رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دعوى الجاهلية

جريدة الدستور

"واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا....." اية فى كتاب الله نزلت عندما ترك المسلمون وحدتهم للحظات وتعصب كل منهم لقبيلته ،وسمعت صيحات (واه للمهاجرين) و(واه للأنصار) فيسرع اليهم نبى الاسلام - صلى الله عليه وسلم - ويقول لهم (أدعوى الجاهلية وأنا بين ظهرانيكم؟!! دعوها فإنها منتنة ).

فقد جاء ليوحدهم ويصهر أجناسهم فى بوتقة الإسلام بعيدا عن التعصب للقبيلة أو العائلة أو الحزب
واذا كان التعصب للمهاجرين أو الأنصار- وهم خير الخلق بعد الأنبياء- أمرا منتنا فإن التعصب الى من هم دونهم أشد نتنا بلا شك.

وقد برأ الله نبيه من تلك العصبيات التى تصنع لأنها ليست من الإسلام فى شىء فقال لنبيه "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء" فليس على المسلم الا أن يتبع منهج النبى صلى الله عليه وسلم ،ثم يكون مقياس التفاضل عند الله " إن اكرمكم عند الله أتقاكم" وليس المقياس الإنتماء الى جماعة كذا أو قبيلة كذا أو حزب كذا.

والناظر فى تاريخ دولة الاسلام منذ الفتنة الكبرى الى يومنا هذا يجد أن كل ما تشكل من فرق وأحزاب لم يكن فى صالح لا الدين ولا الدولة منذ الخوارج والشيعة مرورا بالحشاشين وإخوان الصفا الى فرق واحزاب عصرنا الحديث، بل كانت هذه الفرق والأحزاب خنجرا فى خاصرة الدين والدولة معا !!.

فكل من هذه الفرق مثلت دولة باطنية لها ولى أمرها الذى تجب له البيعة وتخلط بين تنظيمها والإسلام وترى فى نفسها الجماعة الربانية التى يجب على كل مسلم أن ينتمى إليها وأن من ينتمى إلى غيرها غير مكتمل الإسلام والإيمان مثلما رأينا من صبحى صالح القيادى الإخوانى عندما تحدث فى فيديو مشهورإلى شباب الجماعة مطالبا إياهم أن يتزوجوا من أخوات الجماعة لا من غيرهن لأنهن الأكمل إسلاما، مستشهدا بقوله تعالى "اتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير" !!.

والواقع يشهد أن هذه الجماعات ربما تتحد مع بعضها لمواجهة خطر مشترك أو من أجل مصلحة مشتركة ثم ما تلبث أن يكفر بعضها بعضا وتتصارع فيما بينها بعد ذلك فتضيع من خلال هذا الصراع بلادا وتشرد شعوبا وتهدم مدنا على رؤوس ساكنيها.

حدث هذا فى افغانستان والصومال ثم فى ليبيا وسوريا ومازال يحدث إلى الآن فى العاصمة الليبية طرابلس، فهل اضافت تلك الأحزاب والفرق شيئا الى بلدانها ؟!، هل زادت وحدة الأمة من خلالها أم استعملت هذه الفرق والأحزاب ومازالت تستعمل من أعداء الأمة فى تدميرها وأصبحت مرتعا لأجهزة استخبارات الأعداء ؟!.

إن وحدة الأمة مرهونة اليوم بالقضاء على مثل هذه الفرق والحزبيات ويبقى للمسلم أن يتمسك بكتاب الله وسنة رسوله ، ويكفيه فخرا "هو سماكم المسلمين"