن جذورنا أفريقية، لافتًا إلى أن هناك ترحيبًا أفريقيًا كبيرًا بعودة مصر إلى أفريقيا وعودة أفريقيا إلى مصر .

وفيما يتعلق بموقف الاتحاد الأفريقي، قال فهمي: "لا أرى ضرورة للاستطراد كثيرًا بهذا الخصوص، رؤيتنا لموقف الاتحاد الأفريقي بات معلومًا، والاتحاد الأفريقي أقر في مناسبات بقصور المواثيق الأفريقية عن التعامل مع حالات الثورات الشعبية مثل تلك التي تشهدها مصر، وحاجة تلك المواثيق للمراجعة " .

وقال فهمي: " إن هناك الكثير من التطورات التي شهدتها الشهور الماضية، لعل أبرزها رسائل الدعم والمساندة التي تصلنا بشكل متواصل من أشقائنا الأفارقة عبر وفود رفيعة المستوى ومبعوثين رئاسيين، ذلك إلى جانب البيانات الصادرة عن تجمعي الكوميسا والساحل والصحراء اللذين يضمان في عضويتهما أكثر من نصف الدول الأفريقية، للإشادة بالتقدم المحرز في خارطة الطريق وإدانة ما تشهده مصر من أعمال إرهاب والإعراب عن تطلعهم لعودة مصر لاستئناف مشاركتها في أنشطة الاتحاد الأفريقي في أقرب وقت، وهي مواقف تعكس وجود فهم أعمق لدى الدول الأفريقية بطبيعة التحديات التي تشهدها مصر، كما تعكس إدراكًا بحاجة القارة الأفريقية والاتحاد الأفريقي لعودة مصر لممارسة دورها المحوري " .

وأضاف: " بغض النظر عن تجميد مشاركتنا في الاتحاد الأفريقي، فإن دور مصر الحيوي والمحوري في حفظ السلم والأمن في أفريقيا والشرق الأوسط والعالم لا يمكن إغفاله، ولم يتأثر على الإطلاق بموقف الاتحاد الأفريقي أو بالأوضاع الداخلية التي تمر بها البلاد، بل على العكس فإن الأشهر الماضية شهدت المزيد من المساهمات المصرية في قضايا السلم والأمن على الصعيد الأفريقي، ومن ذلك مشاركتنا مؤخرًا بوحدة شرطة عسكرية في بعثة حفظ السلام الأممية في مالي، إلى جانب مشاركاتنا المتعددة في بعثات حفظ السلام الأخرى في الدول الأفريقية، وكذلك على مستوى الشرق الأوسط والمستوى الدولي، فضلا عن المبادرة المصرية التي تم إعلانها خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة سبتمبر الماضي لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل " .

وبشأن العلاقة مع جنوب السودان أكد نبيل فهمي أنها علاقة إستراتيجية، وترتبط بمصالح مشتركة وميراث تاريخي من العلاقات، وليس خفيًا أن جنوب السودان يمثل عمقًا إستراتيجيًا لمصر، وأن استقرار أوضاعه وسلامه الاجتماعي يعد جزءًا لا يتجزأ من الأمن القومي المصري .

وأشار إلى أنه ليس مستغربًا أن تجد مصر حريصة على أن تكون قريبة من متابعة الأحداث الجارية في جنوب السودان منذ اندلاع الأزمة الأخيرة، ومستعدة لأن تقدم كل الدعم المطلوب لتسوية الخلافات بين الأطراف المتنازعة، وهي في ذلك تدعم بوضوح جهود تجمع الإيجاد للتسوية السياسية للأزمة، مؤكدًا أن مصر ساهمت ولا تزال تساهم بالكثير، من أجل المساعدة في إعادة بناء وتعمير جنوب السودان بعد الاستقلال، وقدمت مصر برامج ومشاريع تنموية عديدة لمساعدة شعب وحكومة جنوب السودان لمواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية والإنسانية التي واجهت دولة الجنوب الوليدة .